الايام نيوز
الايام نيوز

*دولة القانون* *العمل العام*

الخرطوم:الايام نيوز

يستغرب الكثيرون من استمرار فشلنا الذريع في الوصول إلى مخرج سياسي والشروع في استثمار إمكانياتنا وثرواتنا المعنوية والمادية اللا محدودة.

بالطبع هذا الوضع الشاذ سيستمر طالما أن الأمراض الاجتماعية المزمنة التي أدت للواقع ما زالت مستعصية العلاج. الإشكال ببساطة في أننا كسودانيات وسودانيين لم نترب على أساسيات العمل الجماعي المتمثلة في:

*الأساس الأول*: ضرورة تحديد الهدف النابع عن مصلحة مأمولة أو مبتغاة، فبلا هدف تضيع القضية وتتشعب السبل.

*الأساس الثاني*: وضع خطة الوصول للهدف بمشاركة أصحاب القضية أو المصلحة. فأي هدف لا تشارك القواعد في وضع خطته وتنفيذه لن يشعروا بملكيته.

*الأساس الثالث*: أن تتوافق القواعد على اختيار قائد كفوء منهم ومؤمن بقضيتهم. أثبتت التجربة العملية أن الخطط الكلية لابد لها من تفاصيل تتضمن الحلول لمشكلات التطبيق. العمل ضمن الفريق والقبول برأي الأغلبية في سياق التفرقة بين الراجح والمرجوح من أصعب المواقف التي تواجه الرئيس والمرؤوس. القبول برأي القائد من متطلبات الانضباط التنظيمي الذي لا يتأتى إلا بخوض تجارب حقيقية تتجلى فيها معادن النساء والرجال على الصبر وتحمل المشاق خاصة وأن النتائج بطبعها تأخذ وقتاً وجهداً.

*الأساس الرابع*: القبول بالتغيير وتجديد الدماء، فالصغير يكبر والكبير يشيخ ويتكلس جسدياً وذهنياً. هذه طبيعة الأشياء، فلو دامت لغيرك لما وصلتك. تعاقب الأجيال وتغير الأفكار واختلاف النظر ضرورات تمضي مع الإنسان في كل زمان ومكان. نجاح القائد لا في تحقيق الهدف أو بقائه قائداً وإنما في قدرته على صناعة من هم أفضل منه.

*الأساس الخامس*: استمرار جرد الحساب: الأهداف العظيمة لا تتحقق صدفة ولا بالاستعجال، فقد يُدرك الهدف المؤسسون ولربما من هم بعدهم أو حتى خلفهم. سبر غور التفاصيل يتطلب الشفافية ونقد الذات قبل أن يأتي الهجوم من الآخرين الذين قد يكونوا ظالمين أو محقين. بالطبع النقد سواء أكان من صديق أو عدو يجب أن يكون بناءً لا هداماً.

*الأساس السادس*: العمل العام ليس بالضرورة أن يجمعك بمن تحب بل قد يجمعك حتى مع من تكره. بلوغ الأهداف السامية ليست بالتمنى وإنما بقبول الآخر ولو على علاته حتى تحبه بعد أن كنت تكرهه.

*الأساس السابع* : القناعة بأن العمل العام ليس مسؤولية الساسة وحدهم وإنما واجب الكافة كل في مكانه. فمن لم يستطع المشاركة بيده فبلسانه وإلا فبقلبه.

ولأن العمل العام لا ينشأ إلا تحت ظروف ضاغطة فهو يتغذى على الطاقة الإيجابية. العمل العام لم يعد مجرد نزهة وإنما علم يقتضي الأداء بكل انضباط سواء في الالتزام بالمواعيد أو التجويد المستمر. أخيراً وليس آخراً ما لم نتمسك بكل هذه الأساسيات لن نبلغ الهدف ولن يسقط البرهان.

د. عبد العظيم حسن المحامي

الخرطوم 4 مارس 2023

التعليقات مغلقة.