الايام نيوز
الايام نيوز

د. عبد العظيم حسن المحامي يكتب دولة القانون عكازة الحجاز

دولة القانون
عكازة الحجاز
أي اشتباك أو صراع سواءً أكان بالأيدي أو أخذ الطابع العنيف أو المسلح فإن من ينبري لفك هذا الاشتباك يجب أن يملك الإرادة ووسائل الإدارة التي تؤهله لوقف المعركة ومنع تصاعدها. خير توصيف لمثل من يتولى هذا الدور مثلنا السوداني القائل ” الحجاز ليه عكاز“. فرمزية العكاز في العلاقات أو القانون الدولي تعادل العصا ترهيباً والجذرة ترغيباً.
حرب السودان والتي اتخذت العاصمة مركزاً تعتبر الأخطر لكونها ضربت العمق وشلت الحياة بكل مناحيها السياسية والاجتماعية والاقتصادية. في السياق، وعلى الرغم من أن عدة مبادرات محلية وإقليمية سعت للوساطة بين المتحاربين إلا أن معظمها يبدو فاشلاً لفقدان الوسيلة أو الوسائل التي توقف الحرب وذلك لعدة أسباب يمكن تلخيصها في سببين أساسيين أولهما : داخلي، وثانيهما: خارجي. فالداخلي هو تعدد الأطراف الوطنية التي لكل منها مصلحته من الحرب سواء من حيث الاستمرار أو الطريقة التي يراها للتوقف. أما السبب الخارجي فيتمثل في المصالح الدولية والتي بطبيعتها متشعبة ومتضاربة ولا تتوافق إلا على طريقة نصيب الأسد أو صاحب العصا الأغلظ.
مهما يكن من أمر فإن مسار الوساطة الدولية الذي يبدو الأكثر حظوظاً وتماسكاً هو منبر جدة. هذا المنبر لم يحز على هذه الصفة إلا لكونه بيد جهتين لهما الكلمة على الصعيدين الإقليمي والدولي سيما وأن المتحاربين يعتقدان في حاجتهما له ولو تكتيكياً وذلك بغض النظر عن نتيجة الحرب. الوسيطان ورغماً عن إدراكهما وقناعتهما أن صيغة الحل المثلى تتطلب مساندة جماهيرية حقيقية إلا أن التشرذم وتقاطع المصالح بين الفرقاء السودانيين زاد الأمر تعقيداً بالذات في ظروف دولية وإقليمية لا تجعل المجتمع الدولي متحمساً أو مستعداً للتضحية بجنوده وأمواله كرماناً لساسة أمة عاجزين عن التوافق على مصالحها وفي أحلك لحظاتها.
حرب السودان والتي يُجمع الداني والقاصي على أنها صراع سلطة، هذه الحرب لن تتوقف ما لم يتنازل المدنيون والعسكريون عن رغباتهم الذاتية ولو مؤقتاً متواضعين على حكومة طوارئ أو حكومة مؤقتة تتولى مقاليد الحكم وتجهيز الملعب السياسي من جديد. هذه الحكومة من سيفرضها ويختارها ويعطيها الشرعية الرأي العام الذي يجب أن يكون هذا المطلب هو الصوت الأعلى بكل الصفوف والقطاعات. بمرور الوقت وتفاقم آثار الحرب فإن المنتصر هو من سيرسم ملامح المرحلة القادمة والتي ستكون أكثر دكتاتورية من سابقاتها. قوى الثورة بتوافقها على الوسائل التي تختار وتسمي بها حكومة الطوارئ ستجعل المجتمع الدولي والإقليمي وبالضرورة المتحاربين مستجيبين للإرادة الوطنية ( عكازة الحجاز).
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
16 أغسطس 2023

التعليقات مغلقة.