د. الطيب عبدالجليل حسين يكتب جيش الضرورة وحرب الضرورة(4)
جيش الضرورة وحرب الضرورة(4)
أيها السودانيون نساء ورجال، تنبهوا لما يحاك لكم ولوطنكم السودان، من مكائد صراعات السلطة، ومكائد أطماع الثروة والموارد، وهبوا لإنقاذ وطنكم السودان، مما يتربص به من مهددات البقاء والوجود، وتحملوا مسئوليتكم أمام التاريخ، لإستئصال قوات الدعم السريع من أراضيكم، واللهم إني قد بلغت فاشهد.
الدور الأمريكي ظل حاضراً بفاعلية في الحياة السياسية السودانية منذ 12 فبراير 1953م تاريخ صدور وثيقة إتفاقية الحكم الذاتي وتقرير المصير للسودان من سلطتي العلم البريطاني والعلم المصري على إقليم وأراضي السودان بإتفاقية 19 يناير 1899م، فقد لعبت الولايات المتحدة الأمريكية دور الوسيط والمسهل بين الجانبين المصري والبريطاني، وعملت على تقريب وجهات وخلافات النظر بين الجانبين البريطاني والمصري، لإزالة غلطات سوء الفهم الإجرائي للحاكم العام البريطاني السير/ روبرت هاو Sir/ Robert How، لإصداره قانون الحكم الذاتي وتقرير المصير للسودان لسنة 1952م، وتشكيل هيئات ومؤسسات الدولة السودانية(دولة 1956م) لتأسيس الحكم والسلطة الوطنية للسودانيين(دولة 1956م)، ولسعي البريطانيين إلى سحب البساط من المصريين، لرغبة المصريين تحقيق هدف إسترتيجي، بإتحاد سودان 1956م مع مصر 23 يوليو 1952م جمهورية يوليو 1952م، أو فرض التاج المصري على السودان(سودان 1956م).
والتاريخ يعيد عجلة الدور الأمريكي في ترسيم علاقة سودان 1956م مع مصر ما بعد أحداث 25 يناير 2011م(ثورات الربيع العربي) ثورة يناير 2011م، ولكن من بوابة شراكة ذكيه مع المملكة العربية السعودية في إعلان جدة 12/05/2023م، لتحفظ أمريكا دورها السياسي في الشرق الأوسط الكبير من مجرى نهري الفرات ودجلة ومجاري نهر النيل والبحر الأحمر، بإعادة هندسة سودان 1956م، لإخماد سعير نار الحرب الدائرة في السودان من قوات الدعم السريع مع القوات المسلحة السودانية منذ 15 أبريل 2023م، ولتيسير العمل الإنساني لتلبية إحتياجات المدنيين المتأثرين بالحرب، وللحفاظ على سيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه، دونما التأثير على أي وضع قانوني أو أمني أو سياسي للأطراف الموقعة على الإعلان(القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع)، وأن لا يرتبط إعلان جده بأي عملية سياسية بشأن مستقبل سودان 1956م.
ودون تفصيل لإلتزامات حماية المدنيين في السودان المقررة بحسب إعلان جدة 12/05/2023م والمعلنة عنها بثلاثة شروط أساسية وإحدى وعشرين إلتزام، فإن قرائن أحوال الوقائع على الأرض والعقل ومنطق الأشياء تثبت أن قوات الدعم السريع هي من بدأت الحرب الدائرة منذ 15 أبريل 2023م ضد القوات المسلحة السودانية وضد الشعب السوداني، لإرتكاب قوات الدعم السريع إنتهاكات جسيمه وفظيعة تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بإرتكاب أفعال التطهير العرقي والهوية والإغتصاب. ووقائع تلك الجرائم وشواهد إستدلالاتها المادية والوقائعية، تناولتها مراصد وتقارير دولية وإقليمية ومحلية محايده وذات مصداقية وشفافيه ومحايده. وقد إنتهت شواهد منها بتوقيع عقوبات من الولايات المتحدة الأمريكية على نائب قائد قوات الدعم السريع عبدالرحيم حمدان دقلو، وعقوبات على قائد قطاع قوات الدعم السريع لولاية غرب دارفور عبدالرحمن جمعة.
