الايام نيوز
الايام نيوز

دولة القانون متى تتوقف الحرب [3]

دولة القانون
متى تتوقف الحرب [3]
القانون عند الفقيه الإنجليزي أوستن هو الأوامر الصادرة عن أعلى جهة حرة غير خاضعة لأي سلطة. الأخيرة، أي السلطة، وطالما كانت قادرة على الإجبار، فإن أوامرها القابلة للنفاذ تعتبر القانون الواجب التطبيق إلى أن يُلغى أو يُعدل. فأوستن، وإن لم يؤسس للدكتاتورية إلا أنه يرى أن السلطة التي تبسط الأمن وهيبة الدولة هي القادرة على إنفاذ قانونها فلا يكون مجرد قواعد أخلاقية شأنها شأن القانون الدولي الذي لا يعد قانوناً. الحال كذلك، وفي ظل غياب الوسائل التي تجعل الأمم قادرة على تحقيق رغباتها فإن التباكى الجهير والتململ المرير لن يصنعا تغييراً إلى أن يصبحا سلطة تُصدر القوانين والتشريعات التي يتطلع لها الجماهير. من هذا المفهوم، فإن الدولة تتحكم فيها المحاور الأجنبية أو تسمح بالتدخل في شؤونها تظل في حكم اللا دولة. من ذلك يجوز القول إن تتار العصر أو الجنجويد الذين اجتاحوا الخرطوم ضحى نتيجة طبيعة لضعفنا من جانب وللتدخل الأجنبي في شأننا من الجانب الأخر. هذه الجهات كانت وما زالت وستظل تدير شؤوننا على ذات النهج طالما كان أصحاب المصلحة غياباً عن المشهد. ما لا خلاف عليه أن من السهل صناعة الحرب وتأجيجها. بالمقابل يظل السلم حلم لا يصنعه إلا أصحاب الحق الأصليين الذين ذاقوا مرارات الحرب ودمارها.
صحيح أن الممارسة السياسية السودانية جعلت معظم الكفاءات السودانية تتوارى عن المشاركة الحقيقية فكانت النتيجة خيانة الوطن وزيادة التكالب الإقليمي والدولي على قراراتنا وثرواتنا. المتصارعون سواء،المحليين أوالدوليين كانوا وما زالوا وسيظلوا تتضارب مصالحهم على جماجم الأمة. فالحرب التي اندلعت بسبب الصراع على السلطة والثروة لم ولن تتوقف إلى أن ينبري الصادقون من أصحاب المصلحة لحماية حقوقهم وثرواتهم كاشفين عن التفاصيل وطريقة الوصول. أزف الوقت لأن يهب السودانيون والسودانيات من الذين ظلوا على دكة الاحتياط مكتفين بالمشاهدة أو بأحسن الأحوال منتقدين من منصات التواصل الاجتماعي. المثل السوداني يقول: “البكاء بحرروه أهله”. فالأزمة السودانية التي بلغت ذروتها بهذه الحرب الضروس حلها الوحيد بيد السودانيين لا عند غيرهم. ما من سبيل سوى أن ينتفض المهنيون مقدمين وجوهاً جديدة تناقش وتطرح الحلول مستصحبين قواعدهم في كل مرحلة. أي حلول لا تنبع عن القاعدة الجماهيرية لم ولن يكتب لها النجاح، ونواصل.
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
21 مايو 2023

التعليقات مغلقة.