مراجعات (٤) دكتور عصام حامد دكين.
مراجعات (٤) دكتور عصام حامد دكين.
بداء نظام الإنقاذ سلطوى (انقلاب عسكرى) نقى وتحول تدريجيا إلى
نظام هجين جمع حوله الوان الطيف السياسى فى كل مراحله خلال
تسعه وعشرين عاما لكن ظل حزب المؤتمر الوطنى هو المسيطر يوزع
السلطه والثروة وفق رؤيته مخالفا سمات النظم الديمقراطية التى تقوم
على اسس الحريه والتنافسيه والشفافية والمحاسبة وحكم القانون.
*ان النظم غير الديمقراطية تنهض على اسس الارغام والهرميه والمركزيه
والتحكميه والسلطه المطلقه وبالفعل كان حزب المؤتمر الوطنى يقوم على تلك الاسس.
* يمكن أن نطلق على نظام الإنقاذ بعض المسميات لوصف طبيعته
التى حكم بها السودان خلال تسعه وعشرين عاما:.١/ هل هو نظام ديكتاتورى؟٢/ هل هو نظام استبدادى؟.٣
/ هل هو نظام شمولى؟
.٤/ هل هو نظام حكم مطلق؟.٥/ هل هو نظام سلطوى؟.٦/ هل هو نظام ديمقراطي؟.
* لكن الدلالات والسياق التاريخى والفكرى الذى كان فيه نظام الإنقاذ منذ ٣٠ يونيو ١٩٨٩م إلى ١١ أبريل ٢٠١٩م هو الذى يحدد المسمى الذى يليق بنظام الإنقاذ.
اعتقد كل المسميات المذكورة أعلاه كان لنظام الإنقاذ منها نصيب لذلك
هو نظام هجين ذكى اداره البلاد بحنكه فائقه رغم المشاكل المذمنه للسودان منذ الاستقلال فى ١٩٥٦م إلى اليوم.
* سمات النظم السلطويه النقيه (العسكريه) تتمييز بحكم الفرد المستبد او نظام الحزب الواحد او النظام الثيوقراطى (الدينى) او نظام الحكم العسكرى كل ذلك كان موجود فى بدايات نظام الإنقاذ إلى ان اعده الدكتور حسن عبدالله الترابى قانون التوالى السياسى لكسر السلطه العسكريه ولكن هنالك سمات عامه لنظم السلطويه النقيه تتمثل فى:.١/ وجود سلطه هرميه ذات طابع تصاعدى تبداء من أسفل إلى أعلى فى الجهاز الحكومى وصولا الى قمه السلطه التى تتركز فى يد شخص واحد (المشير عمر البشير) او مجموعه محدده دكتور نافع ، الشيخ على عثمان، الدكتور الجاز،…….الخ كان حول كل شخص مستفيدين ومتمتعين بمزايا الحكم ولديهم شبكه من العلاقات السياسيه.
٢/ وجود سلطه مطلقه بدأت الإنقاذ بسلطه لايحدها قانون او ضوابط تمت احاله الالاف من العاملين في الدولة فى الخدمه المدنيه والنظاميه إلى الصالح العام وعينت اهل الولاء والمنتسبين دون أن تضع قيود على مجال ممارساتها او اسلوب حكمها كانت سلطه غير خاضعه للقانون فى بدايات التسعينيات وكانت السلطه فى يد الشيخ الترابى الذى يتربع على قمه السلطه ومعه واعوانه ويقبض بيد من حديد على مختلف خيوطها وادواتها ويحتفظ بالحد الأقصى من السلطات القانونيه والفعليه حتى جاءت مذكرة العشره من كبار قادة الحركه الاسلاميه والمؤتمر الوطنى(انقلاب داخل انقلاب) اطاحه بالشيخ الدكتور حسن عبدالله الترابى وحل المجلس الوطنى ووضعه فى سجن كوبر مكث حوالى أثناء عشر عاما فى فترات متقطعه حسب مواقفه المعاديه للرئيس عمر البشير وأعوانه ولكن هرب دكتور على الحاج العراب المهم فى الحكم المحلى فى نظام الإنقاذ
