بشارة جمعة أرور قبل أن يسرج الكبار خيول الفتنة
الخرطوم :الايام نيوز
بسم الله الرحمن الرحيم
بشارة جمعة أرور قبل أن يسرج الكبار خيول الفتنة _________________الديمقراطية والإثنية وركائز التحول الديمقراطي_____________________
العلاقة بين الديمقراطية والإثنية أو القبيلة علاقة وطيدة بإعتبار أن الإثنية
أو القبيلة عنصر أساسي من العناصر المكونة للدولة القومية التي هي
بدورها الوحدة السياسية التي نشأت وتطورت الديمقراطية في إطارها
كصيغة للحكم. وأذا أمكننا إعتبار الديمقراطية نوعاً من أنواع إدارة الإختلاف
في إطار الوحدة في التنوع بالتراضي على حرية التعبير والإختيار، فإن
نجاحها يتوقف لحد كبير على مدى التناقض الذي ينطوي عليه ذلك الإختلاف.
لذلك من الضروري بل من اللازم في تقديرنا وجود عوامل توحد محور الولاء
للعناصر المكونة للوحدة السياسية( الدولة) بحيث تكون الاختلافات بينها
دون الصدام والمواجهة،تناقضات ثانوية يمكن إدارتها بالتفاهم سلمياً.
فواجب القيادة هو السعي المتجرد لإحتواء الأزمات وبتر أسبابها وليست
التمحور حول الذات وإتهام الأطراف بالفشل والاخفاقات،أجل فإذا سرنا
في طريق نبش الماضي القريب والبعيد وننكأ الجراح القديمة التي نأمل
أن نودع ليلها المظلم والثقيل، سنكون دعاة الفتنة والعودة بالوطن
إلى أتُون الصرعات الدامية والحرب اللعيبة التي شارفت على النهايات
لتضع أوزارها…،إننا بهذا نقدم دعوة صادقة وندعو لتعقل الكبار والصغار
بالتريث ونطالب الجميع بعدم السير في هذا الطريق الخطير الذي حتماً
سيقود إلى إسراج خيول الفتنة الجهلاء…، ونصدقكم بأننا لا ولم نسع مطلقاً
للتجني على الحقيقة أو لمكايدة طرفاً…، فقد كان دأبنا وما زال وسيظل
بإذن الله تعالى تحري الموضوعية في طرح الرؤى والأفكار والصدقية
في تناول القضايا والمشاكل وإن كانت بلغة لاذعة أحياناً حيث يلزم الأمر
بقصد إبانة الحقائق حول قضية ترتبط بها مصائر الجميع…،فالذي نستهدفه
هو سىرد الحيثيّات والوقائع للإستدلال والتوضيح وإصدار منطوق الحكم
على ما نتناوله وفق الحجج والدفوعات حسب تقديراتنا الظرفية،وحري
بنا القول توطئة لطرحنا إننا لا نجنح للمزايدة لتسجيل مواقف سياسية
مغازلةً للرأي العام مثل كثير من الساسة،كما لا نلهث وراء الأماني
السندسية التي يصعب لكثير من الواهمين ولا نقول أننا سننجز
المطلوبات المرحلية التي يستحيل بلوغها في ضوء المعطيات الظرفية
الماثلة، ولا نذيع سراً إلتزمنا بكتمانه ولا نخون عهداً قطعناه أمام أحد
،إذ نقول إن ما يرد هنا يمثل عرضنا الخاص للمفاهيم والتقديرات لجوهر
الرؤية الموضوعية والتوقعات المستقبلية لتحقيق الأهداف…،والتناول
النظري والمعرفي لمختلف القضايا على الساحة الوطنية…، ويقيننا أن
النظر إلى قضية الديمقراطية وعلاقتها بالإثنية بعين رجل الدولة الناظر
إلى الأفق الإستراتيجي بإحتمالاته، لا بعين الرويبضة أو الحزبي وأعداء الحقيقة
أولئك الذين لا ينظرون إلا تحت أقدامهم ولا يكادوا يميزون بين المصلحة العامة
ومصالح ذواتهم الفانية، نعم إنهم ينظرون للمصالح الآنية فقط دون النظر
في تعقيدات الجغرافية السياسية والإثنية والقبلية في الدولة السودانية إبتداءً
من الإحباط الناتج عن الهوة الواسعة بين الواقع والتحديات الماثلة والطموحات
والتطلعات التي بنيت عليها آمال عراض،وبؤس ما يعايشه الشعب السوداني
فعلياً والذي لايمكن إخفاءه ولا الهالات السوداء التي تكسوها، وهذا ما تفضحه الأيام بإستمرار.
إن مثل هذه الأمور حتماً ستقود على الأرجح لتجدد الصراعات إن لم يكن
في شكل تمرد مسلح ففي شكل توتر إجتماعي وسياسي كما تبدو نذره
واضحة اليوم، فلا مناص إذاً من تدارك الأمر بوعي وتجرد سيما
وأن إتفاقية السلام تراوح مكانها…، ومعلوم للجميع أن الأسباب
الموضوعية التي أعاقت التطور الديمقراطي في السودان تمثلت
في ضعف الوعي السياسي وسيادة المجتمع التقليدي والطائفية
على المشهد طيلة فترة ما بعد الاستقلال،الأمر الذي جعل ممارسات
المؤسسات الحزبيّة التقليدية تناقض متطلبات الحداثة والتطور والتنمية
والتي تعتبر المحفزات الأساسية للمغامرات…، ومهما يكن من شيء فقد
بقي الحديث عن أسباب تعثّر الديمقراطية دائماً دون الإحاطة اللازمة
وذلك لإتساع مساحة المسكوت عنه في التعقيدات الجوهرية في
الخطاب السياسي…، وتعرضت الديمقراطية بمعناها البسيط كصيغة
للحكم لصعوبات جمة في تاريخنا السياسي وأدت لإجهاض تجاربها في
الحكم ثلاث مرات بإنقلابات منذ الاستقلال كما هو معلوم.
