إبراهيم عثمان يكتب عن تكتيكات الحياد الزائف
عن تكتيكات الحياد الزائف
إبراهيم عثمان
▪️ إذا رصدنا مواقف، قحت المركزي تجاه الحرب، ومواضيع الإدانة، من حيث الجوهري والهامشي، العجلة والتأخير، الرغبة والاضطرار، التناسب واللاتناسب، الوضوح والتعتيم، التضخيم والتهوين، الاختلاق والتجاهل، التحامل والمجاملة، سنجد أنها تستخدم ما يخدم المتمردين من هذه الحيل لتأتي مواقفها مصممة بالكامل وخصيصاً لمراعاة التحالف مع المتمردين لا مراعاة المبادئ، ولا الالتزام بالحقيقة !
▪️ قد يعترض معترض : كيف ذلك والمركزي قد أدان المتمردين ؟ وسيكون الرد : فعل ذلك متأخراً بعد تمنعٍ مشهودٍ، وبعد شهور من إنتاج واستخدام مصطلحاته الخاصة للتعمية وتجهيل الفاعل، وفعله بطريقة غير متناسبة من حيث نوع الجرائم وقوة الموقف منها، وبلا تشديد على الإدانة، ومع إغفال كثير من الجرائم، ومع توزيع المسؤولية، ومع انتقاء ثلاث جرائم فقط للمتمردين لتكافيء الجرائم الثلاث التي تمكنوا بالكاد من إلصاقها بالقوات المسلحة !
▪️ قد يقول : إن تأخر الإدانة يرتبط بالتثبت لا. بمجاملة المتمردين .. وهذا قول مردود فقد “اضطرتهم” للإدانة الباهتة المتأخرة عوامل لا علاقة لها بالتثبت : كثرة جرائم حلفائهم وتنوعها، واتساع نطاقها، وثبوتها الذي لا تجدي معه أساليب التعمية، واستحالة الاستمرار في تجاهلها كلها، وما سببه صمتهم من سخط شعبي، والأهم من كل هذا أنها أتت ( بالتزامن ) مع الاعتراف المتأخر للمتمردين بوجود متفلتين بينهم يرتكبون الجرائم، مع الزعم بوجود مجرمين غيرهم يتبعون للطرف الآخر، ولذلك أتت الإدانة على مقاس هذا الاعتراف الباهت، متزامنة معه توقيتاً، ومتساوية معه مقداراً، وبذات القدر من توزيع المسؤولية !
▪️ قد يقول : المهم أنهم أدانوا في النهاية.. والرد على هذا ميسور، فالإدانات الحقيقية عادةً تثير حفيظة المدانين ويرون فيها تحاملاً يردون عليه، أما هذه الإدانة فهي لم تثر حفيظة المتمردين، ولم تؤثر سلباً على موقفهم من التحالف، ولم تجعل أياً منهم بهاجمهم، أو يرد عليهم، أو يصحح لهم، أو يقل حماسه وهو يتحدث عن إنهم يحاربون من أجلهم !
▪️قد يعترض: كيف تقول إنهم منحازين للمتمردين ضد المواطنين وهم الذين يتحدثون عن حماية المدنيين ؟ وسيكون الرد : أنظر إلى موقفهم من خطة المتمردين القائمة على وضع المواطنين بين مطرقة جرائمهم في الأحياء والمنازل،
وسندان اتخاذهم دروعاً يتقون بها ضربات الجيش، ويصعبون بها تحرير الأحياء والمنازل، ستجد أنهم يخدمون المطرقة بتجاهلهم المتعمد لمعظم الجرائم، ويدعمون السندان بتكثيف هجومهم على الجيش كلما اقترب من الأحياء لتحريرها !
▪️قد يقول : كيف ذلك وموقفهم المعلن هو الحياد ؟ وسيكون الرد : إن الحياد – حتى إن قصدوه وسعوا للالتزام الصارم به – بين طرفين يشن أحدهما حربه على المواطنين ويخرب ويدمر عمداً، بعد فشل خطته الانقلابية التي بدأت باحتلال مطار مروي، هو انحياز ليس فقط للمجرم منهما ضد الطرف الآخر فحسب، بل أيضاً، وأساساً، للمجرم ضد المواطنين أنفسهم، فما بالك والحياد هو عنوان اضطراري للحفاظ على استمرار التحالف مع المتمردين، مع الابتعاد لمسافة محسوبة من إجرامهم، وعدم قطع شعرة معاوية مع الجيش !
▪️قد يعترض: كيف ذلك وهم يقولون لا للحرب ويقفون على ذات المسافة من الجيش والمتمردين ؟ وسيكون الرد : إنهم لا يكتفون بقول ( لا للحرب) ، وإنما يقولون ( لا للحرب ) ( التي أشعلها الجيش بتحريض من خصومنا ) فلا للحرب عندهم هي أول وأكبر مظاهر الانحياز، خاصةً وأن غرضها المعلن الآخر، إلى جانب إدانة الجيش، هو إيقاف دحر المتمردين والتفاوض معهم . والمسافة الواحدة أكذوبة لأنهم يبرئون المتمردين من التهم الأساسية بخصوص إشعال الحرب ابتداءً من مروي، ومحاولة الانقلاب، والتمرد، والإرهاب، والمطامع السلطوية، واستجلاب المرتزقة الأجانب، أما بخصوص جرائم الحرب وخدعتهم المتمثلة في تصويرها وكأنها موضوع المسافة الواحدة فهي عندهم مجرد فروع يقومون إزاءها بتفعيل الحيل المذكورة في صدر المقال ليصنعوا تساوياً زائفاً ليقولوا من خلاله : لقد عدلنا، وهذا هو إثبات حيادنا ومسافتنا الواحدة !
التعليقات مغلقة.