مشاهد محمد الطيب عابدين رزنامة حرب قلب الوطن (12)
بسم الله الرحمن الرحيم
مشاهد
محمد الطيب عابدين
*رزنامة*
حرب قلب الوطن
“””””””””””””””””””””””””””
( ١٢ )
بلغت السبعين يوماً من العمر، حرب قلب الخرطوم و دارفور؛ و في ظل غياب الإحصائيات الرسمية الدقيقة ( يتعذر الأن عمل إحصائية دقيقة خلال إستمرار المعارك )،
أوردت شبكة رصد مركز الخبراء العرب للخدمات الصحفية ودراسات الرأي العام
تقرير احصائي تحليلي للفترة من 15 مايو الى 23 يونيو 2023 ، بعنوان : معارك الخرطوم، سبعين يوماً من القتال.. الواقع والمئال
أعد التقرير :
( محمد حامد الفكي – د.نوار الازرق – د. محمد حسن فضل الله – د. ايمن عبد الكريم – د. وفاء سعد – أ.تيسير الطويل– أ. فرح البدرى )
{{ مدخل
- حينما افاق سكان الخرطوم صباح 15 ابريل على دوي القذائف وأزيز الرصاص لم يدر بخلدهم أن هذه بوادر لمعركة قد تستمر طويلاً فقد دلت التجارب فى التاريخ القريب أن الخرطوم ربما تتعرض لأزمات عابرة يسمع فيها صوت الرصاص ،ويسقط فيها بعض الضحايا ،ولكنها سرعان ما تستعيد عافيتها من جديد ، وأن أعراض الحمي والسهر والصداع لاتلبث ان تنحسر عقب ثلاثة ايام او بالكاد اربع ليال .. مثلما حدث فى التاريخ الحديث عند مصرع جون قرن فى 30يوليو 2005 أوعند دخول قوات العدل والمساواة في معركة الذراع الطويل الى امدرمان فى 10 مايو 2008م، او حتى فى التاريخ القديم فلم تلبث معركة كرري التى انهت وجود الدولة المهدية فى 4 سبتمبر 1898 سوى أيام ثلاث .. وعاد الهدوء والأمان ليعما سماء الخرطوم من جديد . ولكن هذه المرة بخلاف كل المرات السابقة استمر صوت الرصاص وازدادت حدة المعارك ومرت الأيام الثلاث لتكمل دورة الاسبوع والذي مالبث ان صار اسابيعاً اربعة ليكتمل بعقد الايام شهراً بالتمام والكمال .. ثم شهر كامل تلاه شهر اخر وها هو يوم ……. يطل والمعارك مستمرة والدماء تنزف ليعلن استمرار القتال لشهرين لسبعين يوماً فى اطول حرب تعرفها الخرطوم فى تاريخها الحديث والقديم . مركز الخبراء العرب للخدمات الصحفية والاعلامية ودراسات الرأي العام يقدم هذه المرة تقريراً تحليلياً رصدياً لمجريات الأحداث فى غضون الشهر الثاني من الحرب للفترة اعتماداً على المعلومات الميدانية التي توفرها شبكات الرصد التابعة للمركز فى مختلف ارجاء السودان وعدد من دول الجوار، بحرص كبيرعلى أن يصدر التقرير دقيقاً فى معلوماته ، متوازناً فى طرحه، ومحايداً فى نظرته، وموضوعياً فى تناوله رغم الصعوبات البالغة والمتمثلة فى غياب المعلومات الرسمية وإنتفاء الإحصاءات الدقيقة وإنحياز كثير الوسائط الاعلامية، وتوقف عمل المراكز الاخبارية والاعلامية والإثارة غير الحقيقة التي تعتمدها لعديد من القنوات الفضائية . أستمرار المعارك … والقدرات العسكرية :
- بعد مرور سبعين يوماً من المعارك فقدت قوات الدعم السريع ما يقارب ال73% من قدراتها القتالية ..معظم معسكراتها فى الولايات طالتها يد القوات المسلحة عدا بعض المعسكرات بولاية الخرطوم وعلى رأسها معسكرات طيبة والصالحة ،وتحولت قواتها الى مجموعات متباعدة تعتمد على قيادات ميدانية تناصر بعضها اعتماداً على فكرة النفير عند شن أو صد أي هجوم محتمل من أوعلى القوات المسلحة …
- الاستهداف للمعسكرات جعلها تجد في الأحياء ملاذاً امناً لعرباتها القتالية وافرادها الذين فضلوا ارتداء الازياء المدنية والتحرك بشكل اساسي بعربات المواطنين والمواتر ..
- تقدر احصاءات غير رسمية ان حوالى 4500 من جملة 6000 عربة مقاتله تم تدميرها او الاستيلاء عليها او تحييدها او خرجت لأسباب اخرى خارج ميدان المعركة .
- تفيد معلومات الرصد التجميعي والتقارير التراكمية إلى أن العدد الموجود داخل ولاية الخرطوم من العناصر المقاتلة لقوات الدعم السريع انخفض عددهم بشكل ملحوظ بسبب الموت او الاصابة او الفرار من ميدان المعركة الى مابين (10) الف الى (12) الف مقاتل من جملة ما يقارب ال120 الف مقاتلاً تم حشدهم عند بداية المعركة .
- رشحت خلال الشهر الماضي معلومات متواترة عن خلافات عديدة تسود جنود قوات الدعم السريع من اشهرها الخلاف بين المسيرية والرزيقات والذى أدى الى مواجهات مسلحة فى مناطق شرق النيل وامبدة وودالبشير وانسحاب ما يقارب ال4000 مقاتل إلى مراكزهم القبلية بولاية غرب كردفان .. جدير بالذكر ان التكوين العشائري لقوات الدعم السريع يساعد على استبداد الدائرة المقربة من القيادة من ابناء الرزيقات والماهيرية وعشيرة أولاد منصور.
