الايام نيوز
الايام نيوز

دولة القانون التفويض الشعبي

دولة القانون
التفويض الشعبي
الوكالة مصطلح يعني تكليف شخص لينوب عن آخر في تصرف قانوني. والوكالة من أهم وسائل التعبير عن الإرادة، وتنبع أهميتها في حفظها لوقت وجهد ومال الأصيل، فلا يظهر بنفسه طالما أناب من يثق به. فقهاء القانون متفقين على أن مصطلحي التوكيل والتفويض مترادفان لأن السلطة الحقيقة بيد أصيل موجود أو مفترض الوجود وله أن ينزعها متى أراد. بحكم أن التفويض من المصطلحات التي أبرزتها علوم الإدارة، فكان لهذه الخصوصية أثرها في ارتباط التفويض بالشخص الاعتباري بينما التوكيل لفظ وثيق الصلة بالشخص الطبيعي. سواءً أكانت الوكالة بمقابل أو بدونه فإنها لا تبيح للوكيل أو المفوض أن يأتي أفعالاً تلحق الضرر بالأصيل أو التصرف خارج حدود الوكالة الصريحة أو الضمنية. بذات الوقت لا يجوز للوكيل وهو يفاوض أو يمارس واجبات الوكالة أن يثرى أو يحقق أي مكاسب سواءً مادية أو معنوية. ترتب على هذا الشرط أن الوكالة تعتبر من عقود منتهي حسن النية وقمة الشفافية. فالوكيل ممنوع من أن يمثل مصالح متعارضة أو أن يحصل على المميزات والهدايا وهو يضطلع بواجباته.
فقهاء القانون استنبطوا من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (من أين لك هذا) القواعد الآتية: القاعدة الأولى: أي شخص ينوب عن آخر أو آخرين يعتبر موظف أو مستخدم يعمل لحساب غيره وليس لصالح نفسه. بعبارة أخرى، المفوض إذا كان في القطاع العام أو الخاص تعتبر الأموال والحقوق التي بعهدته أمانة يجب أن يحافظ عليها كماله الخاص وإلا يكون خائناً للأمانة. القاعدة الثانية: لا يجوز للمفوض، بوجه عام، وهو يؤدي واجباته أن يقبل أي ميزة أو هدية لنفسه، وعليه في حال تحصّل على أي مال أو عمولة، ولو عن حضور اجتماع جمعية عمومية أو مجلس إدارة، أن يرد الحق للجهة التي كلفته. القاعدة الثالثة: لا يجوز للجهة التي يتعامل معها الوكيل أو المفوض أو الموظف أن تقدّم أو تعرض عليه أي إغراءات أو ميزات أو تمارس معه أى ضغوطات أو استقطاب وإلا كانت مشتركة في الجرم أو المسؤولية. القاعدة الرابعة: لا يجوز للوكيل أن يخرج عن حدود السلطات والصلاحيات الممنوحة له، كما لا يجوز له أن يفترض بأنه يفهم أكثر من صاحب الحق بأن يتنازل أو يعرض أي تسوية كلية أو جزئية. من مقتضيات هذه القاعدة يتعين على الوكيل أو المفوض أن يعود ويأخذ موافقة الأصيل قبل القدوم على التصرف وإلا كان الوكيل أو المفوض مخلاً بالوكالة والتفويض وذلك دون حرمان الأصيل في التعويض. إذا كانت هذه هي الشروط والأحكام التي يقررها القانون بشأن التفويض والوكالة عن الحق الخاص أو العام، فهل يجوز لمن ينبروا للتفاوض عن الأمة، أن يحققوا مكاسب شخصية أو يستحقوا أو يتحصلوا على مناصب في سياق أداء التفويض؟ إذا فعلوا ذلك هل يكونوا مسؤولين لوحدهم؟ أم تنسحب المسؤولية على كل من صمت من القانونيين والصحفيين وغيرهم من المهنيين؟ هل من يدعو لتحول ديمقراطي حقيقي يمكن أن يقبل مثل هذا التصرف، أو يتوقع منه أن يصنع تحولاً حقيقياً؟ لماذا لا يلجأ الشعب لمطالبة السياسيين بالتعويض عن الخسائر المتراكمة والتي لحقت بالأمة نتيجة كل هذا الفشل؟
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
9 أبريل 2023

التعليقات مغلقة.