الايام نيوز
الايام نيوز

للحديث بقية.. عبد الخالق بادى.. سلطة مدنية+اقتصاد ريعى=ديمقراطية فاشلة

للحديث بقية عبد الخالق بادى سلطة مدنية+اقتصاد ريعى=ديمقراطية فاشلة

لسنوات عديدة أو يمكن أن نقول منذ الاستقلال ظل السودان يعانى مما يسمى بالاقتصاد الريعى ،(وهو اعتماد الدولة على سلعة واحدة فى دعم ميزانيتها)،فاغلب الحكومات التى مرت على السودان بما في ذلك الحكومات المدنية الديمقراطية ، عانت موازناتها من الشح بسبب الاعتماد على مورد واحد ،مرة القطن،ثم الصمغ،فالبترول،فكانت النتيجة فشل هذه الحكومات فى إدارة البلاد والتسبب فى افقارها ،وطبعا الفشل يعود إلى عدم قدرتها على تفعيل موارد الاقتصاد الوطنى المتنوعة لتنهار كل الأنظمة التى حكمت،بفعل الثورات والانتفاضات التى حدثت نتيجة لتدهور الاقتصاد ،اضافة للظلم والاستبداد الذى مورس فى حق هذا الشعب.

والمعروف ومن خلال تجارب العديد من الدول،هو أن الدول التى تعتمد على الاقتصاد الريعى(السلعة الواحدة)،هى الافشل على الاطلاق ،ومهددة بالزوال عاجلا ام اجلا ،لأن الاعتماد على مصدر دخل واحد مخاطرة ما بعدها مخاطرة،واذا رجعنا قليلا الى ايام العهد المباد،نجد أن أهم اسباب انهياره على يد الشباب الثائر،هو اعتماده على الاقتصاد الريعى (البترول) ،وحتى هذا فشل فيه عندما فصل الجنوب وعاد مجددلمربع التسول على أبواب الملوك والأمراء كما بدأ ،وكذا الحال بالنسبة لعهد مايو والعهود الديمقراطية، خصوصا بعد ثورتى اكتوبر وابريل فلم يكن للأحزاب حينها أى برنامج اقتصادى ،فكان همها المحاصصات والسلطة،و بالتالي فإن معظم الأنظمة الشمولية والديمقراطية التى أدارت البلاد سابقا وحاليا اشتركت فى الفشل فى توظيف موارد السودان بصورة علمية وعملية،والغريب أن كل نظام كان ينتقد سابقه ويتهمه بالفشل فى إصلاح الاقتصاد،واتخذ بعض الانقلابات ذلك مبررا لانتزاع السلطة، علما بأن الجميع وقع فى نفس الخطأ.

نحن الآن على أعتاب مرحلة جديدة ،وقد تعالت خلال الأيام الماضية اصوات عديدة تطالب بتسليم السلطة للمدنيين ،وهذا كلام جيد،وهو حق مشروع ،ولكن هل الموضوع هو موضوع سلطة مدنية سياسية فقط؟وهل كل التضحيات التي تمت من شباب الثورة والثمن الغالى الذى دفعوه كان من اجل وجود مدنيين في مناصب الدولة الدستورية ؟اوهل وجود المدنيين على السلطة سيمكن من إدارة البلد بالصورة المطلوبةويخرج الوضع من ترديه؟وهل استمرار التظاهرات من قبل لجان المقاومة والثوار والربع سنين لأجل الوصول للدولة المدنية ؟لا اعتقد ذلك ولعل الكثيرين يتفقون معى. إن من اهم أسس ودعائم الدولة المدنية هو الاقتصاد المبنى على تعدد الموارد، فلن تتحقق الدولة المدنية التى نحلم بها ،ولن تقوى على مواجهة المطبات الاقتصادية وتحسين معاش الناس ،الا باقتصاد قوى،والا فإن الفشل سيكون حتميا ،لذا فإن تسليم السلطة للمدنيين اوللشعب لا معنى له دون إعادة موارد الدولة المحتكرة لجهات عسكريةوشبه عسكرية أو لأحزاب وتسليمها للسلطة المدنية وان تكون تحت ولايةوزارة المالية ،فلا يمكن أن تظل عائدات الذهب والمعادن الأخرى وعائدات العديد من الشركات خارج ولاية المالية،ثم ننتظر أن تنجح الدولة المدنية وتحقق الرفاهية التى نحلم بها جميعا .

إن الهرولة وراء السلطة والمناصب دون الاهتمام بالجانب الاقتصادي الذى سيوفر الاستقرار للمواطن وللحكومة الانتقالية والحكومات المدنية المقبلة ،سيوقع المدنيين فى نفس أخطاء الحكومات التى حكمت السودان سابقا،وعلى رأسها الحكومات الديمقراطية ،والتى لم تقدم انموذج الحكم المدنى الديمقراطى الحقيقى ،وهذا مما أوصلنا لما وصلنا إليه الآن من تردى اقتصادى لبلد يمتلك كل مقومات الاقتصاد الناجح المرتكز على تعدد الموارد

إذا لم ينتبه المدنيون والثوريون بمختلف انتماءاتهم لعملية بناء اقتصاد متعدد ولم يكن لهم خطة وبرنامج اقتصادى واقعى مبنى على تفعيل موارد البلد إضافة لاعادة جميع الموارد المنهوبة لحظيرة المالية،فاننا سنكون أمام دولة مدنية كسيحة لن تصمد أمام أى مشكلة تواجهها ،بل ستكون عاجزة عن الايفاء بالبند الأول من الصرف،واذا ظن بعض الساسة المدنيين أن الدعم الخارجى وحده كاف لإسناد الدولة المدنية ،فهم واهمون ومخدوعون،لان الدعم والأموال التى سيضخها المجتمع الدولي فى الاقتصاد،عبارة عن روشتة إسعافية لإنعاشه ،بعد أن تفشى الفساد والنهب فى جسده كالسرطان (ومازال) ،عليه لابد من وجود(plan) خطة لبناء اقتصاد حقيقى يعتمد على الموارد الزراعية والحيوانية والمعادن وغيرها،عبر الاستثمار الأجنبى والمحلى.

على الكيانات الثورية المدنية والأحزاب الداعمة لأهداف ثورة ديسمبر المجيدة أن تعيد حساباتها حول فهمهم للدولةالمدنية الحقيقية لا الاسمية أو الصورية ،وعليهم أن يفكروا جادين فى وضع برنامج اقتصادى ،كما نتمنى أن يكون لمن يقع عليه الاختيار لمنصب رئيس الوزراء للفترة الانتقالية أن تكون له رؤية اقتصادية واضحة لتوظيف موارد البلد التوظيف الأمثل حتى ينهض الاقتصاد وتتحسن أوضاع الناس.*نقاط مهمة:*عاد أتباع العهد المنهار لعادتهم القديمة والمكشوفة،وهى التخفى وراء واجهات براقة ،وما يدعو للاستغراب أنهم يستخدمون ذات الشعارات الدينية والوطنيةالمستهلكة،والتى كذبوا بها على الشعب لثلاثين عاما ،ويعتقدون أن الشعب سيصدقهم مرة أخرى.*الزيارات التى يقوم بها بعض منسوبى السلطة الانقلابية لمعسكرات اللاجئين والنازحين السودانيين ،هى للنزهة و(الشو)،والدليل عدم تقديم حلول واقعية تخفف من معاناتهم.

التعليقات مغلقة.