- معلومات الرصد الميداني تؤكد الانسحابات اليومية لجنود من الدعم السريع عبر طريق الصادرات الى مناطق شمال كردفان ومنه الى ولايات دافور وتحديداً ولاية شرق دارفور ومدينة الضعين بعربات دفع رباعي حديثة محملة بالمنهوبات والمسروقات التى تم الحصول عليها من منازل المواطنين .
- بشأن التسليح لاتزال قوات الدعم السريع تتمتع بقوة تسليحية عالية وخلال الشهرالاخير تعززت قدراتها التسليحية بحصولها على طائرات مسيرة ، ومدافع هاون 120 وصواريخ أرض جو مضادة للطيران بدعم من دولة الامارات العربية المتحدة وشركة فاغنر الروسية تمكنت بها من اعتراض التفوق الجوي للقوات المسلحة وإسقاط طائرتين مقاتلتين .
- موقف الامداد بالوقود والغذاءات لازال منتظماً وسط قوات الدعم السريع، بعد تمكنها من الحصول على امدادات غذائية من المصانع التى تم نهبها والاستيلاء عليها فى مناطق بحري وامدرمان كما ان جنودها فى الاحياء ينفقون المال بسخاء للحصول على احتياجاتهم الغذائية من الاسواق والمحلات التجارية بالاحياء .
- فقدت قوات الدعم السريع الرعاية الطبية لقواتها واصبحت تعتمد على تشغيل العديد من المستشفيات الحكومية والمراكز الصحية ويشكل هذا الجانب ابرز نقاط ضعف قوات الدعم السريع خلال الشهر .
- رغم الإعتقاد باختفاء القيادات الميدانية وما يثار عن مصير قائد الدعم السريع الا ان الشاهد ان القوات رغم انتشارها في ارجاء واسعة من الولاية الا انها ظلت تحتفظ بمقدار معقول من الترابط تدعمها في ذلك شبكة اتصالات متطورة لم يتثني التشويش أو السيطرة عليها .
- تراجعت الى حد كبير القدرات الاستخبارية لقوات الدعم السريع بعد التباعد الذى تم بينها وبين عناصر من لجان المقاومة بالاحياء كانت تمثل لها مصادر للمعلومات وارشاد الى منازل ضباط القوات المسلحة .. وتوقفت الى حد كبير حالات اختطاف المعاشيين من ضباط القوات النظامية اثر الادانات الواسعة لما تم القيام له حيال اللواء المتقاعد طبيب مجدى وصفي .
- الى حد كبير فقدت قوات الدعم السريع الامدادات البشرية من الولايات بعد استهداف العديد من المتحركات بواسطة سلاح الطيران الحكومي .
- انكسرت المقدرة الهجومية الضاربة لقوات الدعم السريع خلال الشهر الماضي اثرفشل حملاتها الهجومية الموجهة تجاه سلاح المدرعات والاشارة والمهندسين، وتحولت الى حالة الدفاع في الغالب عن معسكراتها وقواتها المتبقية .
- العقيدة القتالية لقوات الدعم السريع شهدت انحرافا كبيراً عن مواقفها عند بداية اندلاع المعارك اذ تحولت من اعادة الديمقراطية وحماية التحول المدني إلى اعمال سلب ونهب والحصول على اكبر قدر من الغنائم تمهيداً الى العودة الى الديار.
- القوات المسلحة حافظت خلال الشهر الماضي بشكل كبير على قدراتها القتالية وعززت مواقفها على الارض بدخول امدادات بشرية من عدد من الولايات.
- ارتفاع القدرات الاستخبارية للقوات المسلحة مكّنها من استخدام سلاح المدفعية والاسلحة الموجهة بشكل دقيق تجاه تجمعات وارتكازات قوات الدعم السريع ،وانتقلت القوات المسلحة الى مرحلة العمليات النوعية التى اصبحت تلازم اخبارها اليومية بشكل دائم.
- تراجعت استخدامات سلاح الطيران بعد التحول الجديد لقوات الدعم السريع فى الاحتماء بالمواطنين والمساكن وبعد حصولها على مضادات طيران موجهة مما اضعف الميزة النسبية لتفوق القوات المسلحة خلال الشهر الماضي .
- احتفظت القوات المسلحة بمعسكراتها الاستراتيجية في منطقة القيادة العامة وقيادة المدرعات وقيادة سلاح المهندسين وقيادة سلاح الاشارة وتمكنت خلال الشهر الماضي من اعادة السيطرة على قاعدة جبل اولياء الجوية .. فيما فقدت السيطرة على مواقع الكتيبة الاستراتيجية بشارع الغابة ومؤخراً مصنع اليرموك للصناعات الدفاعية بمنطقة الشجرة . سبعون يوما من المعارك … الواقع على الارض:
- الواقع على الارض في الولايات لم يتغير كثيراً خلال الشهر الماضي عدا ولايتي غرب دارفور وشمال كردفان اذ سجلت كل الولايات هدوءاً فى الاحوال وخلواً من العمليات العسكرية .
- ولاية شمال كردفان تحاول قوات الدعم السريع محاصرة مدينة الابيض من اكثر من اتجاه وحاولت الهجوم عليها عدة مرات تم صد الهجوم واستخدام سلاح الطيران لفك الحصار المضروب عليها بواسطة قوات الدعم السريع و عصابات النهب المسلح مما فاقم من الاوضاع الانسانية وانعدام الخدمات ..
- بشمال كردفان تعرضت مدينة الرهد عدة مرات للعدوان واجتياح من قبل قوات الدعم السريع ادى الى سقوط قتلى وجرحى .
- امتدت قوات الدعم السريع جنوباً لمهاجمة مدينة الدبيبات ونهب مراكز الشرطة والمرافق الحكومية .
- شهدت مدينة كتم نهباً واسعاً واجتياحاً من قبل قوات الدعم السريع اسفرت عن اوضاع انسانية بالغة السوء.
