د. عبد العظيم حسن يكتب دولة القانون التدخل الدولي [1]
دولة القانون
التدخل الدولي [1]
نظم تجمع السودانيين لدعم الثورة بمنطقة ديلمارفا (بأمريكا) ندوة تحدث فيها كل من وزير الإعلام السابق والصحفي المرموق فيصل محمد صالح، الإعلامي ماهر أبو الجوخ بالإضافة للصحفي طاهر المعتصم السكرتير الخارجي لنقابة الصحفيين السودانيين. على الرغم من أن موضوع الندوة كان تحت عنوان توحيد وتكثيف الرسالة الإعلامية إلا أن اللافت للانتباه أن الإعلامي ماهر أبو الجوخ خصص للتدخل الدولي مساحة مقدرة من زمن الندوة. في ذات نهار يوم الأمس نشر الصحفي فيصل محمد صالح مقالاً بعنوان اقتراب التدخل الدولي في السودان. الذي يبين أن الاعتماد على التدخل الأجنبي لحل الأزمة السودانية يبدو وكأنه أصبح أمر واقع تسانده سراً وجهراً بعض القوى السياسية. بغض النظر عن من يدعم هذا الاتجاه، فإن السؤال الذي يطرح نفسه: هل من مصلحة السودان والسودانيين السماح للمجتمع الدولي ليستمر ممسكاً بمفاتيح حل الأزمة؟ أم أن الأفضل أن يكون الحل سوداني – سوداني بحيث يكون دور المجتمع الدولي داعماً لرغبة السودانيين وخياراتهم لا فارضاً لأجندة أجنبية؟
الثابت أنه إذا لم تجتمع رغبة أمة على مصالحها العليا فمن المستحيل أن يتوافق متصارعون أجانب على ذات الثروات والموارد والموقع الجغرافي. فالغير، مهما ادعى، لا يتحرك من دوافع إنسانية بقدرما مصالح مادية. فالحرب التي نشأت كانت وما زالت تؤزها المطامع الأجنبية. فمصالح وأجندة المجتمع الدولي لم تكن مجرد طرف في الحرب وإنما ظلت ممسكة بكل ما يمكن أن يؤججها غير آبهين للسودانيين، وحتى اللحظة، ولو بسماع رأيهم. غني عن البيان أن تجارب الدول التي كانت مسرحاً للتدخل الأجنبي لم تكن مشرقة بالقدر الذي يقنع السودانيين ليقبلوا بها. لا في الصومال أو أفغانستان أو العراق أو ليبيا نجح التدخل الأجنبي في إنهاء الحرب التي اندلعت بقدرما كان للتدخل دور المزيد من الدمار والانقسامات العرقية والمذهبية علاوة على ضياع الأجندة الوطنية.
صحيح أن بعض من يؤيدون هذا المشروع يعتقدون أن المجتمع الدولي سيدعم استلامهم للسلطة إلا أن التحديات والتداعيات التي ستنشأ عن هذه الخطوة ستكون وخيمة وغير محسوبة. فلا الجيش ولا المواطن العادي سيدعمان هذه الخطوة بوصفها تنازلاً عن السيادة الوطنية بجانب كونها خطوة لتعيين بريمر أو من في حكمه على السودانيين. بالطبع لا يجوز القياس على تجربتي اليوناميد واليونتامس وذلك لكونهما كانتا بطلب وتخت سيطرة الحكومة الوطنية. في ذات الوقت تجربة التدخل الدولي في دول كالسودان كانت سبباً لظهور الدواعش ومن في حكمهم من الجماعات الإرهابية المتطرفة.
إن تجربة المنظومة الدولية وفي ظل غياب آليات الرقابة لم تكشف، وفي معظم الأحيان، سوى عن زيادة السماسرة والموظفين الذين يتقاضون مرتبات وامتيازات باهظة على حساب ضحايا الحروب والأزمات. المستنيرون من المهنيين في مناطق الأزمات يجب أن يكونوا على مستوى المسؤولية. على وجه التحديد نخص بالذكر المحامين والصحفيين لكونهم وعلى عاتقهم يقع العبء الأكبر في أن يتصدوا، عبر تنظيماتهم وتجمعاتهم ونقاباتهم، لواجب حماية الحقوق الأساسية والحريات العامة وإلا سيكونوا جزءاً من الأزمة وما سيترتب عليها من مزيد الدمار.
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
2 يوليو 2023
التعليقات مغلقة.