وبالرغم من أن البعض يرى أن التعديات على نظم التعددية الحزبية
ما هي إلا أخطاء غير مبررة إقترفتها العناصر المغامرة بإستغلال القوات المسلحة
وأن مشاكل الديمقراطية لا تعالج إلا بالديمقراطية ذاتها، إلا أن هذا الرأي ينطوي
في تقديرنا على قدر كبير من المثالية والتقليد الأعمى ولا يمكن لها أن تستمر،
وما كان للعناصر المغامرة أن تجهز على الديمقراطية مالم يتوفر لها قدر من
شرعية الرضا العام حتى وهي تعتدي على الشرعية الدستورية وكما هو
مجسد اليوم من قبل أولئك الذين تشدقوا وتزبدوا زوراً وبهتانا بإسم التغيير والتحول الديمقراطي.
وإذ نستشرف المستقبل بأمل إرساء دعائم راسخة لديمقراطية مستدامة في
عهد الإنفتاح العالمي، فليست ثمة ما يجدينا أكثر من الشمول والتعمق
في تناول الأمور المرتبطة بالديمقراطية ومن هنا تنبع أهمية ركائز
التحول الديمقراطي لأجل بناء واستدامة ديمقراطية راشدة تستجيب
لتطلعات الشعب السوداني في الحرية، السلام والعدالة تليها الاستقرار والتنمية.
فالإستفادة من الإخفاقات وتجاوز المشاكل البنيوية التي واجهت النخب
الحزبيّة القائدة ركن أساسي على الأقل في معالجة ضعف عزيمتها لتبني
وتفعيل المفهوم السليم للديمقراطية على حساب المصالح السياسية الآنية،
فالديمقراطية في جوهرها ليست هيكل وأشكال من تجمعات تسمى أحزاب
وانتخابات دورية، وإنما هي نسق مؤسسي متكامل بقيمه وأفكاره وهياكله
ويعتبر الوعي بالمصالح والإختيار الحر وفق هذا الوعي أموراً جوهرية في
هذا النسق وترتيباً على هذه الحقيقة فإن الوظيفة الأساسية لهذا النسق
المؤسسي المسمى بالديمقراطية هي تلبية المصالح الاقتصادية، الاجتماعية،
الثقافية وغيرها من خلال ما يطرح من بين البرامج المطروحة للحكم.
وبهذا المفهوم فإن الديمقراطية ليست بناءاً فوقياً يفرض من علٍ بواسطة
النخبة القائدة التي لم تتعلم ولم تعي بعد التطورات والمتغيرات.
ونحسب أن أهم الركائز في تحقيق التحول الديمقراطي هو حسم الكثير
من القضايا الجوهرية التي كانت تعتبر مطالب ملحة لغالبية أقاليم
و والولايات السودان وفئاته الاجتماعية مثل: قضايا اللامركزية الحقيقة
وأسس القسمة العادلة للثروة والتمثيل المتوازن في السلطة المركزية
والخدمة المدنية واعتماد الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية
والثقافية كما هي في المواثيق الدولية تشكل في جملتها الركيزة الأساسية
لديمقراطية ذات مضمون اقتصادي واجتماعي وثقافي ويجب أن تكون
مكفولة بالدستور حتى لا تكون رهينة لسياسات الأحزاب.
والركيزة المهمة لديمقراطية فعالة نجملها في( إصلاح النظام الانتخابي،
تأسيس النيابة بصورة رئيسة على التمثيل المباشر للإرادة الشعبية وتقليص
المقاعد الفئوية لأقصى حد ممكن، إعادة تكوين وتأسيس الأحزاب
والتنظيمات السياسية وفق قانون محكم وضوابط صارمة مع
وضع التدابير العملية اللازمة لدعم الأحزاب من أجل تطويرها
كمؤسسات ضرورية لديمقراطية حقيقية، إلى هنا نكون قد
أشرنا إلى الركائز الضرورية والمهمة من أجل تحقيق التحول
الديمقراطي الحقيقي. ولكن السؤال الذي يجب على الجميع
الإجابة عليه، ما هي ضمانات التحول إلى ديمقراطية حقيقية
في ظل الفترة الانتقالية المضطربة إذ أن النظرية شيء والواقع شيء آخر
خاصة في السودان؟! الإجابة:الإلتزام بالدستور واحترام القانون
والتحلي بالروح الوطنية مع قبول الآخرين.
فالإنسان لا قيمة له دون الالتزام بمنظومة القيم والمبادئ الأساسية التي تنظم شؤون الحياة العامة.
#التحول الديمقراطي عبر حوار سوداني سوداني،وذلك هو المخرج الآمن لإنهاء
حالة الاحتقان وإنسداد الأفق السياسي ــ السودان يسع الجميع.
التعليقات مغلقة.