أحمد الكواري يكتب رؤية على المشهد السياسي السوداني (1)
إبان انتصار الثورة الشعبية في السودان في عام 1964 م، ومرور أكثر من سبعين عاماً من عمر استقلال السودان وما زلنا بين الحين والآخر نتكهن بما يمكن ان تؤول إليه الامور السياسية والنظامية على كافة أقاليم السودان والتي الى هذه اللحظة لم يكيّف المواطن السوداني نفسه أو يصل الى قناعة تحدد نظرته المستقبلية لاوضاع بلاده أو رؤية متفائلة واضحة للأمن السياسي والاجتماعي والانساني على ضوء تداعيات كل تلك السنوات الطويلة عبر الأجيال المتلاحقة للاحتقان والقلق السياسي اللامتناهي وصراعات القوى السياسية والتيارات المختلفة في السودان.
خاصة إذا نظرنا إلى أن السودان وعبر هذه السنوات الطويلة من الحقب السياسية المتتالية منذ استقلال السودان في عام 1956 م وهذه التيارات والصراعات تعج بالاحداث السياسية والمتغيرات والمتناقضات على كافة الاصعدة مروراً بالانقاذ الوطني والذي تبنى مشروع الاسلام الحضاري وجاء على إثرها تأجج الصراعات السياسية وعلى رأسهم السلطة مقابل المعارضة والشمال والجنوب الى ان حمل الفرقاء السلاح لحسم الصراع فغاب الهدف القومي المنشود الذي تغنى به البعض ومن ثم غابت شمس الديمقراطية عن هذا البلد وانفردت السلطة بالثروة وما تليها من مكتسبات فتدنى الوضع المعيشي وتلاشى كالعادة الاستقرار وانزوت الوحدة الوطنية في ركن ضيق وعلى إثر كل تلك التطورات والصراعات وتداعياتها عانى هذا الشعب مرارة الفرقة والاختلاف والذي انعكس على معيشته وأمنه واستقراره وكيان بلاده ناهيك عن توتر العلاقات وعلى اكثر من صعيد بين النظام في السودان وبعض من دول الجوار مرة بدواعٍ سياسية وجغرافية ومرة بدواعي تصدير الارهاب وربما اثير مرات عديدة في تلك الحقبة تصدير المشروع الاسلامي مما اغلق الغرب وفتح عيون الاطماع للتدخلات في شؤون السودان خاصة ان هناك البعض من دول الجوار كانت قد اعدت العدة ورسمت الخطة وتجهزت بسيناريوهات وخيارات متعددة لردع نظام الجبهة الاسلامية في ذلك الوقت وذلك للحفاط على امن واستقرار دولها حسب وصفها.
إن تأجج الخلافات السياسية والتي احدثت شرخاً في العلاقات والامن بين السودان وبعض الدول حيث ترى تلك الدول ان لب الصراع واساسه هو موقف النظام في السودان وتبنيه للاسلام الحضاري مما حدا بتلك الدول الى نفي وجهة النظر تلك وان الخطر الحقيقي يكمن في تهديدات واطماع النظام في السودان وممارساتها الخطيرة عبر إيواء جماعات أصولية ارهابية وتدريب المعارضين وتسليحهم وذلك بهدف زعزعة امن تلك الدول واستقرارها حسب وصفها مما يعطل عجلة التنمية الاقتصادية لدى تلك الدول.
لذلك تجد ان كثيرا من دول الجوار وان كانت مستاءة من مواقف بعض فصائل المعارضة السودانية خاصة السياسية منها وما يتعلق بجنوب السودان ناهيك عن توجه النظام في رفض اي مشاركة من فصائل الحركة الوطنية وذلك مشاركة في صنع القرار او ادارة السلطة بما فيها رفض النظام لأي وساطات دولية أو افريقية لحل مشكلة الجنوب في ذلك الوقت وتلك الحقبه تداركاً للحلول العسكرية وبالتالي معظم هذه الوساطات كانت تسعى وتراعي العدالة في تقسيم ثروات السودان واحلال التنمية الشاملة من مواردها وخيراتها واستثماراتها لمختلف مناطق السودان دون استحواذ فئة قليلة بدواعي هوية سكان تلك المناطق أو عرقهم أو دينهم أو توجهاتهم لذلك نستطيع ان نستنتج ان المعارضة استغلت تلك الظروف السياسية والامنية والمواجهات المتعددة للتيارات المتناحرة الى السعي لدى الدول الافريقية وذلك لعرض بعض الملفات المتعلقة بالنظام والامن القومي على منظمة الوحدة الافريقية من أجل اتخاذ موقف سياسي من هذه التدخلات المتكررة من قبل النظام في السودان كما تسعى المعارضه في ذلك.
ومن ثم وكنتيجة حتمية لتلك التخبطات السياسية والامنية وعدم الاستقرار جاء ادراج السودان ضمن قائمة الدول التي ترعى الارهاب الدولي.
وأيضاً إدانته بانتهاك حقوق الإنسان والكثير من التجاوزات التي عرضت على مجلس الأمن وذلك بهدف إدراج تلك العقوبات على السودان ومن ثم الحصار الاقتصادي بما يتناسب مع المصالح والاهداف السياسية والاستراتيجية لدول الغرب في منطقة القرن الأفريقي.
أحمد محمد غيث الكواري
مستشار قانوني وخبير في العلاقات الدولية
جريدة الشرق القطرية
التعليقات مغلقة.