الايام نيوز
الايام نيوز

تنازع الاختصاص بين السلطة القضائية ووزارة العدل ( حول سلطة تفويض المحامين تحليف اليمين والاقرارات المشفوعة باليمين والتصديق علي الوثائق )

تنازع الاختصاص بين السلطة القضائية ووزارة العدل ( حول سلطة تفويض المحامين تحليف اليمين والاقرارات المشفوعة باليمين والتصديق علي الوثائق ) المستشار / الصادق عبدالله ابراهيم محمد

ان من أهم عناصر تقدم الامم والمجتمعات الحديثة ورقيها إستكمال بنائها المؤسساتي الذي يقوم علي أسس تشريعية ثابتة تتفق وأحكام الدستور ولاتتعارض مع الجسد القانوني في الدولة، وذلك لا يتأتى إلا من خلال منظومة تشريعية حديثة تتواكب مع ملامح واطر واهداف استراتيجيتها وتلبي احتياجاتها من قواعد قانونية تضبط حركتها وتنظم مسارها دون عوائق أو عقبات تنتقص من كفاءتها،وإذا كان القانون تمت صياغته وفقا لرؤية مستقبلية تفترض معالجته لأمور يتوقع حصولها بعد عشرات السنين مما يولد الثقة في قوانين الدولة ويحقق استقرار المراكز القانونية وتتسم القوانين حينها بالسلامة وجودة الصياغة والانسجام والقابيلة للتطبيق وتخلو من التهاتر بينها .

ظل رئيس القضاء وعلي مدي سنوات طويلة يمنح المحامين سلطة تحليف اليمين والاقرارات المشفوعة باليمين والتصديق علي الوثائق اعمالا لسلطاته المنصوص عليها عليها في المادة ٦ من الجدول الأول الأمر الأول الملحق بقانون الإجراءات المدنية لسنة ١٩٨٣م التي تقرأ ٦(١) يجوز لرئيس المحكمة العليا ان يصدر من وقت لآخر تفويضا موقعا منه بتعيين اي شخص يزوال مهنة المحاماة لمدة سبع سنوات مفوضا بتكليف اليمين كما يجوز له الغاء هذا التعيين .(٣) يكون المفوض فيما فوض فيه من تحليف اليمين والاقرارات المشفوعة باليمين والتصديق علي الوثائق موظفا من موظفي المحكمة ويجوز له تحقيقا لهذا الغرض مباشرة جميع السلطات المقررة لاي محكمة كما لو كان قاضيا بها ولعل هذا التفويض المستمر الذي يمنحه رئيس القضاء للمحامين أملته الضرورة لسد الفجوة وتخفيف الضغط علي السلطة القضائية الذي تعجز عنه لقلة كادرها .

وعطفا علي ما تقدم فهناك خلط بين صياغة العقود وتوثيقها والتصديق علي المستندات وللفائدة ارجو ان أتطرق لذلك بشئ من الإيجاز توثيق العقد يختلف عن صياغة العقد فالأول يقتصر فيه علي التأكد من الأشخاص الموقعين علي العقد وعلي معرفتهم بشروط العقد وادراكهم بمعانيه لذلك فقد يقوم بصياغة العقد شخص ويوثقه شخص آخر اما التصديق علي المستندات عمل اجرائي لا يتعرض لمضمون المستند او لصحة مضمونه مالم يكن المضمون مخالفا بطبيعة الحال للنظام العام والآداب او كان ظاهره البطلان فالتصديق علي المستندات اذن هو إقرار بصحة المستند والتوقيعات.

وسلطة تحليف اليمين يطلق عليها دون سند قانوني سلطة توثيق العقود وهي تختلف معه تمام الاختلاف كما أسلفنا وتفريعا علي ما سبق فقد صدر قانون تنظيم وزارة العدل لسنة ٢٠١٧م بمرسوم مؤقت الذي الغي بموجبه قانون تنظيم وزارة العدل لسنة ١٩٨٣م هذا القانون أحدث تطورا تشريعا مهما فقد نص الفصل الثاني منه علي اختصاصات الوزارة وسلطاتها ومهامها واختصاصات الوزير وسلطاته وتنص المادة ٤ من قانون تنظيم وزارة العدل لسنة ٢٠١٧م علي الاتي ٤ _يختص الوزير بالإشراف العام علي العمل بالوزارة ودون الإخلال بعموم ما تقدم تكون له الاختصاصات والسلطات الآتية (ت) اعتماد وتوثيق المستندات القانونية والتصديق عليها وأخذ الإقرارات المشفوعة باليمين وتحليف اليمين وفقا لما تحدده اللوائح هذا النص أحال وبشكل صريح سلطة الاعتماد وتوثيق المستندات التصديق والإقرار المشفوع باليمين وتحليف اليمين الي وزير العدل باعتبار ان القانون اللاحق (قانون تنظيم وزارة العدل ٢٠١٧م) تسود أحكامه علي القانون السابق (قانون الإجراءات المدنية لسنة ١٩٨٣م )وفقا لنص المادة ٦(٣) من قانون تفسير القوانين والنصوص العامة لسنة ١٩٧٤م التي تقرأ ٦(٣) تسود أحكام القانون اللاحق علي القانون السابق بالقدر الذي يزيل التعارض بينهما وتنص المادة ٦(٤)من ذات القانون علي الاتي ٦(٤) يعتبر اي قانون خاص او اي حكم خاص باي مسألة في اي قانون استثناء من اي قانون عام او نصوص عامة في اي قانون يحكم تلك المسألة .وقانون تنظيم وزارة العدل لسنة ٢٠١٧م قانون خاص وقانون الإجراءات المدنية لسنة ١٩٨٣م قانون عام مما يحتم سيادة الأول علي الأخير ورب قائل ان السلطة الممنوحة للوزير او الوزارة قاصرة علي أجهزة الدولة دون سواها ونرد بأن النص جاء عام والمطلق يؤخذ علي إطلاقه وجماعا لما تقدم فإن رئيس القضاء وفقا للتطور التشريعي الذي أحدثه قانون تنظيم وزارة العدل لسنة ٢٠١٧م يصبح غير مختص بمنح المحامين سلطة تحليف اليمين والاقرارات المشفوعة باليمين والتصديق علي الوثائق وينحصر الاختصاص في منح التفويض لوزير العدل أعمالا لسلطاته في المادة ٤ من قانون تنظيم وزارة العدل لسنة ٢٠١٧م مقروءة مع المادة ١٣ من قانون تفسير القوانين والنصوص العامة ١٩٧٤م وعلي الله قصد السبيل

المستشار / الصادق عبدالله ابراهيم محمد

التعليقات مغلقة.