٣/ وجود سلطه تحكميه حيث لا توجد قواعد عامه للحكم على الواقع والأحداث وكان يختلف القرار من حاله إلى آخرى وفقا لاهواء القائمين على السلطه ومصالحهم .لكن أدرك نظام الإنقاذ المؤتمر الوطنى خطورة المسلك فانشاه المكتب القيادى لحزب المؤتمر الوطنى الذى يعقد اجتماعاته الراتبه والطارئه ليقرر فى العمل التنفيذى للدوله مع وجود مجلس وطنى تم تكوينه بقياد الاستاذ احمد ابراهيم الطاهر يصدر منه القوانين لتقنين عمله التنفيذى وبداء فى أقامه نظم دستوريه وقانونيه لاتسمح لسلطه التنفيذيه بالتمتع بسلطات واسعه خارج الرقابه التشريعيه والقضائيه.٤/ وجود سلطه بلا محاسبه بداء نظام الإنقاذ باستباحه كل مرافق الدولة باستخدام السلطه المطلقه دون قواعد وإجراءات مؤسسيه للرقابه والمحاسبة لان الدوله فى حاله حرب مفتوحه لكن ظل الفصل بين السلطات قائم لكنه ضعيف فى بدايات نظام الإنقاذ الاجهزه التشريعيه والرقابه الماليه والمحاسبيه والإدارية والخضوع فقط للسلطة التنفيذيه التى يقودها كبار رجال الإنقاذ وكانت هناك سيطره على الاجهزه الاعلاميه المحدوده والاحزاب دورها مغلقه وتم إلغاء هيئات المجتمع المدنى.
٥/ كانت هنالك سلطه تمارس الاقصاء السياسى والاقتصادى والاجتماعى فى نظام الإنقاذ فى تسعينيات القرن الماضى لبعض القوى السياسيه فى شئون الحكم والاقتصاد على اساس سياسى وليس على اساس اجتماعى او أثنى اونوعى من المشاركة السياسيه فى شئون الحكم فى ذلك نجحت الإنقاذ بأن بسطت السلطه للشعب السوداني الكل يحكم نفسه جغرافيا .ولكن كان هنالك تضيق على التنظيمات السياسيه فى البدايات ولكنها بدأت تنفتح تدريجيا حتى تم اعداد قانون الاحزاب السياسيه ومجلس الاحزاب وبدأت الاحزاب تسجيل نفسها حتى وصل عدد الاحزاب لأكثر من مئه حزب سياسى حيث قام الحزب الشيوعى اللدود لنظام الإنقاذ بعقد مؤتمره العام بقاعه الصداقه بالخرطوم ودعى له قادة نظام الإنقاذ والغواء فيه كلمه وكذلك حزب البعث العربى الاشتراكى عقد مؤتمره العام وبقيه الاحزاب السياسيه سارت على نفس النهج مستفيده من ذلك الانفتاح
.٦/ نعم كانت هنالك سلطه احتكاريه بالسيطره على موارد القوة والنفوذ المجتمعى من قبل نظام الإنقاذ فى المجتمع وفى المجالات السياسيه والاجتماعية والاقتصادية والمجال العام بقدره نظام الإنقاذ على الانتشار فكانت كل التنظيمات المدنيه تحت سيطرته اتحادات الطلاب،اتحادات الشباب،منظمه شباب الوطن،اللجان الشعبيه،الدفاع الشعبى ، الشرطه الشعبيه،الخدمه الوطنيه، الاتحاد النسائي، الاتحاد المهن الموسيقيه والمسرحيه،النقابات،……الخ حيث كان الاحتكار السياسى لنظام الإنقاذ.
* رغم هذه السمات منافيه للطبيعة البشريه الا ان نظام الإنقاذ نجح فى انتشار التعليم والسكن فى الحضر والارياف وارتفاع الدخل وتحسين مستوى المعيشه والخدمات وإدارة المجتمع السوداني بشكل ممتاز ذادت شرعيه وجماعه الإنقاذ دون انتخابات
وأصبح نظام الإنقاذ متصل مع كل مكونات المجتمع وان نظام الإنقاذ لم يظهر اى عجز عن الإدارة الكفوءه لموارد الدولة والمجتمع وكوارثه وازماته بل عمل على تطويرها بشكل ازهل العالم وأصبح الاقتصاد السودانى سادس اقتصاد فى أفريقيا بشهاده دكتور عبدالله ادم حمدوك رئيس وزراء السودان الأسبق.
