الايام نيوز
الايام نيوز

مدي احتياج الدولة السودانية لفقه المباديء فوق الدستورية لتأسس عليه العقد الإجتماعي الجديد ثلاثي التكوين بين الدولة والسوق والمجتمع المدني الحر

الخرطوم:الايام نيوز

د.حافظ الزين
الامين العام لمجلس الصحوة الثوري السوداني القيادة الجماعية
وقيادي بتحالف المسار الديمقراطي

المباديء فوق الدستورية : يعرف الفقه الدستوري نوعا من القواعد يطلق عليها المباديء فوق الدستورية او المواد فوق الدستورية او المباديء الدستورية العليا او القواعد المؤسسة للدستور او المواد الحاكمة للدستور وهي كما يعرفها الفقه الدستوري عبارة عن مباديء او قواعد دستورية تعطي بوصفها قواعد تمس قضايا كبري ومصيرية وذات ابعاد استثنائية في الدولة تتعلق بحقوق ومصالح ومستقبل كل فئات الشعب دون اي استثناء او تمييز او إقصاء او إلغاء من اي نوع تحتوي على حصانة استثنائية قوية تجاه التغيير والتعديل تفوق الحصانة التي تعطي لغيرها من قواعد الدستور بحيث يكون تعديلها او تغييرها او ايقافها نتيجة لتعديل الدستور او تغييره او تعطيله امر بالغ الصعوبة علي السلطات الحاكمة.
ولا يشترط في المباديء فوق الدستورية ان تكون موجودة في طي الدستور بل قد تكون وثائق منفصلة ومستقلة عنه كاعلانات الحقوق يتم الحاقها به ومنحها الحصانة اللازمة كمبدأ اعلي وما يمنح المباديء فوق الدستورية صفتها تلك هو مستوي الحصانة التي تعطي لها في الدستور وهذه هي النقطة الجوهرية في مفهوم المباديء فوق الدستورية.
هناك نوعين من المباديء فوق الدستورية هما :
النوع الأول: المبادئ فوق الدستورية ذات البعد العالمي – بالرغم من ان المباديء فوق الدستورية اخذت طابع الخصوصية والأهمية والوضوح وفق المفهوم الغالب لها اعتبارا من ميثاق إعلان الاستقلال الامريكي في الرابع من يوليو تموز 1776 والذي نص علي جملة من تلك المباديء والتي وإن كانت تعتبر من حيث المبدأ حقوق بديهية وطبيعية كالحق في الحياة والحق في الحرية والسعي وراء السعادة إلا انها ارست لاسس وقواعد راسخة في بناء الديمقراطية ومضمونها الحقيقي، تبع ذلك الاعلان الامريكي ميثاق حقوق الإنسان والمواطن الفرنسي عام 1789 ابان الثورة الفرنسية ورد في الميثاق تأكيد كبير لمفهوم المباديء فوق الدستورية عبر التعهد والتأكيد من خلال بنود الميثاق بالحفاظ على ماورد في صريح المادة الثانية منه هدف كل مجتمع سياسي هو الحفاظ علي حقوق الإنسان الطبيعية غير القابلة للتقادم وهذه الحقوق هي الملكية والامن ومقاومة الطغيان تلي ذلك صدور وثيقة الحقوق الامريكية عام 1791 بتعديلاتها العشرة لتتضمن هي الاخري العديد من المباديء كالمساواة بين الناس وحق الحياة والحرية وبذات الاتجاه التاكيد العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948 وعلي هذا الاساسس تتمثل خصائص المباديء فوق الدستورية ذات البعد العالمي في:
1- عالمية: بوصفها تهم كل الشعوب والحكومات
2- مستقرة : بكونها تتعلق بحقوق ثابتة لا يمكن التراجع عنها.
3- الارتباط الوثيق: من كونها مرتبطة بحقوق الإنسان والحريات العامة ومقننة في تشريعات دولية.
النوع الثاني: المبادئ فوق الدستورية الخاصة او الوطنية – وهي المباديء التي ليس لها مجالا او علاقة باعلانات الحقوق والمواثيق العالمية بشكل مباشر وإنما تكون لها علاقة مباشرة بمعاناة الدولة الخاصة وظروفها واحوالها وفي ذات الوقت لا تكون مخالفة او متعارضة مع إعلانات ومواثيق الحقوق العالمية ولا ترتب الزاما من الدولة التي تعتمدها تجاه الخارج وهي كما يحدد اهدافها جانبا من الفقه الدستوري والتي تهتم في المقام الأول بالإنسان وحقوقه الطبيعية إلا ان هذا لم يمنع اضفاء هذه الصفة علي بعض القواعد في الوثيقة الدستورية المعنية بالحفاظ علي كيان الدولة ووحدة ترابها الوطني ونوع نظام الحكم فيها او تلك المباديء التي ترسم هوية الدولة.
