دولة القانون مفاوضات جدة [1] بقلم د. عبد العظيم حسن المحامي
دولة القانون
مفاوضات جدة [1]
ينطلق الدخول في أي عملية تفاوض من حسابات الربح والخسارة أو بالأصح بما هو متاح من مكاسب على الأرض سواء قبل أو أثناء أو ما هو متوقع من نتائج. والتفاوض، وإن كان لدى البعض مجرد عملية سياسية إلا أنه، في واقع الأمر، فرع كبير من فروع قانون العقود. والعقود كما هو معلوم عنها أنها تُعنى بالحقوق والالتزامات المتبادلة وما يجوز أن يترتب عليها من اشتراطات لمصلحة الغير دون أي إلزام عليه. غني عن البيان أن ارتباط المفاوضات بالسياسة يكاد يكون محدوداً بمهارات المفاوض وليس في ما ينتج عنها من مخرجات تتطلب بالضرورة صياغتها في البنود والشروط والأحكام والتي تُسمى أو تُعرف في القانون الدولي بالمعاهدة. والمعاهدات في القانون الدولي، وبالذات المتعلقة بالحروب، تأخذ طابع الاتفاق بين فصيلين وطنيين أو بين قوات دولتين أو أكثر.
الحروب ولأن ضحاياها وتداعياتها عظيمة، فهي لا تقتصر مفاوضاتها على الطرفين المتقاتلين. بعبارة أخرى، أي مفاوضات مرتبطة بالحروب لا يجوز أن تترك للمتقاتلين وحدهما وإلا كانت فاشلة أو نتائجها ظالمة للضحايا وتكريم للمتقاتلين أو أحدهما على حساب الآخر. ولكون المفاوضات إحدى الوسائل السلمية لفض المنازعات، فإن أهم ضماناتها، وبالذات في المسلح منها، أن تكون عبر وسيط محايد ومستقل ولا مصلحلة مادية له في العملية التفاوضية. الوسطاء المستقلون، ولكي ينجحوا في إدارة العملية التفاوضية فإن من الضروري أن يقترحوا ويطلبوا من المتقاتلين التوقيع على خارطة الطريق التي يجب أن تحكم مسار التفاوض ومدته وما يجب أن ينتهي إليه من نتائج قبل البدء في المفاوضات. بالطبع، ولأن الوسيط حقيقة مستقل فلا يجوز له أن يراعي إلا مبادئ القانون الدولي الإنساني وتطبيقه على الطرفين بحيث يتوقف الظلم ويتم رد العدوان بالذات على المدنيين. كذا لا يجوز أن يسمح الوسيط لأحد الطرفين أو كلاهما أن يشترطا وجود أي بنود خفية أو مستترة أو غامضة أو منافية للغرض الذي من أجله تم الدخول في عملية التفاوض، ونواصل.
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
26 أكتوبر 2023
التعليقات مغلقة.