- تمكنت قوات الدعم السريع من اجتياح منطقة ام دافوق واجلاء الحامية العسكرية عنها على الشريط الحدودي مع افريقيا الوسطى ، بالاضافة الى حامية عد الفرسان .. ممايفتح لها خطوط امداد جديدة .. تزامناً مع المعارك المحتدمة بين المعارضة والحكومة فى افريقيا الوسطى .
- قوات الدعم السريع اثر هجومها على مدينة الجنينة خلال الشهر تسببت فى حملة ابادة شاملة للجنس البشري من قبيلة المساليت ومصرع اكثر من 3 الف مواطن واكثر من 7000 من الجرحى والتهجير القسري للسكان والمواطنين في كارثة انسانية لم تشهدها المدينة من قبل .
- اعتمدت قوات الدعم السريع بنهاية الشهر الثاني من القتال سياسة شد الاطراف من خلال اعادة الهجوم عى بعض المدن بشمال دارفور وماتزال مدينة الفاشر تشهد محاولات نشطة للسيطرة عليها ..
- برزت الى المشهد الحركة الشعبية جناح الشمال بقيادة عبد العزيز الحلو في مسعى منها لزيادة شد الاطراف اذ قامت بتاريخ 21 يونيو بمهاجمة مدينة الدلنج فى محاولة لصرف انظار القوات المسلحة فى الخرطوم وانتهاز حالة الانشغال التى تمر بها .
- بولاية الخرطوم لازال الوضع على الارض متنازعاً فالقوات المسلحة تحكم سيطرتها في مناطق المدرعات وجنوباً حتى قاعدة جبل اولياء وامدرمان في جسور النيل الابيض وكوبري الفتيحاب، وشمالاً كامل منطقة وادي سيدنا العسكرية وكوبري الحلفايا .. وتحتفظ بمناطق السلاح الطبي وامتداتها وفى بحري في مناطق سلاح الاشارة وكوبري النيل الازرق وبمنطقة القيادة العامة التي تمكنت القوات المسلحة من تطهيرها وهزيمة قوات الدعم السريع من حولها ولايزال مطار الخرطوم مسرحاً للعمليات في حين تظل طرق عبيد ختم والستين مسرحاً لسيطرة متبادلة بين الطرفين .
- من المسلم به تكتيك انتشار قوات الدعم السريع في مساحات ممتدة على الارض من ابرزها (منطقة شمال بحري حتى مناطق قري واجزاء واسعة من شرق النيل واحياء النصر والهدى – ومناطق الحاج يوسف والفيحاء ومناطق غرب امدرمان فى احياء المهندسين والمنصورة ولفة سراج جنوباً الى مناطق الصالحة، وغرباً في مناطق العرضة وجسر ود البشير) وتسيطر قوات الدعم السريع ايضاً على مدخل الخرطوم من جهة الشمال في شارع التحدي وجنوباً في منطقة كوبري سوبا وكوبري المنشية – وكوبري شمبات بالاتجاهين، وتحكم وجودها فى مصفاة الجيلي والإذاعة والتلفزيون والقصر الجمهوري وعدد من المؤسسات الحكومية الواقعه جغرافيا على امتداد شارع النيل والجمهورية والبلدية وسط الخرطوم.
- الواقع على الارض خلال الشهرالاخير انحسرت فيه المواجهات بشكل كبير عقب فشل هجوم قوات الدعم السريع على مناطق القوات المسلحة المهمة وكانت اكبر المعارك حول قاعدة جبل اولياء الجوية التي انتهت بسيطرة القوات المسلحة .. ومناطق اليرموك للصناعات الدفاعية والتى انتهت فى المقابل بسيطرة قوات الدعم السريع .
- تكتيك قوات الدعم السريع القتالي خلال الشهر اعتمد على التمويه من خلال لبس الازياء المدنية وقيادة سيارات المواطنين التى تم الاستيلاء عليها واحتلال المنازل والبقاء ونشر القناصة على سطوح العمارات ، والتجول بحرية وسط الاحياء وتحت الاشجار وبالقرب من (ستات) الشاى والاختلاط بالمواطنين مما يجعل من امر استهدافهم تكلفة باهظة الثمن .
- قوات الدعم السريع تميل كذلك الى الاحتماء بالاعيان المدنية من المستشفيات والمراكز الصحية والمدارس ، والجامعات والاندية ، وقد افادت معلومات الرصد في تقارير سابقة ان اكثر من 24 مستشفى كبير يوجد بها تموضع دائم لقوات الدعم السريع ووجود متنقل في 21 مؤسسة اخرى ووجود بشكل دائم فى أكثر من 53 مدرسة فى مناطق الصالحة والعرضة وامبدة وشرق النيل ، وافادت شبكات كليات الطب السودانية باقتحام قوات الدعم السريع لاكثر من 11 كلية للطب بالخرطوم .. اما الجامعات فقد رصد وجود مباشر فى جامعة امدرمان الاسلامية وجامعة الخرطوم والسودان والنيلين والعديد من كليات ومؤسسات التعليم الاهلي والخاص باكثر من 35 مؤسسة طلباً للحماية واتخاذها معسكرات واماكن لعلاج الجرحى .
- بشكل عام نستطيع الاشارة الى ان ثمة تغيرات خلال الشهر في مسيرة الحرب فالقوات المسلحة انتقلت الى مراحل العمليات النوعية والاسلحة الذكية والمسيرات القتالية والمدفعية الموجهة ، والتركيز على معركة الخرطوم وترك امرالولايات للتقدير الميدانى لقادة الفرق والوحدات ، في حين انتقلت تكتيكات قوات الدعم السريع الى التمويه واستخدام الدراجات النارية وعربات المواطنين ، ونشر القناصة وادخال سلاح المسيرات و الصواريخ ارض جو والاحتماء بالاعيان المدنية .
