د.عبد العظيم حسن يكتب دولة القانون المفكرون
دولة القانون
المفكرون
لولا الفكر والتفكير لما كان للإنسان من شأن ولا مكرمة على الخلائق. ولما للفكر من أدوار أساسية في تطوير المجتمعات أصبحت المنظمة العالمية للملكية الفكرية الأجدى والأسرع نمواً بالمقارنة مع منظمات الأمم المتحدة الأخرى. استقرار أي دولة يعتمد على مدى اهتمامها بمفكريها وذلك لكونه أول محددات ترتيبها بين الأمم. فبدلاً عن غذاء البطون فإن الاستثمار في الفكر يضمن سد البطون وغيرها من الاحتياجات. اصطلاحاً يستخدم لفظ الفقيه كبديل للمفكر وأحياناً العكس. أي كل فقيه مفكر وكل مفكر بالضرورة فقيه. في ذات الوقت لا يستلزم الأمر أن يكون الفقيه أو المفكر حافظاً للنصوص بقدرما مالك لأدوات التعامل معها واستخلاص مدلولاتها. ترتيباً على هذه القاعدة أصبح بالإمكان الاستعاضة عن الحافظ بالأجهزة ونحوها من أدوات الذكاء الاصطناعي ليتجلى أنه من المستحيل أن يغيب دور المفكرين مهما تطورت صناعة الذكاء. من هذا المبدأ يجوز القول بأن كل فقيه عالم ولكن ليس كل حافظ مفكر أو قادر على تقديم الحلول الكاملة.
تعدد مجالات الحياة وضروبها جعلت لكل مجال تخصص ومختصين في ذلك الفقه وعلومه. وكما تختلف العلوم والتخصصات تتباين البيئات التي تتنزل عليها الاجتهادات. لهذا السبب كان لكل بيئة مفكريها وعلمائها بحيث يستحيل تعليب الحلول وتقديمها لتحكم كل الظروف والأمكنة. القبول باختلاف التخصصات والبيئات جعل الفقهاء يتبنون مقولة تغيّر الفتوى باختلاف الزمان والمكان. أهم أدوار للمفكرين هي سرعة استجابتهم لتقديم الحلول لمجتمعاتهم درءاً للكوارث والأزمات التي تفتك بوجودها. استمرار الأزمات يعني وحتماً أن المجتمع خال من الفقهاء والمفكرين. فالفكر أو الموروث الثقافي الذي لا يبرز العاطفة المجتمعية يعد مجرد أدوات متعة للقراءة قبل النوم. السؤال الذي يطرح نفسه: هل بالسودان مفكرين يستطيعوا أن يقدموا وصفات حل لمشكلاتنا؟ أم لدينا مجرد منابر ومنصات وقروبات تواصل اجتماعي مفتوحة بيوت بكاء للمتشاكسين ليتغازلوا فكرياً على مقاطع الفيديوهات المنقولة من واقع الجراحات؟ بعبارة أكثر وضوحاً: هل لدينا مرجعيات فكرية قادرة على تقديم حلول موضوعية عندما تتصارع الأمة في وجودها؟
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
6 يوليو 2023
التعليقات مغلقة.