د. عبد العظيم حسن المحامي يكتب دولة القانون هدر الطاقات
دولة القانون
هدر الطاقات
السودانيون يدركون أن لهذه الحرب تقاطعات ومصالح مختلفة بين عشرة أضلاع. هذه الأضلاع يجوز حصرها في: الضلع الأول: قيادة الجيش، والتي تتألف من البرهان، كباشي، العطا وإبراهيم جابر. الضلع الثاني: قيادة قوات الدعم السريع، كحميدتي وعبد الرحيم وعترة آل بيت دقلو. الضلع الثالث: شرفاء قوات الشعب المسحلة. الضلع الرابع: قوات الدعم السريع.
هذه الأطراف الأربعة وإن كانت هي من تحترب حقيقة على الأرض إلا أن لكل منها هدف يختلف عن الآخر. فالضلعان الأول والثاني يستميتان للاحتفاظ بكرسي السلطة للظفر بها والحيلولة من تقديمهم للعدالة. قوات الشعب المسلحة وإن كانت تقاتل غير مؤمنة بقيادتها إلا أن معظم القوات تدرك أن أي انشقاقات في هذا التوقيت تعني انهيار ما تبقى من الدولة السودانية وتقليد الجنجويد قيادة عسكرية وسلطة سياسية. شرفاء قوات الشعب المسلحة ومن يساندوهم من جماهير، طال الزمن أو قصر، سيسقطون البرهان ومجموعته. بذات الوقت، قوات الدعم السريع، وبما لها من ولاء شخصي وقبلي لآل دقلو، وبعد فشل تمردها وذيوع وفاة حميدتي وهروب عبد الرحيم لم يعد من سبيل أمامها غير الحرب وكالة وتحقيق المغانم الشخصية. الضلعين الخامس والسادس هما قوى الحرية والتغيير بقيادة المجلس المركزي من جهة والكتلة الديمقراطية من جهة أخرى. صراع الفريقان وتجاذبهما حول من يجوز ولا يجوز له التوقيع على الاتفاق الإطاري كان المدخل الذي استغله البرهان للوقيعة بينهما. فالبرهان كان واضح التلكوء ليضرب ويشتت بهما عمق الثورة. غياب الخطط البديلة وتبني حميدتي للإطاري وضع مؤيدي الإطاري في خندق لا يحتمل غير التوقيع عليه أو الحرب. معظم المراقبين لم يدخروا وسعاً في نصح مركزي الحرية والتغيير بعدم حصر الحلول بالشراكة مع البرهان وحميدتي. الضلع السابع: فلول النظام البائد، ولهولاء، بلا أدنى شك، مصلحة حقيقية في اضطراب الأوضاع لإفشال ثورة اقتلعتهم فتوعدوها وتربصوا بها منذ اليوم الأول. الضلع الثامن: قوى التغيير الجذري: وهي قوى ظل يقودها ويُنظّر لها الحزب الشيوعي السوداني، وقد انضم إليه مؤخراً ملك التحالفات “حزب البعث العربي الاشتراكي”. الجذريون، وبالذات الحزب الشيوعي، لا يرون من أمل في الحل غير أن تسقط إلى أن تظبط. وصفة الحل عندهم كالكوتشينة تندك وتتشك ثم يعاد توزيع الورق في كل مرة من جديد. رؤية الحزب الشيوعي، ومنذ قديم الزمان، جعلته لا يجيد فقه التحالفات وسرعان ما يستقل مغرداً على انفراد. حزب البعث العربي الاشتراكي وإن كان طرفاً في الإطاري إلا أنه قرر الانسحاب منه في آخر اللحظات متحالفاً مع الشيوعيين. هذا التحالف سرعان ما سيقفز عنه البعث عائداً لأحضان مركزي الحرية والتغيير. الطرف التاسع: المجتمع الدولي، وهو بذاته، وبحكم تعدد مصالحه، متشعب الأطراف. فمنهم من لعب دوراً جوهرياً في صناعة الإطاري ودعم حميدتي من جانب، بينما الجانب الآخر من المجتمع الدولي من كان وما زال يؤيد ويدعم ويغازل البرهان. الطرف العاشر: عامة الشعب السوداني، وهو المضرور الأول والأخير من مغامرات الأطراف التسعة المذكورة. مع ذلك وعلى الرغم من أن الشعب السوداني كان الضحية إلا أن المرحوم يظل المسؤول بسبب عدم انتظامه وتوحده وصمته على واقع كانت كل مؤشراته تقود للحرب. هذا الحال، وبكل أسف، سيستمر إلى أن يتوحد الشعب مطالباً بوقف الحرب بأجندة وقيادة تمتلك الإرادة وكيفية الإدارة. هذا الهدر للطاقات سيتوقف بتشكيل حكومة كفاءات وطنية غير منتمية حزبياً. أي لابد من أن تقتنع بقية أضلاع الحرب وتتنازل لحكومة طوارئ تمثل الشعب بحيث لا يملك المتحاربان والمجتمع الدولي غير الاعتراف بها، فتتولى تدابير وقف الحرب حقيقة ومن ثم البدء في عمليات الإصلاح وإعادة الإعمار. ببساطة، أي جهود غير مدعومة من الأغلبية الصامتة لن تجد لا سند محلي ولا دولي وبالتالي استمرار الحرب وتمددها.
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
20 أغسطس 2023
التعليقات مغلقة.