- من الصعب تماماً تحديد مدى درجة السيطرة على مدينة الخرطوم بشكل كامل او جزئي فادعاءات الدعم السريع تعمل على تأكيد ذلك من خلال حركتها المتنقله وانتشارها فى الاحياء واقامة الارتكازات في الطرق لتأكيد سيطرتها في حين تقوم القوات المسلحة بنفي هذه المزاعم من خلال القيام بحملات تمشيط مستمرة تعمل فيها على اجلاء هذه القوات من اماكنها .. بيد أن القوات المسلحة لاتعتمد مبدأ الاحتفاظ بالمواقع التى تم تمشيطها لتعود اليها قوات الدعم السريع من جديد .ولعل التعبير الاصدق ان بعض المناطق المتنازع عليها تنعقد السيطرة عليها نهاراً للقوات المسلحة ويدخل الليل فاذا هى تحت وطأة حركة قوات الدعم السريع .
- عودة الى موضوع السيطرة الكاملة على ولاية الخرطوم ينزع مركز الخبراء العرب الى القول ان القوات المسلحة تحافظ بشكل دائم على التفوق الجوى وسماء الخرطوم في حين يظل انتشار قوات الدعم السريع هو الأوسع على الارض ،ودونما اغفال كذلك الى الانتشار قد لايعني السيطرة الفعلية والكاملة .. وسيظل الامر بدون تأكيد فى ظل عدم وجود جهات محايدة أو عدم وجود مسارات متفق عليها . تاثير القتال على الاعيان المدنية خلال الشهر الاخير :
- يظل الوضع الصحي هو الاكثر تأثراً بالقتال خلال الشهر الماضي فقد انخفضت المستشفيات العاملة الان بولاية الخرطوم بالقطاعين العام والخاص الى 58% مقارنة ب 63% للشهر الماضي ومن 85 مستشفى الى79 من اصل 134 مستشفى بالقطاع العام والخاص .. وانخفضت السعة السريرية المتوفرة حاليا للمرضى بمستشفيات ولاية الخرطوم العاملة في القطاعين العام والخاص بنسبة 8% عن الشهر الماضي لتستقر عند نسبة 45.3% واصبحت لاتتجاوز ال1300 سريراً من أصل 2860 سريراً فيما قبل الحرب .. مراكز الكلى العاملة الان 18مركز حكومي من اصل 34 بانخفاض 7%.. عن الشهر الماضي ، مع توقف كل مراكز غسيل الكلى التابعه لقطاع الخاص .. اما المراكز الصحية المرجعية العاملة الان فعددها خلال الشهر 54مركز بانخفاض 9% عن الشهر الماضي من مجمل 81 مركز صحي مرجعي تتوزع على المحليات السبع ..و مراكز طب الاسرة التى تعمل منها 47 مركز بنسبة 46.5% من مجمل 101 مركز تعمل في مجال طب الاسرة ومراجعة الحوامل وتحصين الاطفال .
- منذ بدء الحرب قامت قوات الدعم السريع بالتعدي على اكثر من 24 مستشفى عام وخاص، ومن اهم المستشفيات التى تم احتلالها ( مستشفى الخرطوم- مستشفى التجاني الماحي – مستشفى الذرة – مستشفى الانف والاذن والحنجرة – مستشفى الشعب – مستشفى الدايات – مستشفى الساحة – مستشفى شرق النيل ).. وطال التعدى مستشفيات عديدة على راسها: مستشفى امدرمان مستشفى بحري – مستشفى البراحة – مستشفى الاطباء – دار العلاج – مستشفى يستبشرون – مستشفى الوالدين – مستشفى احمد قاسم – مستشفى البان جديد.. في حين تعرضت العديد من المستشفيات للتوقف بسبب عدم توفر الامن والكهرباء وعدم توفر الوقود ، ومن ضمنها(المستشفى الدولى – مستشفى الراهبات – المستشفى الكويتي – مجمع مكة لطب العيون المستشفى التخصصي – مستشفيات شارع الحوادث).
- يقف الجانب التعليمي غير بعيد عن الواقع الطبي إذ أن الحرب تسببت في ايقاف اجراء إمتحانات الشهادة الثانوية لاول مرة في تاريخها منذ انطلاقتها فى العام 1838 واصبح مصير نحو 560 الف طالب وطالبه مهدد بالضياع ، في حين تعطلت الدراسة فى المدارس والجامعات بكاملها فى كل ولاية الخرطوم وتعرضت وزارة التعليم العالى للحريق وطال النهب كل وثائقها الرسمية ومراكز اصدار الارقام الجامعية والسجلات وتعرضت مباني الجامعات للاحتلال وللسرقة والنهب والحريق حيث رصد التخريب فى اكثر من 45 مؤسسة جامعية بالخرطوم والولايات وبات المستقبل مظلماً أمام الطلاب المسجلين بمؤسسات التعليم العالي والذين يقدر اعدادهم باكثر من 600 الف طالب وطالبه.
- طال شبح الاحتلال والتخريب كافة الاعيان المدنية بالسجلات في بلادنا مثل رئاسة دار الوثائق القومية وسجلات الاراضي وسجلات المحاكم ورسمت مقاطع الفيديو صوراً قاتمة لمؤسسات الدولة ودواوينها الرسمية ويقدر ان عدد 215 وحدة او شركة او هيئة حكومية بمافيها من مراكز ذوي الفئات الخاصة ومدن المعاقين كلها تعرضت للسرقة او النهب او الاحتلال بواسطة قوات الدعم السريع .
- الجانب الاكثر سوءاً كان في مؤسسات القطاع الخاص والمصانع والمحلات التجارية والاسواق اذ رصدت مواقع مختصة على شبكة الانترنت ان نحواً من 6 أسواق مركزية واكثر من 15 سوق طرفية وقرابة (118) الف محل تجاري او خدمي تم كسر ابوابه وسرقة محتوياته وربما اشعال النار فيه وتقدر نسبة الشلل فى المؤسسات الانتاجية والمصانع بولاية الخرطوم باكثر من 70% .