إن هذا النوع من المباديء فوق الدستورية تم اللجوء إليه بعد عصر من القمع جري فيه انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ولم تتاثر بتغير النظم والدساتير فتم وضعها في مواثيق مستقلة عن الدستور وتغييرها إن لزم الامر يتطلب إجراءات مختلفة منفصلة عن الدستور.
وفقا لما سبق يمكن القول أن المباديء فوق الدستورية وكما يعرفها الفقه الدستوري هي مباديء تكون اعلي رتبة ومنزلة من الدستور نفسه بمعني انه لا بجوز ولا يصح ان تكون هناك مواد في الدستور تخالفها وتكون لهذه المواد صفة الاطلاق والدوام والسمو فتكون بذلك محصنة ضد الالغاء او التعديل او مخالفتها ولو بنصوص دستورية ويجب وضعها كوثيقة ومباديء اساسية ينبغي مراعاتها عند وضع الدستور الدائم للدولة بموجب خاصية الاجماع الشعبي او بموجب هيئة دستورية مختصة يتم انتخابها من قبل مؤتمر دستوري قومي شامل وجامع لكافة مكونات الشعب في الدولة المعنية ويجب على واضعي الدستور الالتزام بها وعدم المساس بها او الحياد عنها عند مراجعة الوثيقة الدستورية ايضا وتتمثل موضوعاتها في حزمة من المباديء المتعلقة بالمساواة والمواطنة وحقوق الإنسان.
إن اساس حركة الدسترة العالمية والمحلية او الوطنية كان التأكيد الدائم علي الحقوق الطبيعية للبشر مثل الحق في الحياة والحق في الحرية والحق في التملك والتنقل والتعبير عن الراي والحق في العمل والصحة والعضوية في الاحزاب السياسية وحرية الاعتقاد واقامة الشعائر الدينبة والحق في التعليم والحق في الانتخاب وكافة الحقوق الاخري المرتبطة بالإنسان.
وبالاستناد إلي ما سبق يؤيد ويتفق تحالف قوي المسار الديمقراطي مع فكرة ومفهوم المباديء فوق الدستورية المنشئة للدولة المدنية الديمقراطية الفيدرالية الوسيطة – دولة المواطنة والحقوق المتساوية- التي يناضل هذا التحالف من اجل تأسيسها واقامتها في السودان سواء كان ذلك مرتلط بالمباديء فوق الدستورية علي المستوي العالمي او المستوي الوطني ويعمل على انزالها في ارض الواقع.
كما يؤكد أن هذه المباديء فوق الدستورية موجودة قبل نشأة مفهوم الدولة الحديثة ذاته وقد جاء الاسلام تحديدا بهذه المباديء فوق الدستورية قبل 1400 عام مضت من عمر البشرية وان الاسلام هو المصدر الاول والاصيل لهذه المباديء التي لا يحق للافراد او المجتمع او الدولة او العالم باسره المساس بها او تعديلها او تغييرها او إلغاءها وفي هذا الخصوص يطرح تحالف قوي المسار الديمقراطي السؤال التالي وهو : هل يوجد إعلان او وثيقة للمباديء فوق الدستورية في السودان منذ الاستقلال وحتي الان؟
اذا كانت الاجابة بنعم فإن السؤال الذي يطرح نفسه في هذه الحالة هو : متي تم كتابة هذه الوثيقة ومن كتبها وباي حق وصفة قام بذلك وفي اي حيثيات دستورية ومكانية فعل ذلك؟
يحتاج السودان لعقد اجتماعي جديد ثلاثي التكوين بين الدولة والسوق والمجتمع المدني الحر يقوم علي فقه الدسترة المستند الي طبيعة وخصائص المباديء فوق الدستورية سواء تلك التي جاءت في الاسلام او تلك التي جاءت في الاعلانات والمواثيق العالمية لحقوق الإنسان
يجب أن يتم إنتاج هذا العقد الإجتماعي الجديد في مؤتمر دستوري قومي شامل وجامع لكافة مكونات الشعب السوداني بدون اي اقصاء او ابعاد او تميبز من اي نوع كان وبدون أي شروط مسبقة مهما كانت صفتها وقوتها علي ان تقيمه سلطة مدنية ديمقراطية منتخبة من قبل الشعب السوداني العظيم والعظمة لله وحده خلال مدة لا تنجاوز 270 يوما من استلامها للسلطة او تقيمه حكومة الفترة الانتقالية في السنة الثالثة من بدء استلامها للسلطة السياسية والسيادية والتشريعية.
وسوف يقدم تحالف قوي المسار الديمقراطي تفاصيل مكتملة البناء والاركان عن طبيعة وخصائص وماهية العقد الإجتماعي الجديد ثلاثي التكوين بين الدولة والسوق والمجتمع المدني الحر في قادم المواعيد فكونوا في الموعد.

دكتور: *حافظ الزين عبدالله*

الامين العام لمجلس الصحوة الثوري السوداني القيادة الجماعية

التعليقات مغلقة.