دولة القانون صدقكم الكذوب
دولة القانون
صدقكم الكذوب
ما أن يجلس سياسي بأي مجمع إلا وانهالت عليه ذات الأسئلة الحائرة بذهنه قبل السائلين، والأسئلة كلها لا تخرج عن: البلد دي ماشة على وين؟ البرهان حا يلكلك لمتين؟ معقولة بثرواتنا البشرية والمادية يحكمنا حميدتي؟ ولجان المقاومة موقفها شنو، حا يواصلوا مواكبهم، أم سيعتصموا؟ وهل فعلاً بعد العملية السياسية توقف القتل والسحل والاغتصاب؟ أم للضمان يستحسن أن يعود الثوار أدراجهم بعد كل موكب استعداداً لجدول الشهر أو الشهور القادمة؟ لجان المقاومة هل عندها كوادر جاهزة تستلم السلطة بعد السقوط، أم الموضوعات التفصيلية حلها في تسقط لمن تظبط، ولو ما ظبطت سيكون الحل ينتظروا لحدما يختطفها حزب ولا عسكري مُحزّب؟المهنيون والنقابات وأساتذة الجامعات والمغتربين أخبارهم شنو؟ اتوحدوا ولا فقدوا الأمل وأصبحوا ناس معايش وبحث عن مزيد من الهجرة؟ من ضمن الأسئلة بالطبع: هل المجتمع الدولي سيفرض البند السابع ويعاقب المعوّقين للتحول الديمقراطي؟ أم أن الأمر سيخضع لموازنات مجلس الأمن والخوف من الفيتو الصيني والروسي؟
ثورة بقامة ديسمبر المجيدة لا يجوز أن تنتهي لذات فشل الانتفاضات السابقة. مهما كانت الصعوبات، فاستعادة بريق الثورة بمحاصرة الساسة، ومطالبتهم بالتواضع وإدراك أن الانتقال لا يجوز أن ينالوه غصباً بلا إجماع معقول أو استحقاق انتخابي. بعد انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر وتصاعد عدد الشهداء والضحايا، كانت مساعدة وزير الخارجية لشؤون القرن الأفريقي (مولي في) قد واجهت المدنيين والعسكرين برسالة واضحة فحواها بأنهم يقبضون على سلطة بلا سند جماهيري. فالسودانيون سئموا وفقدوا المصداقية فيكم ومنتجاتكم.
البرهان في آخر تقليعاته حاول أن يصدق لأول مرة داعياً جميع المتشاكسين للخروج من الملعب وإتاحة الفرصة لمجموعة مختلفة عنهم جميعاً. رغماً عن أن الشيطان معلوم الكذب، إلا أن هذه الفرصة سبق وأن أضاعتها الحرية والتغيير بعد نجاح الثورة وبداية الاعتصام ثم بعده، وها هي تلوح مرة أخرى بعد حصار التفاوض الجاري. مهما كان تكتيك البرهان إلا أن خروج جميع المتصارعين من المشهد يظل السبيل الوحيد لحل الأزمة السودانية ومحاصرة البرهان بكذبته لتكون الأخيرة. إذا صدق الجميع فإن اختراق هذه الازمة يكون طبقاً للبنود الآتية: البند الأول: تعديل الاتفاق السياسي بإضافة بند ينص صراحة على خروج جميع المفاوضين المدنيين والعسكريين من العملية السياسية وكافة هياكل وأجهزة الحكم طوال الفترة الانتقالية.
البند الثاني: المشاركة في هذه العملية السياسية مفتوحة لكل القوى السياسية ما عدا المؤتمر الوطني المحلول وعلى وجه التحديد كل من شغل منصب دستوري أثناء نظام الثلاثين من يونيو.
البند الثالث: يختار الموقعون على العملية السياسية رئيساً لهم من خارجهم، ولهذا الرئيس أن يختار السكرتارية التي تساعده حتى انعقاد أول جلسة للمجلس التشريعي الانتقالي.البند الرابع: تسمي أطراف هذه العملية السياسية، من خارجها، 50 – 60 سوداني وسودانية ليكونوا السلطة التشريعية الانتقالية المفوضة لاختيار رأس الدولة ورئيس الوزراء ورئيس القضاء ونوابه والنائب العام ومساعديه وقضاة المحكمة الدستورية.
البند الخامس: لا يجوز لأي من الحاضرين من القوى السياسية أن يسمي عضواً من حزبه أو من الكتلة التي ينتمي لها أو المتحالف معها.
كل من يخالف هذا البند يحرم من حق العضوية في العملية السياسية.
البند السادس: يشترط في من يقع عليهم الاختيار لقيادة المرحلة الانتقالية الكفاءة
والوطنية وعدم الانتماء الحزبي أو شغل أي منصب دستوري طوال فترة نظام الثلاثين من يونيو.
البند السابع: لا يجوز لمن يشغل أي منصب خلال الفترة الانتقالية أن يترشح
أو يتقلد أي منصب دستوري في أول حكومة تلي الفترة الانتقالية.
البند الثامن : لما للمجلس التشريعي الانتقالي من سلطات طبيعية،
فعلى المجلس حسم كافة المسائل الخلافية بإصدار التشريعات التي
تضمن مسار التحول الديمقراطي بما فيها استكمال السلام، مسائل العدالة والعدالة الانتقالية، تفكيك نظام الثلاثين من يونيو، والملف الأمني والعسكري.
عوداً لسؤال الحل شنو؟ نقول مشكلتنا ليست صعبة، ولكن الصعوبات من المتصارعين على السلطة.
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
8 أبريل 2023
التعليقات مغلقة.