* ادت سمات نظام الإنقاذ إلى وجود حاله عامه من القلق والخوف فى المجتمع السوداني وبين أفراد قادة نظام الإنقاذ الحاكمه من هذه الحاله وضاع الكثيرين من منسوبي الإنقاذ بسبب غياب القواعد القانونيه ودخل الكثيرين السجون فى ظل نظامهم ورفدوا من عملهم
وتم اتهام أفراد بجريمه لا علاقه لهم بها وبعضهم اعتقل ودن توجيه تهمه وآخرين قتلوا أمام زوجاتهم واولادهم أمثال الأخ على البشير للذين عارضوا سياسات نظام الإنقاذ وهم جزء من ذلك النظام وعلى رأسهم الشيخ حسن عبدالله الترابى وكان النجاه من ذلك الصمت والاعلان الدائم للولاء للمؤتمر الوطنى وعمر البشير وجماعته .،
أيضا كان هنالك ضعف المشاركه السياسيه وانتشار حاله العزوف السياسى وعدم المشاركة فى الانتخابات العامه من الاحزاب الكبيره الا من احزاب صغيره تسمى احزاب الفكه يقودها أشخاص لا قيمه لهم سياسا فعلا كانت هنالك مقاطعه للانقاذ والتمرد السلبى من بعض منسوبيها الذين لم يفسح لهم المجال لوجود لوبيات داخل نظام الإنقاذ واعتبار العمليه السياسيه غير شرعيه ولا تستحق التأييد من الاحزاب الكبرى والتاريخيه الا بعد انقسامها إلى عدة احزاب .
* تمت شخصنة السلطه باستمرار البشير فى الحكم لمده تسعه وعشرين عاما لم يقبل التغيير وكان بعض قادة الإنقاذ يرفضون ترشيح البشير أمثال دكتور آمين حسن عمر ولكن وجد البشير التأييد للترشيح من خارج المؤتمر الوطنى أمثال الدكتور احمد بلال
ولكن سقط البشير بانقلاب عسكرى مؤيد تنظيميا من الحركه الاسلاميه والمؤتمر الوطنى لإنقاذ الموقف الحرج وترجيح كفه السلامه وأعتقد هذا تصرف ممتاز من القيادة فى ١١ أبريل ٢٠١٩م.* فى أواخر عمر نظام الإنقاذ انسدت محاولات التداول السلمى للسلطة فكانت اخر محاوله فى فبراير ٢٠١٩م
قادة الفريق اول صلاح قوش المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطنى عندما أعلن أن الرئيس البشير سيعلن اليوم مفاجأه عبر خطاب لشعب السوداني يعلن فيه عدم ترشحه فى انتخابات 2020 م وتكوين حكومه قوميه فكان الشعب السوداني والقوى السياسيه فى حاله ترقب وفرح لان البشير أصبح المعضله الحقيقيه فى تلك الفتره العصيبه فى تاريخ السودان ولكن تفاجاه الشعب السوداني
والقوى السياسيه وصلاح قوش بخطاب مغاير تماما على ماهو متفق عليه وبالتالي المعارضه وصلاح قوش غيروا من خطتهم اذا قبلوا بذلك الوضع الذى اعلنه البشير فإن السلطه لن تغيير بنحو مؤسسى وقانونى اصبح أمرا مستحيلا مما دفع بالقوى المعارضه إلى استخدام أساليب الاحتجاج السلمى
والمظاهرات والاعتصامات والعصيان المدنى لاسقاط نظام الإنقاذ فوجدت المعارضة دعم خارجى بسبب التحولات العالميه واذدياد الاهتمام بقضايا الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وفى نفس الوقت عدم قبول نظام الإنقاذ بالتطور إلى نمط ديمقراطي.
نواصل المقالين الآخرين مهمات جدا عن ازمه الإنقاذ الاخيره، وكيف خدع صلاح قوش قادة المؤتمر الوطنى.
دكتور عصام حامد دكين باحث و اكاديمي واعلامى ومحلل سياسى واقتصادى
التعليقات مغلقة.