للحديث بقية عبد الخالق بادى ديمقراطيون على رأس دبابة !!!
للحديث بقية
عبد الخالق بادى
ديمقراطيون على رأس دبابة !!!
كما ذكرنا في مقال سابق ،فإن المساواة بين الجيش الوطنى ومليشيا المتمردين لا يمكن يصدر إلا من شخص له مآرب مع المتمردين أو شخص غير مدرك لإبعاد المؤامرة والتخطيط الأجنبي الخطير لتفتيت السودان ،أو مواطن ساذج يصدق ما يقوله قائد المليشيا بدفاعه عن الديمقراطية وحرصه على الدولة المدنية، والتى لا يعرف عنها شىء غير اسمها، بدليل أن كل المناصب الرئيسية فى مليشيا المتمردين التى يقودها ملكها لإخوانه ،فأى ديمقراطية هذه التى يبشر بها الناس؟ وهل فاقد الشىء يعطيه؟!! .
ما أستغرب له هو أن بعض المنسوبين لأحزاب معروفة، يتحدثون عن أن ما يحدث ماهو إلا صراع بين طرفين أو قوتين عسكريين ،وهم بذلك يشرعنون المليشيا المتمردة والتى طالب الثوار (ومايزالون) بحلها وليس دمجها،كما أنهم وبفهمهم هذا يقدحون فى شرف وأمانة قوات الشعب المسلحة المسؤولة عن حماية المواطن والوطن،فكيف يفكر هؤلاء؟، فهل حبهم ادللكراسى أعمالهم عن الحقيقة لهذه الدرجة من الخنوع؟فكل الوطنيين نساءا ورجالا يعلمون أن الحرب بين نقيضين مختلفين وليس بين طرفين نديدين،فهى بين من يعمل على الحفاظ على وحدة البلد ويحمى مواطنيها، وبين من يهدد أمنها و يقتل مواطنيها ويسعى فى خرابها،فهل يلتقيان؟ .
ثم أنهم يعلمون أن هذه المليشيات أنشأها رموز العهد المباد من أجل حمايتهم وللحفاظ على السلطة التى سرقوها بليل ،وهم (أى المنسوبين لأحزاب سياسية وحركات) ما كان لهم أن يظهروا على الملأ ويتصدروا المشهد السياسى خلال السنوات الماضية لولا ثورة ديسمبر المجيدة التى اقتلعت عهد البشير وحزبه ،وطالبت بزوال كل واجهاته وحل كل مؤسساته التى أذل بها الشعب لثلاثين سنة وعلى رأسها مليشيا الدعم السريع القبلية ،فكيف يجىء هؤلاء الذين يدعون أنهم مع الثورة ويطعنونها من الخلف ؟.
إن الحديث المكرر لقائد مليشيا المتمردين عن حرصه على الحكم المدنى كلام يضحك به على أناس تحركهم المناصب،لا يهمهم الوسيلة،المهم أن يحققواتطلعاتهم الوضيعة ولو على رأس دبابة ،تماما كما حدث في العراق والذى تحكمه مليشيات منذ احتلاله فى ٢٠٠٣م، فهل يريدون أن يطبقوا النموذج العراقى فى السودان؟ أعتقد ذلك.
إن أى ديمقراطية تأتى عبر البندقية ديمقراطية كاذبة ولن تستمر طويلا،لأن الديمقراطية الحقيقية هى التى تنبع من الشعب عبر مسار سياسى مدنى، وإذا ظن البعض بأن بقاء مليشيا الدعم السريع فى المشهد بعد هذه الحرب وبعد ما اقترفوه من جرائم وانتهاكات، سيكون فيه خير للديمقراطية والبلد ،فهم واهمون ويكذبون على الناس ،فلا يمكن أن تبقى هذه المليشيات ولو للحظة،مهما كانت الأسباب والذرائع ،فقد انكشف المستور وبانت المؤامرة والتخطيط الخبيث والذى استمر لسنوات،من أجل الاستيلاء على السلطة، وبقوة السلاح وفى وضح النهار بواسطة مرتزقة أجانب،ولكن هيهات،فللبلد رجال يحرسونها من الأعداء فى الداخل والخارج،و قادرين على الدفاع عنها ومستعدين للتضحية من أجلها، لأنهم تشبعوا بالإيمان بالله وبحب الوطن والإخلاص.
إذا تحدثنا عن انتصار طرف فى هذه الحرب ،فهذا يعنى أننا نتحدث عن انتصار قوات الشعب المسلحة،فلا يمكن أن نجمع بين الوطنى والمتمرد والشرعى واللاشرعى مهما كانت الأسباب،وكل من يساوى بين الجيش والمتمردين عليه أن يراجع وطنيته ويرجع إلى عقله،اللهم إلا إذا كانت له مصلحة مع أعداء البلد ومخربيها ولا تهمه النتائج.
العودة للمسار السياسي أمر حتمى ،وذلك عبر الاتفاق الإطارى والذى لم يجف حبره بعد،فلا يمكن أن نبدأ عملية سياسية جديدة تستغرق أشهر وربما سنوات حتى تنضج،فمن حيث وقفت العملية السياسية يجب أن تستأنف ،ولكن لا يمكن أن يتم ذلك إلا بعد أن تبسط القوات المسلحة سيطرتها الكاملة على العاصمة والولايات التى تشهد صراع،فنعم لوقف إطلاق النار،ولكن ليس للوصول لاتفاق سياسى كما يتمنى قائدالتمرد المهزوم ومن يدعمه من السياسيين وحركات مسلحة، وانما لكى يخلى هو ومرتزقته المستشفيات والمباني المدنية ومنازل المواطنين التى احتلوها واستخبوا فيها بعد أن طردوا المواطنين منها وجوعوههم وعطشوهم ونهبوهم وأهانوهم شر إهانة، وأن تخرج المليشيا المتمردة من الخرطوم ويتم تجميعها خارج حدود الولاية (بعد تجريدهم من السلاح) عبر مسارات آمنة يحددها الجيش.
أخيرا يمكن أن نقول أن هذه الحرب والتى لم نكن نتمنى وقوعها،كشفت عن معادن ومواقف الناس والأحزاب والحركات من الوطن وقضاياه المصيرية،فقد تبين الخبيث من الطيب، الخائن من الوطني،المنافق من المؤمن،أما الذين ظلوا ينفخون فى نار الفتنة ويصبون الزيت على النار،فنقول لهم ،خاب ظنكم السىء وفشل سعيكم و مخططكم المدمر،ونؤكد أنه لا يمكن العودة إلى الوراء فهذه سنة الله فى خلقه، فما مضى لن يعود،ونؤكد ايدا أنه ورغم الحرب والتآمر على الديمقراطية والمدنية،فإن جذوة الثورة مازالت متقدة ،والثوار متأهبون للدفاع عن ثورتهم حتى تتحقق أهدافها كاملة،وقودهم توفيق الله ودماء الشهداء والجرحى التى روت شوارع مدن السودان.
التعليقات مغلقة.