- ينظرالمواطنون بأسى شديد الى قوات الدعم السريع وهي تمارس التهجير القسرى للسكان وتستبيح منازلهم وتسرق محتوياتها وتعبث لممتلكاتهم واظهرت العديد من مقاطع الفيديو والصور قوات الدعم السريع وهي تستبيح هذه المنازل تكسيراً ونهباً وتتخذها ثكنات ومخابئ .. وتنشط مواقع متخصصة في توثيق مثل هذه التعديات التي اشارت برصدها لاكثر من 90 الف بلاغ عن دخول قوات الدعم السريع الى المنازل.. في حين رصدت تطبيقات (مفقود – سيارات مسروقه – موجود) على شبكة الانترنت اكثر من 47 الف بلاغ لسيارات تم نهبها وسرقتها بواسطة قوات الدعم السريع .. واشارت معلومات الرصد الميداني الى عبور اعداد غفيرة من السيارات المسروقه يومياً باتجاه شارع الصادرات غرباً الى دارفور ، وشوهدت مئات من العربات المنهوبة في طرقات مدن الضعين ونيالا ومناطق واسعة فى جنوب دارفور ، ووفق افادة بعض شهود العيان أن الكثير من هذه العربات يتم عرضها للبيع في دول الجوار في تشاد وليبيا وافريقيا الوسطى . سبعون يوماً من المعارك .. الوضع الانساني :
- وفق تقارير متعددة ادت الحرب الى فرار حوالى 2000 شخص من العاصمة الخرطوم فى عمليات نزوح داخل الولايات تقدر باكثر 1.5 مليون نازح ولجوء حوالى 500 الف الى دول الجوار مصر واثيوبيا في حين بلغ عدد النازحين واللاجئين من ولاية غرب دارفور فى اتجاه تشاد اكثر من 700 الف نازح وبلغ عدد النازحين حول مدينة الأبيض ومناطق جنوب كردفان نحو200 الف نازح .
- حتى الان يشهد الوضع الانساني المأساوي غياباً كاملاً لكل المنظمات الطوعيه والوطنية والاجنبية فلم يتم الاعلان عن اي برامج او انشطة تستهدف النازحين او اللاجئين بدول الجوار.
- وفر العمق الاجتماعي السوداني فى الريف والولايات حاضنة اجتماعية ممتازة للنازحين الى الولايات حيث لم تتم اقامة معسكرات للنزوح وانما تمت الاستضافة للكثير من النازحين لدى اقاربهم في حين اتجهت مجموعات اقل لإستئجار مساكن منفصلة وسط ارتفاع عالي جداً في اسعار ايجارات الشقق المفروشة والنزل والاستراحات والمنازل واشتكى العديد ممن التقتهم شبكة مركز الخبراء العرب من حالات الاستغلال الشديد في اسعار الايجارات في مدني وبورسودان وحلفا ودنقلا عطبرة وغيرها ..حري بالذكر ان البنية الاساسية الهشة للعديد من الولايات لاتمكنها من تقديم خدمات العلاج والكهرباء والمياه بشكل واسع مما ادى الى تأزيم اوضاع الخدمات بشكل كبير .
- معظم حالات اللجوء كانت الى مصر والتى استقبلت عبر المعابر البرية نحو 350 الف لاجىء منذ بداية الازمة وقد قامت مؤخراً بتشديد الاجراءات الهجرية للحد من دخول مزيد من اللاجئين الى اراضيها / في حين اعلنت اثيوبيا دخول 35 الف لاجىء عبر معبر االقلابات بينما اعلنت دولة جنوب السودان دخول حوالى 30 الف لاجىء الى اراضيها.
- رغم ان الطرفين وقّعا على اعلان جدة الانساني والهدنة الإنسانية والتى تم تجديدها خلال الشهر الماضي ثلاث مرات الا ان الاعلان والاتفاق الذى تلاه ظلا حبراً على الورق ولم يتنزل إلى ارض الواقع ولم يتم تنفيذ حتى 1% من كل المنصوص عليه من بنود واجراءات تتجاوز ال45 بنداً واجراء تهدف الى تخفيف الاوضاع الإنسانية.
- رغم ما رشح في الاعلام عن وصول مواد اغاثه وإيواء تقدر بحوالة 250 الف طن عبر مطار بورسودان الا ان الدولة والجهات المكلفة بالترتيب لها لم تعلن عنها حتى الان رغم مرور مايقارب ال60 يوماً عن اليات أو اولويات التوزيع او عن الكميات التى تم استلامها او مكان وزمان التوزيع .
- اشد المناطق نكبة هى حالات التطهير العرقي بمدينة غرب درفور من قبل قوات الدعم السريع والمليشيات العربية الموالية لها في استهداف قبائل المساليت والاثنيات الافريقية الموالية لهم والتي تمثل جرائم كاملة ضد الإنسانية والجنس البشرى .
- اظهرت مقاطع مصورة عديدة الانتهاكات الدائمة لقوات الدعم السريع وهي تقوم بتعذيب او تصفية المواطينن او التهجير القسرى او الافعال المشينة ومن ضمنها حادثة تصفية والي غرب دافور على يد قوات الدعم السريع ..في حين ظهرت بعض المقاطع ايضاً تدين منسوبي القوات المسلحة واساءة التعامل مع اسرى قوات الدعم السريع.
- اشارت منطمات حقوقية الى ان قوات الدعم السريع قامت بانتهاك اكثر من (22) جريمة ضد الإنسانية معرّفة فى اتفاقيات جينيف وتشمل ( الاختطاف – الاحتجاز القسري – مهاجمة المستشفيات – الاعتداء على الكادر الطبى – تدمير المؤسسات الخدمية – مهاجمة دورالعبادة – جرائم الاغتصاب والاضطهاد العرقي والابادة الشاملة – اضطهاد العنصر البشري – القتل على اساس العرقي – التهجير القسرى- الخ) وسط دعوات بعدد من العواصم تدعو الى تصنيف قوات الدعم السريع كجماعة ارهابية .
