الايام نيوز
الايام نيوز

دولة القانون.. السياسيون الوطنيون

دولة القانون
السياسيون الوطنيون
السياسة ببساطة تعني بذل أفضل الحلول التي تواجه الأمم حفاظاً على جهدها ووقتها ومالها. أي أن قمة الاحتراف السياسي في مبارحة أحادية التفكير بتوطين الاجتهاد الجماعي في محنكي المهندسين والأطباء والقانونيين والزراعيين والبيطريين والبيئيين والإداريين والمعلمين والنظاميين سواءً عسكريين أو شرطيين أو أمنيين. فمشاريع التنمية المستدامة أو الاستقرار لا تتأسس إلا على الكفاءات المهنية التي تضع خبراتها وإمكانياتها لشعبها مستشرفة المشكلات القائمة أو التي تطرأ من وقت لآخر. بعبارة مباشرة احتراف السياسة لم يعد مجرد وصف شخص بالقيادي سواء بفرض نفسه أو لظهوره الإعلامي المتكرر وإنما بامتلاك أدوات التغيير الحقيقي.
الغيرة المهنية مرض نفسي يسرى بين العلماء بأكثر مما يتفشى وسط الجهلاء. خطر الغيرة المهنية في انطلاقها من الشعور بالاستعلاء لسمو فكرة أو فهم سواء على الآخرين أو المنافسين. ولأن المهنيين تؤزهم، في العادة، أدوات التحليل والمرجعيات الفكرية والأيدولوجية، فإن تلك الأدوات يمكن أن تتحول، وبصورة تلقائية، من نعمة لنغمة لا تجعلهم يحكّمون الموضوعية المطلوبة للتوافق السياسي. الانتصار للرأي الشخصي أو المذهبي أو الحزبي يمكن أن يصل لمرحلة التضخم فتعلو الذات على المصالح الوطنية التي لا يجوز لأي حزب أو نقابة أن تغفلها مهما كان عمق الاختلاف.
من مبادىء العلوم السياسية أن الحلول الودية، مهما تطاول أمدها، تظل الأفضل

بالمقارنة مع المواجهات الخشنة التي لا يجوز اللجوء إليها إلا للضرورة. بالأمس ومع ظهور ملامح تأجيل التوقيع على العملية السياسية كان واضحاً على البعض شماتتهم في المدنيين الموالين لها.

صحيح أن هذه العملية السياسية كانت وما زالت محفوفة بخطر تضييقها لما

يجب أن يتوسّع من جانب بينما خطرها الآخر في طرفها المجبول على الخذلان.

مع ذلك تظل نتائج أي عمل سياسي بين راجح ومرجوح قد يعبر أو على الأقل يخلخل الواقع القائم.

الأمر الذي لا خلاف عليه أن البرهان وبما عُهد عليه من خيانة سيكون الأسعد

بهذه الشماتة لكونها أظهرت له الانقسام بجانب التأليب المجاني فيمضي في تفتيت ما تبقى من قوى الثورة.

هذه العملية السياسية، ومهما كان الرأي فيها وما ستسفر عنه، يجب ألا تكون سبباً

لتعميق الهوة بين القوى التي تبنتها والأخرى المعارضة لها.

عوداً على بدء نقول أن دولة القانون يؤسسها الوطنيون الذين يعتمدون

الكفاءة والنزاهة لا الاحتراب الذي لا يفضي إلا لترك الحبل على غارب وطن تداعى على قصعته الداني والقاصي.
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
31 مارس 2023

التعليقات مغلقة.