وقد أعلن عن تلك العقوبات السيد/ بريان نيلسون وكيل وزارة الخزانة الأمريكية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية بمقتضى القرار التنفيذي 14098 بتاريخ 05/05/2023م توسعة لقرار حالة الطوارئ الوطنية للولايات المتحدة الأمريكية المعلنة في الأمر التنفيذي 13067 الصادر في 03 نوفمبر 1997م(القاضي بحظر ممتلكات الحكومة السودانية وحظر المعاملات مع السودان)، والأمر التنفيذي رقم 13400 الصادر في 26 أبريل 2006م(القاضي بحظر ممتلكات الأشخاص المرتبطين بالنزاع في منطقة دارفور بالسودان)، والأوامر التنفيذية أصدرها رئيس الولايات المتحدة الأمريكي بمقتضى الدستور وقوانين الولايات المتحدة الأمريكية، إعمالاً لقانون سلطات الطوارئ الاقتصادية الدولية وقانون الطوارئ الوطنية وقانون الهجرة والجنسية لعام 1952م، وبناء على حيثييات مستجدات الأحداث التى وقعت في السودان بتاريخ 03 يونيو 2019م(أحداث فض الإعتصام أمام مقار القيادة العامة في الخرطوم)، ولعرقلة فاعلين محليين وإقليميين ودوليين لإجراءات عملية التحول الديمقراطي وتأسيس السلطة المدنية في السودان لإدارة جهاز الدولة، وإنسداد الأفق السياسي لإيجاد صيغة توافقية، والتي بمقتضاها كانت عملية إستيلاء الجيش على السلطة في 25 أكتوبر 2021م بحجة تصحيح مسارات عمليات التحول الديمقراطي ولتأسيس سلطة ودولة مدنية، وأخيراً إندلاع القتال والنزاع المسلح بين الفئات العسكرية للجيش السودان المتناحرة في 15 أبريل 2023م.
وبحسب الأمر التنفيذي الموسع الصادر من رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بتاريخ 05/05/ 2023م بتوقيع عقوبات على قائد ثاني قوات الدعم السريع، على إعتبار أن مجمل الأحداث الواقعة في السودان، وبوجه خاص الأحداث الواقعة من جانب قوات الدعم السريع بوصفها Paramilitary أي شبه عسكرية، وبإعتبارها militia مليشيا، حيثييات الأمر التنفيذي تبرهن أن الأحداث واقعة من قوات الدعم السريع ومرتبطة بها، وتشكل تهديداً غير عادي وغير طبيعي للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية(فيما يعرف عليه بمفهوم وإستراتيجيات الحرب الإستباقية أو الحرب الوقائية في العلاقات والسياسة الخارجية الدولية). ولمحاسبة المسئولين عن الإنتهاكات الجسيمة والواسعة النطاق لحقوق الإنسان الواقعة في السودان في ولاية غرب دارفور(الجنينه)، وفقاً لمعايير وأسباب سوء سجل قوات الدعم السريع في مجال حقوق الإنسان، والحرب الدائرة حالياً في دارفور والخرطوم، والنظر إلى قوات الدعم السريع بأنها جماعة إرهابية وإدراجها ضمن قائمة الكيانات الدولية ودون الدولة الراعية للإرهاب.
وإستناداً لحيثييات الأمر التنفيذي الموسع الصادر بتاريخ 05/05/2023م، وإعلان جده بتاريخ 12/05/2023م. القاضي بعدم التأثير على أي وضع قانوني أو أمني أو سياسي للأطراف الموقعة على الإعلان(القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع)، دونما تسميتهما طرفي نزاع/ طرفي النزاع المقرر في إتفاقيات جنيفا الأربعة وبروتوكوليها 1977م وقواعد القانون الدولي العرفية للقانون الدولى الإنساني. والتأكيد على أن لا يرتبط إعلان جده بأي عملية سياسية، لمستقبل السلطة والحكم في السودان. ومن ثم قبلها بتاريخ 18/04/2023م، قرارات حكومة الأمر الواقع، بحل قوات الدعم السريع، وعرض العفو على أفراد قوات الدعم السريع المشاركين في الحرب الدائرة الذين يتركون سلاحهم أو ينضمن للقوات المسلحة السودانية، والإعلان الصادر من حكومة سلطة الأمر الواقع أن الحرب الدائرة حرب عبثية. ورغماً عن ذلك، يستمر القتال من جانب قوات الدعم السريع ضد القوات المسلحة والشعب السوداني في نطاق واسع وشامل. ولذلك، إدانة قوات الدعم السريع أمر لا جدال فيه وثابت من القانون والواقع، وأن القوات المسلحة السودانية كيان دولة يؤدي مهامه وواجباته وفقاً للوثيقة الدستورية والقانون، وبالتلي، القوات المسلحة السودانية لا تتساوى مع قوات الدعم السريع في الإنتهاكات المؤسفة الواقعة على المدنيين والأعيان المدنية الخاصة والعامة.