- بعد مرور شهر من الحرب تُظهر كافة مناحي الحياة اليومية عسراً بالغاً في ظل تعطل كافة اوجه الانتاج والمصانع وغياب شبه كامل للدولة في تسيير الحياة العامة وحفظ الامن ، وتعطل دواوين الدولة ، واغلاق المجال الجوي باستثناء مطار بورسودان الذى يؤدي مهام استثنائية ، واغلاق للاسواق الرئيسية ونقصان السلع الضرورية.
- خلال مسيرة النزاع تم التوقيع على العديد من الهدن بحجة تحسين الاووضاع الانسانية وفتح المعابر واخلاء الجرحى والسماح لوصول المساعدات الطبية واعمال الاغاثة على النحو التالي :
• الهدنة الاولى بوساطة الامم المتحدة لمدة 3 ايام بتاريخ21 ابريل 2023.
• الهدنة الثانية بوساطة من رئيس دولة جنوب السودان لمدة 3 ايام بتاريخ 4 مايو 2023.
• الهدنة الثالثة بوساطة امريكية بتاريخ 4 مايو 2023 لمدة 3 ايام.
• الهدنة الرابعة وقف اطلاق النار قصير الامد والترتيبات الانسانية لمدة (7) ايام بتاريخ 20 مايو 2023 .
• الهدنة الخامسة لمدة (5) ايام بتاريخ 29 مايو 2023 وهى تمديد للهدنة السابقه.
• الهدنة السادسة لمدة 24 ساعة بتاريخ 10 يونيو 2023 بوساطة المبادرة الامريكية السعودية .
• الهدنة السابعة لمدة 3 ايام بتاريخ 17 يونيو 2023 بوساطة المبادرة الامريكية السعودية .
- الملاحظ في كل الهدن التى تم توقيعها:
• لم تشهد التزاما كاملاً بنسبة 100% ويتبادل طرفا النزاع الاتهامات بالخروقات ..
13 على المستوى الميداني شهدت فترات الهدن المختلفة أعادة الانتشار والتموضع من قبل قوات الدعم السريع والتمدد فى الاحياء الشعبية وزيادة السلب والنهب ..
• فى الوقت نفسه لم يكن لكل هذه الهدن المتعاقبة اي تأثير ايجابي على الاوضاع الانسانية بل على العكس مع كل هدنة تزداد الاحوال الانسانية سوءاً وتعقيداً ..
• الوساطة السعودية الامريكية نفسها لم تتمكن من تطوير الياتها لرقابة الهدنة ولم تتمكن من اصدار اي تقارير عن الخروقات التى تمت ومسؤولية كل طرف من الاطراف .
• توقيع كل هذه الهدن المتعاقبة وعدم وجود أي تأثير ايجابي على الحالة الانسانية يدفع للاعتقاد بأن فترات الهدن المختلفة ماهي الا عبارة عن منح مزيد من الوقت لتطاول المعارك وزيادة المعاناة وربما في بعض الاحيان خدمة لقوات الدعم السريع ومنحها قبلة الحياة من جديد.
الاصداء العالمية ..
- افلحت المبادرة السعودية الامريكية فى احداث اختراق جزئي في موضوع تسوية النزاع بجمعها لطرفي النزاع في مفاوضات غير مباشرة اسفرت عن توقيع اعلان (حماية المدنيين والاوضاع الانسانية) بجدة بتاريخ 21 مايو واتفاقية (وقف اطلاق النار والترتيبات الانسانية) بتاريخ 20 مايو 2023 والاتفاقيتين تتعلقان بالأوضاع الانسانية وتمت تحت رعايتهما توقيع عدد(6) هدنة انسانية ، لاغراض انسانية بحته وتستهدف السماح بالمرور الآمن للمدنيين وعدم استهداف الاعيان المدنية وعدم استخدام المدنيين كدروع بشرية والالتزام بحماية الخدمات الضرورية للمدنيين وفتح سبل ومعابر توصيل المعينات الطبية والانسانية .. ورغم أن الاتفاقيتين المشار اليهما تحدثتا عن وقف اطلاق نار مؤقت تمهيداً لمباحثات موسعة يتم فيها اشراك المدنيين بهدف الوصول الى حل مستدام الا ان المبادرة لم تغادر الخطوة الاولى دون تقدم يذكر في كل المجالات بمافي ذلك الملف الانساني الذى جعلته المبادرة اولوية قصوى .. ومن خلال التصريحات الاخيرة للادارة الامريكية يبدو ان المبادرة في طريقها للتوقف او الانتقال الى منبر جديد .
- جامعة الدول العربية وبتاريخ 2 مايو 2023 دعت لوقف اطلاق النار وادانت الانتهاكات المتواصلة من قبل قوات الدعم السريع ودعت لتقديم المساعدات الانسانية ، وسجلت موقفاً قوياً لصالح القوات المسلحة ودعت الى تعزيز المبادرة السعودية الامريكية والاكتفاء بذلك دون تقديم مبادرة جديدة .
- مجلس الامن عقد جلستين حول السودان الاولى بتاريخ 26 ابريل 2023 الاولى استمع فيها الى احاطة مبعوث الامم المتحدة فولكر بيرتس الى السودان في وقت قال فيه مندوب السودان لدى مجلس الامن ان ما يجرى عبارة عن انقلاب عسكرى .. والجلسة الثانية بتاريخ 2 يونيو 2023 اعتمد فيها تمديد مهمة بعثة الامم المتحدة بالسودان (يوناتامس) ، فى الوقت الذى اطلت فيه بوادر ازمة قوية بين السودان والامم المتحدة بشأن طلب السودان تغيير رئيس البعثة فولكر بيريتس بسبب اسهامه فى تغذية النزاع ،ورد الامم المتحدة بانه ينال ثقة الامين العام للامم المتحدة، مما دعا السودان الى اعلانه شخصاً غير مرغوب فى وجوده فى السودان ،فردت الامم المتحدة على ذلك باعتماد عمله من العاصمة الكينية نيروبي ويتوقع ان تُلقي هذه الازمة بظلالها على العلاقة بين السودان والامم المتحدة .
