الايام نيوز
الايام نيوز

**البنك الزراعي: سياسة القمع والسجون**

الخرطوم :الايام نيوز

سياسات القاء القبض على المزارعين المعسرين في الزراعة الآلية في القضارف

وسنار والدالي والمزموم وغيرها ممن يمثلون سلة غذاء السودان من الفتريتة

وزهرة الشمس والقطن المطري والفول وغيرها من الحبوب الغذائية لا يحل مشكلة

الزراعة بل سيفضي الى تدمير البنك الزراعي بالديون التي لا تحلها عمليات القذف

بالدائنين في أتون الحراسات والسجون لأنها ديون هالكة وميتة dead debts

وبانفضاض المزارعين عن البنك سيصبح هيكلا جسدا بلا روح ولا حراك، ونسجا

بلا لحمة ولا سداة، وبالنظر اليه بأنه أصبح أداة قمعية في يد سلطة منقوصة السيادة

والمشروعية المؤسسية والشفافية والمساءلة الديمقراطية، وذلك بدلا من أن يكون ساعدا

وطنيا، وكافلا ساندا ورافعة انتاجية لتحقيق الأمن الغذائي والمخزون الاستراتيجي الوطني،

وتعظيم مردود الزراعة في وقت تكافح فيه كل دول العالم لتأمين لقمة الغذاء لمواطنيها

وتحقيق الشعار الكوني السيادي للدول المستقلة: ‘نأكل مما نزرع’ وذلك للتوصل لتعزيز

سيادتها عبر شعار: ‘من لا يملك قوته لا يملك قراره’.هناك فقرات في عقود السلم التي

وقعت مع المزارعين الممحونين تنص على رفع الغبن والتقصي من أسباب العسر

عبر لجان تمثل فيها النيابة وممثلي المزارعين والبنك الزراعي للتوصل الى صيغة تكفل

استمرارية الزراعة وضمان حقوق البنك، فلماذا تم تجاهل هذه الآلية؟ ولمصلحة من يحدث

ما يحدث؟على المزارعين الاستعانة بمحامين ذوي خبرة ووطنية للدفاع عن أوضاعهم

وحقوقهم في ظل غياب اتحادهم المحلول بدون قانون.كل دول العالم من أمريكا

والإتحاد الأوربي والأرجنتين والبرازيل وكندا واستراليا تدعم المزارعين، ولهم ممثلون

في البرلمانات تدافع عن حقوقهم في الانتاج والتسويق والتصنيع وحماية المنتج الوطني

من تغول واغراق الأسواق بالمنتجات الأجنبية، فلماذا يريد السودان أن يكون بدعا ونشازا

ويكون مزارعوه هملا دون رعاة ولا كافلين؟إن تدمير الزراعة ورفع الدولة عن دعمها المزعوم،

ووصول سعر برميل الجازولين الى ٢٠٠ ألف جنيه في مناطق الفشقة والمنطقة الغربية

بالقضارف، بدواعي الترحيل وانعدام الطرق، وعدم وجود مخزون استراتيجي للوقود ولا

مستودعات في تلك المناطق، واستمرار هذه السياسة غير الراشدة، ينذر بتدمير

الاقتصاد الوطني، وتفتيت القطاع المطري الآلي والبنية الاجتماعية للزراعة،

وتحويل المجتمعات الزراعية الى جيوش من العطالة والجوعى المعسرين الذين

يتكففون الناس في المدن الولائية وأطراف العاصمة القومية.يجب أن يأخذ الناس

الدرس والعبرة من محنة الرعاة ومربي المواشي إبان مواسم الجفاف في الثمانينيات

من القرن المنصرم، إبان جائحة التغير المناخي والتصحر التي أتت بجيوش الجوعى

الى أمدرمان من غرب السودان ليقيموا نازحين مغمومين في المويلح وأبوزيد

والجخيس ومايو وغيرها من أرياف المدن المتهالكة المتضخمة، فأصبحوا عالة

يتكففون الناس القوات والكساء والدواء، بعد فقدانهم لمصدر حياتهم من المواشي،

التي لم تعينهم الدولة على تخطي جائحتها المدلهمة حتى يومنا هذا.

إن الزراع والرعاة يمثلون ٦٠% من سكان السودان، فإذا ما تم تهميشهم وتجريمهم

من قبل السلطة القائمة، ومطاردتهم والقذف بهم في السجون، فالسؤال الذي يطرح

نفسه هو: لمصلحة من وبأجندة من يعمل البنك الزراعي؟ وما هي الفئة التي يفترض

أن يتعامل معها بموجب اللوائح وقانونه التأسيسي لخدمتها؟يتعين أن يكون التعامل

مع الزراعة الآلية والمروية من منظور الأمن القومي الاستراتيجي واستبعاد

قصيري النظر وعديمي التجربة من التعامل مع الشأن العام ليبقى السودان..

السفير د حسن عيسى الطالب

التعليقات مغلقة.