ولعل المبادئ الفقهية والقانونية المقررة لعدم المماثلة والتسوية بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع كثيرة وعديده، وقد تضمنها قواعد القانون الدولي العرفي وإتفاقيات جنيفا الأربعة وبروتوكوليها الاول والثاني 1977م(قانون الحرب)، وعدد من السوابق القضائية لمحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية المفسرة لتعريف مصطلح طرف في النزاع من الدول وغير الدول المشاركة في الأعمال العدائية(سلسلة المقالة 3). وبما في ذلك، مشروعية صدّ ورد العدوان لحماية الدولة والمدنيين من إعتداءات قوات الدعم السريع والدفاع عنهم، وفقاً لمبادئ المشروعية وتقديرات المعقولية والضرورة في إستخدام وسائل القوة العسكرية لإنهاء الحرب والقتال وقتل العدو. ووفقاً لتدابير الحرب الوقائية والحرب الإستباقية لحماية الأمن القومي السوداني، فالحرب الإستباقية تكون في حالة وجود دلائل مادية تبين حجم الخطر وضرورة التصدي له، بينما الحرب الوقائية تعني الوقاية من إعتداءات مستقبلية حالية وليس محتملة. ومن نماذج الحرب الإستباقية، حرب الولايات المتحدة الأمريكية على أفغانستان والعراق، والضربة العسكرية الجزئية لحلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة على ليبيا سنة 2011م، والإغتيالات السياسية كإغتيال أسامة بن لادن.
فالحرب الدائرة في السودان منذ 15 أبريل 2023م حرب ضرورة، والجيش في معناه الواسع بمكوناته القوات المسلحة السودانية وقوات الشرطة وأي مليشيا حكومية أو متطوعين أو مقاتلين منضمين في صفوف القوات المسلحة، جيش ضرورة. ودواعي حرب الضرورة وجيش الضرورة، للحفاط على أمن وسلامة الدولة السودانية والشعب السوداني، بإنهاء تمرد قوات الدعم السريع، لإعلانهم الحرب على الدولة السودانية والشعب السوداني. وذلك لإعتبارات شواهد إستدلالات الأدلة المادية والوقائعية المستخلصة من التقارير والمعلومات الإستقصائية من الدوائر الدولية المختصة وذات الصلة، ومن تعليمات وأوامر القائد العام للقوات المسلحة بتاريخ 13/04/2023م، الآمر لقوات الدعم السريع بالإنسحاب من محيط مطار مروي، لتحرك قوات الدعم السريع نحو مطار مروي دون تعليمات أو تنسيق وترتيبات عسكرية مع القوات المسلحة، ولإعلان العفو وقرارات حل وتسريح قوات الدعم السريع بتاريخ 18/04/2023م.
ولذلك، التقيد بالمبادئ القانونية المقررة لإدانة قوات الدعم السريع، مؤداها، وكما تفضل عالمنا وصديقي الودود صاحب مقالات دولة القانون الدكتور/ عبدالعظيم حسن في مقالة له بتاريخ 11/08/2023م، قوله(فقهاء القانون وبالإجماع، يرون أن دراسة القواعد الفقهية والمسائل المتفرعة عنها تولد ملكة الجمع بين أطراف الأدلة، وتسهيل الوصول للموقف السياسي السليم، أو تقديم الإجابة القانونية الصحيحة)، والفقه القضائي في السودان، يقرر كفاية القرينة لوحدها في الإثبات، لطالما إنبنت على الواقع والقانون. ولذلك، معطيات شواهد الأدلة المطروحة، مبرر كافي لمشروعية تقدير الموقف العسكري القتالي لإنهاء الحرب، وشرعنة نتائج الأعمال العسكرية الواقعة من جانب القوات المسلحة. ومبرر لتقدير الموقف السياسي لوقف الحرب، وإجراء تسويات سياسية، دونما إنتقاص أو مساس بحقوق المتضررين من الحرب، بحق المطالبة بالتعويض عن الأضرار الواقعة من جانب قوات الدعم السريع في أشخاصها الطبيعيين وأشخاصها المعنوية. ولضمان تطبيق قواعد القانون الدولي الإنساني وإتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949م وبروتوكوليها الإضافيين لعام 1977م، بإعمالها على أوسع نطاق ممكن، ووصفاً لأعمال الدعم السريع الجرمية أنها مجموعة وجماعات إرهابية مسلحة وفقاً لتعريف الإرهاب المعتمد من الأمم المتحدة، وفي الأمر تفصيل نتركة لمساحة حديث مستقل، لتناول إستراتيجيات إنهاء التمرد لوقف وإنهاء الحرب.
فريق شرطة(حقوقي)
د. الطيب عبدالجليل حسين محمود
(المحامي)
10 /09/ 2023م
التعليقات مغلقة.