دولة القانون عائشة والبرهان بقلم د. عبد العظيم حسن
دولة القانون
عائشة والبرهان
السياسي المحترف لا يلين أو يكتفئ بخطة أحادية أو معزولة. فإذا كانت هذه القاعدة واجبة التطبيق في المجرى العادي للأمور، فإن انطباقها لمواجهة أعظم الكوارث أوجب. فالحرب التي تنشأ لشأن داخلي لن يتأتى وقفها وحصراً بحلول معلبة أو مستوردة لا دور للوطنيين فيها. فالأخيرون لا يجوز لهم انتظار الوسطاء الذين قد تأتي حلولهم منقوصة أو متأخرة. في ظل هذا الجمود والمشهد الذي بلغ حداً لا يحتمل الانتظار، فإن المثل السوداني يقرر : ” البكاء بحرروه أهله، ولن يحك ظهرك كظفرك “. إن التنظير عن بعد والاتكاء بمتابعة الفيديوهات من منصات التواصل الاجتماعي في ظل غياب الفعل السياسي المبادر لا يبعث إلا طاقة سلبية فيكون المنتوج استمرار المعارك أو الحصول على تسوية لا تاتي إلا بذات المتشاكسين فيتلاعبوا بأشلاء ما تبقى من وطن كان اسمه السودان.
يستمسك البعض، وحصراً بوساطة المنابر الإقليمية والدولية لتدير شأنهم الداخلي بالوكالة بلا دور لأصحاب الوجعة في الرقابة أو حتى المشورة. الآلية الوطنية للتحول الديمقراطي ووقف الحرب رأت أن تفكر خارج الصندوق وأن تنشأ منصة للتداول الوطني والاضطلاع بواجب حكومة طوارئ من كفاءات وطنية مستقلة تتولى تدابير وقف الحرب وبديل أنسب من حكومة الانقلاب القائمة. أصحاب الآلية تعاهدوا ألا يشغلوا أى منصب في حكومة الطوارئ وهياكلها. بنظر الأخيرة ترك الحبل على غارب المتصارعين سيجعلهم يقبلون بحلول لا تحفظ إلا مصالحهم وليس أصحاب الحق. بلا جدال، فالحقيقة المرة تتلخص في أن صراع المتشاكسين على السلطة بوساطة إقليمية ودولية أفضى بصورة أو أخرى للحرب واستمرارها. تصبح أولى ضمانات وقف الحرب في رؤية وطنية متجردة تزيل أسبابها ولا تجترها.
فشلنا في التحضير المبكر برسم الخطة الأساسية وبدائلها جعلنا نتخبط متبنين سياسة رزق اليوم باليوم. في مرات عديدة ردد البرهان أن القوات المسلحة لا ترغب في السلطة وأنه على المستوى الشخصي زاهد فيها داعياً ان يقود الانتقال حكومة مستقلة. فهل ضغطنا برؤية مباشرة ومبسطة دافعين بحكومة لتستلم السلطة؟ حتى وإن لم يتم تسمية الحكومة على الوجه المطلوب، فهل تم التوافق على آليات اختيار وخارطة طريق لتلك الحكومة؟ أم أن الأمر يجب أن يظل متروك للأقدار وأهداف الدقائق الأخيرة؟ بكل جرأة رأت الآلية الوطنية أن تتبنى وتطرح ما تنادى به الجماهير بلا حجر على من له رؤية بديلة أو مكملة. الأستاذة عائشة موسى، أمد الله في أيامها، رأت أن تموت واقفة بفعل سياسي أيجابي يترك وصية خالدة على رقاب كل الفاعلين بوجوب تبني المنابر الوطنية قبل المستوردة، اللهم فاشهد.
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
4 أكتوبر 2023
التعليقات مغلقة.