- منظمة الايقاد وتحت رعاية الاتحاد الافريقي بدأتا تحركاً متاخراً من خلال الدعوة لمعالجة الازمة السودانية وتكوين الية برئاسة الرئيس الكيني الذى اعترضت عليه الخرطوم بحجة انحيازه الى قوات الدعم السريع وتمسكت برئاسة الرئيس الجنوب سوداني للالية .. فى الوقت ذاته ابدت الخرطوم تحفظات قوية حيال مارشح من أنباء حول ملامح مقترح الايقاد لطي الازمة والمتمثل فى مناطق منزوعة السلاح وتدخل قوات اممية للفصل بين الجانبين .
- بشكل عام فأن موقف الدول دائمة العضوية في مجلس الامن لم يعير النزاع اهتمام كافياً بسبب انشغال روسيا بالملف الاوكراني ،وتحديات الصين وتوازناتها فى افريقيا فلم يكن لهما اسهام يذكر… في حين تحركت بريطانيا للدفع بملف النزاع الى مجلس الامن دون تقديم مقترحات اضافية ، اما فرنسا التى تربطها مصالح قوية بمناطق تشاد وافريقيا الوسطى المتاخمتين للسودان فقد بدأت بالتنسيق مع تشاد لمراقبة الحدود بالطيران العسكرى خوفاً من تداعيات النزاع وعدوان الدعم السريع .
- على صعيد دول الاقليم لم يخف منذ الوهلة الاولى الدعم الكبير الذي تقدمه دولة الامارات العربية الى قوات الدعم السريع وانحيازها اليه بشكل فاضح مع قناعة الرأي العام السوداني بان دولة الامارات هي من قامت بالتخطيط والتمويل والتنسيق لهجوم قوات الدعم السريع وانها هي من قامت باشعال فتيل النزاع ، وتجيير نفوذها وعلاقاتها فى المنطقة لصالح قوات الدعم السريع .اما جمهورية مصر العربية رغم موقفها المبدئي من (مليشيا) الدعم السريع ورغم تعرض عناصر من قواتها الجوية للاسر بواسطة قوات الدعم السريع الا ان موقفها في العلن ظل في حالة الحياد الاقرب للقوات المسلحة دون ان تقوم باي ترتيبات مباشرة فى التدخل فى النزاع . واشارت تقارير اعلامية وصحفية ان دولة الامارات العربية هى من قامت بتحييدها وعزلها عن النزاع فى ادوار مشابهة ايضاً لمواقف اثيوبيا وارتريا واللتان يبدو تأثير النفوذ الاماراتي عليهما قويا وواضحاً.
- بدأ واضحا ارتباط شركة فاغنر الروسية بالنزاع والتى تربطها مصالح اقتصادية واستثمارات مشتركة مع قوات الدعم السريع فى مجال تعدين الذهب واشارت القارير المختلفة الى قيام شركة فاغنر بتسليح قوات الدعم السريع لمضادات الطيرات وتوفير تحالف ثلاثي قوي لاسناد الدعم السريع لمعاونة الجنرال خفتر فى ليبيا .
- وكالات الأمم المتحدة ومنظماتها المعنية بالأعمال الإنسانية ومراقبة النزاعات ومتابعة حالة حقوق الانسان لم تتخذ مواقف واضحة حتى الان وان كانت الفترة الاخيرة من النزاع قد شهد إدانات من جانبها لمسلك قوات الدعم السريع فى ملف حقوق الانسان دون ان يرقي ذلك الى اجراءات عقابية .
- مايمكن قوله بشكل فعلي ان الاصداء العالمية للنزاع لم تكن بمقدار حجم الحدث ولا بمقدار تجاوب المجتمع الدولي مع مثل هذه التحديات حيال مناطق واطراف اخرى من العالم . تعليق عام:
- في بداية النزاع كان كل طرف من الاطراف يتوقع حسم المعارك خلال ايام بل ان قوات الدعم السريع كانت ترى بامكانية حسمها خلال ساعات محدودة في اليوم الاول .. ولكن مثل سائر الحروب فان الحسم عصي دائما والمعارك بحسب التجارب تاخذ وقتاً اطول وانها سهلة الاشتعال بطيئة الإخماد .
- سير المعارك فى الاونة الاخيرة يشير بوضوح الى التقدم البطيء للقوات المسلحة فى مقابل الاستنزاف اليومي لقوات الدعم السريع التي ظلت تتناقص قدراتها القتالية باستمرار.
- استمرار المعارك لفترة اطول مكّن قوات الدم السريع من استعادة التوازن فى التسليح من خلال الحصول على مضادات الطيران والطيران المسير .
- استمرار المعارك لفترة اطول ادى الى اشتعال القتال من جديد في العديد من المناطق في دارفور وكردفان .
- استمرار المعارك لفترة اطول يساهم يومياً في سوء الحالة الانسانية وازدياد حالات اللجوء والنزوح في غياب كامل لالية الدولة ، وانعدام الشفافية ، وشائعات الفساد التى ترافق تسرب بعض المساعدات الانسانية الى الاسواق ، وفى ظل احجام واسع من كل المنظمات الاممية والقطرية ، وتراجع فى حجم المساعدات .
- التفوق الاعلامي في بداية المعارك كان من حليف قوات الدعم السريع اذ تشير تقارير عديدة الى ان دولة الامارات العربية المتحدة قد اعدت باكراً العدة لغطاء اعلامي كثيف من خلال مئات الالاف من الحسابات الوهمية على المنصات الرقمية المختلفة … كما ان القنوات العربية الفاعلة( الجزيرة – الحدث – العربية ) ظلت ثمثل سلاح الاعلام القوي المناصر لقوات الدعم السريع في مقابل الضعف الاعلامي للقوات المسلحة ، والذى زاد منه سيطرة قوات الدعم السريع على مباني الاذاعة والتلفزيون وتعطيل البث الارضي بالاضافة الى غياب وزارة الاعلام وكافة المنصات الاعلامية الحكومية والضعف الشديد فى موقع الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة ، وغياب الايجازات والتنويرات المعتادة فى مثل هذه الازمات ،وبالتالى سيطرت على فضاء الاعلام قوات الدعم السريع والكثير من الاشاعات ،والاخبار المضللة .
- بدا واضحاً العزلة الدبلوماسية الكبيرة على الحكومة السودانية والغياب المبكر لوزارة الخارجية منذ بداية الازمة الا من المجهودات المقدرة التى قام بها السفير دفع الله مبعوث مجلس السيادة والسفير الحارث ادريس مندوب السودان فى الامم المتحدة وقد اظهرت الازمة الاخيرة نتائج مؤسفة في شكل علاقات السودان الخارجية بالدول المؤثرة عالمياً واقليما .. واظهرت استعداءً واضحاً عليه فى المنابر الإفريقية ودول لجوار .
- من ناحية اخرى فان الغياب الكامل لكل الطاقم الحكومي فى ادارة الازمة عدا وزير المالية ووزير مجلس الوزراء دفع بتساؤل مبكر عن كيفية ادارة الدولة في مثل هذه الظروف واظهرت الازمة ثغرات واسعة في بنية الجهاز الحكومي ويدلل الراي العام على ذلك بموقف وزير الداخلية مدير عام الشرطة ووزير الدفاع ووزير الصحة وعدد من الوزارات المفصلية والمهمة… وهى فواتير بات من الراجح ان على السودان يدفعها ثمناً نظيراً للفراغ الدستوري منذ 25 اكتوبر 2021 وإلى الآن لم يقم رئيس مجلس السيادة بعده بتكليف اي حكومة .
- المحير فى الامر ان الدولة حتى الان لم تعلن حالة الطوارئ ولا الاستنفار العام رغم كل الخسائر في البنية التحتية والارواح فى خطوة تظهر التردد الكبير الذى ظل سمة ملازمة لقيادة القوات المسلحة.
- التردد الكبير الذي يوصف به رئيس مجلس السيادة والغموض الذي تتمتع به شخصيته وعدم قدرته على اتخاذ مواقف حاسمة دفع للتشكيك حول مقدرته على الصمود فى وجه الضغوط الاجنبية وعلاقته بالموافقات المستمرة على الهدن المتعددة التى تم توقيعها والتى لم يلمس الشعب السوداني أي فائدة حقيقية لها .
- ظلت المساندة الشعبية العالية ترافق القوات المسلحة منذ بداية الازمة وتشهد تباعداً كبيراً بينها وبين قوات الدعم السريع وشهدت كل المدن قوافل مساندة ووقفات تعبير قوية عن الموقف المساند للقوات المسلحة
- من المتوقع ان تسير الاحداث مستقلاً على ذات منوال استمرار المعارك لفترة اطول وباصرار كل طرف على حسم المعركة لصالحه وسط تراجع لقوات الدعم السريع في ميدان المعركة فى الخرطوم مع سعيها لزيادة فى الضغط على اطراف القوات المسلحة في كل مدن دارفور ومناطق شمال وجنوب كردفان.
- في حالة تطاول امد الصراع اكثر سيفرض سوء الاوضاع الانسانية على الطرفين الاستجابة للضغوط الدولية والتى غالبا ما تميل الى الحفاظ على حالة من توازن القوى عبر المساعدات الخفية لقوات الدعم السريع ..
- فى ظل الانقسام الحالى لمجلس الامن وهيمنة الوضع فى اوكرانيا على معظم الاهتمامات العالمية من المرجح ان تتعدد مبادرات الحلول الافريقية برعاية من الامم المتحدة سعيا نحو الحوار والتفاوض الذي يظل هو الحل النهائي وحتى فى حالة انتصار طرف على الاخر يبقى الحوار مهماً لاكمال كل الترتيبات سلما او حرباً بيد ان الضغوط الدولية ستقود الطرفين لتوقيع اتفاق دائم لوقف اطلاق النار وفتح المسارات الانسانية والاستعانة بقوات من الاتحاد الافريقي للفصل بين الجانبين على غرار ماتم فى جنوب السودان او عبر تشكيل بعثة مشتركة بين الامم المتحدة والاتحاد الافريقي.
- تعقب ذلك مفاوضات الوضع الدائم والتى ستسعى لاعادة المدنيين من جديد للحكم مع اعطاء اولوية لحلفاء المجتمع الدولي من اصحاب الاتفاق الاطارى ويمكن استصحاب بقية القوى الاخرى ولكن قطعا دونما اغفال للحركات المسلحة ويتم ضمن ذلك ايضاً تسوية قضية شرق السودان .
- مستقبل قوات الدعم السريع في ظل اي مفاوضات قامة سيكون ضمن الخيار الاوحد هو اعادة دمجها في القوات المسلحة مقابل عملية جراحة عميقة فى القوات المسلحة السودانية . }}
( أنظر : تقرير مركز الخبراء العرب للخدمات الصحفيه ودراسات الرأي العام ،مركز اعلامي محايد مستقل. )
يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا
وإستوطن اﻷرض أغراب وأشباحُ
ياعيد ماتت أزاهير الرُّبى كمداً
وأوُصِدَ الباب ما للباب مفتاحُ
نزار قباني ،،،
العيد الأكثر حزناً في حياتي •••
وطني ينزف .. خرطومي ينزف .. بري تنزف .. قلبي ينزف حزناً كاد يعصف بي
و برغم حنيني إلى بيتي .. إلى مسبحتي .. إلى كتبي •••
كل عام و أنتم بألف خير و عافية و بركة .. و وطني سيدي و تاج رأسي
يتبع بإذن الله ،،،
محمد الطيب عابدين
الأربعاء ٢٨ يونيو ٢٠٢٣م
١٠ ذو الحجة ١٤٤٤هجرية
أول أيام عيد الأضحى
التعليقات مغلقة.