للحديث بقية عبد الخالق بادى الحرب وصراع المنابر
للحديث بقية
عبد الخالق بادى
الحرب وصراع المنابر
المعروف أن اندلاع أى حرب عسكرية يقود إلى حروب أخرى موازية لاتقل أهمية أو تأثير عنها،فالحرب التى تجرى الآن بين الجيش ومتمردى المليشيا،ولدت حروب أخرى ،منها الإعلامية عبر الوسائط المختلفة،ومنها الدينية عبر المنابر المتاحة ،سواء بالمساجد أو البرامج الدينية بالقنوات وغيرها، وهذا ما بصدده فى هذا العمود.
فمن خلال رصدنا للعديد من المنابر الدينية فى عدد من المدن ،وجدنا أن هنالك تضارب في مواقف وآراء العديد من الائمة والخطباء حول الحرب التى تدور الآن، خصوصا فى عاصمة البلاد ،حيث تباينت مابين مؤيد صريح وواضح لقوات الشعب المسلحة ،وبين داعم لمليشيا المتمردين ولكن بأسلوب التلاعب بالعبارات والذى يستنتج منه الميل للمتمردين،وهناك من امسك العصا من المنتصف وآخرين عملوا على استغلال المنابر والظرف لخدمة أيديولوجية وطوائف معينة.
ففى بعض المساجد أكد عدد من الأئمة عن دعمهم للقوات المسلحة بدون حدود،وطالبوا المصلين بالوقوف مع الجيش معنوياً ومادياً ،وظلوا يتضرعون إلى الله بنصرة الجيش، وقد ساهموا بحملتهم عبر خطب الجمعة وغيرها،فى تفعيل التضامن الشعبى والقبلى مع القوات المسلحة.
أئمة وخطباء ظلوا فى حالة انتقاد دائم للجيش أين ماحلوا،حتى أيقن الناس بأنهم مبرمجين على ذلك ويرددون ما يملى لهم من قول ،وهم ظلوا يحاولوا مدارة ما بدواخلهم ،وهؤلاء أما أنهم لا ينتمون لهذا البلد وجذورهم غير سودانية، أو أنهم عملاء للمليشيا ،ولكن لا يملكون الشجاعة ليقولوا للناس نحن مع المليشيا، ومثلهم كمثل المنافقين الذين يظهرون خلاف ما يبطنون.
خطباء الفلول طبعا لم يكونوا بعيدين عن المنابر ،حيث عاد بعضهم لإلقاء ذات الخطاب القديم الملىء بالحشو والشعارات الدينية الجوفاء والخالية من أى مضمون ،والتى حفظها الصغير قبل الكبير، وأصبحت لا تلقى أى تجاوب ولا تجد من يشتريها ،بل وصفها البعض بأنها مستهلكة لاقيمة لها فى ظل الوعي الذى يسود الشارع.
وأغرب الآراء تلك التى يدعى أصحابها الحياد،حيث لاحظنا أن بعض الائمة والخطباء يرددون عبارة أننا لا (مع الجيش ولا مع الدعم السريع)،وهى كلمة حق أريد بها باطل.
إن هذه التباينات فى الآراء أمر طبيعى فى ظل حالة الاستقطاب وشراء الذمم التى اتبعتها المليشيا لإخضاع قطاعات واسعة من الفاعلين والناشطين لرغبتها ،حتى تضمن على الأقل سكوتها عن قول كلمة الحق ،وهذا مانلاحظه فى الواقع،حيث التزم الكثير منهم الصمت وتواروا عن الأنظار،رغم أن العديد منهم كان يملأ الميديا ضجيجاً وصليلا ويدعى الوقوف بجانب الشعب،والكثير منهم هربوا عندما حمى الوطيس تماماً كما فعل منسوبى أحزاب وصحف .
الوضع الآن وبحسب الأخبار والمعلومات الواردة من ساحات المعارك،تؤكد أن هدنة الأسبوع التى دخلت سويعاتها الأخيرة، وكما متوقع لم تحقق الهدف منها ،وهذا ما ظللنا نؤكده منذ أول هدنة قبل أكثر من شهر،بأنه لن تكون هنالك هدنة حقيقية على أرض الواقع طالما أن المتمردين يحتلون بيوت المواطنين والمستشفيات والمؤسسات الخدمية، ،وهذا ما نص أهم بند من بنود اتفاق الهدنة الأخيرة،بضرورة خروج كل القوات من المساكن والمستشفيات، وبقاء المليشيا فى هذه الأماكن هو أخطر وأكبر اختراق للهدنة،وليس أمام الجيش إلا إخراجهم منها حماية لأرواح المواطنين وممتلكاتهم.
دعوة الجيش والشرطة للمتقاعدين القادرين على حمل السلاح للتبليغ لأقرب وحدة عسكرية أو قسم شرطة للمشاركة فى حماية الأسواق والاحياء السكنية، سعى المرجفين وأصحاب القلوب المريضة لإخراجها من مقصدها،حيث روجوا بأنها دليل على أن الجيش غير قادر على حسم المعركة مع المتمردين،رغم أن الكل يعلم أن المعركة حسمت منذ أيامها الأولى بعد فشل سيطرة المليشيا على مطار مروى، فأصبحت معركة الخرطوم عملية انتحارية للمليشيا وفرفرة مذبوح،ولاحظنا هروب الآلاف منهم غربا عبر الدفارات والشاحنات بعد أن رموا السلاح والزى العسكرى وهربوا من المعركة ،لانهم اقتنعوا بأنهم بلا هدف وأنهم أضعف من أن يواجهوا الجيش.
*نقطة مهمة:
- يعتقد البعض بأن دخول المتمردين لبيوت المواطنين وطردهم منها ومن ثم الإقامة فيها،دليل على سيطرتهم على الوضع،ولا أدرى كيف يفكر هؤلا؟ فالسيطرة لمن يسيطر على الشوارع والتقاطعات ويمتلك زمام المبادرة ليس من يختبىء فى البيوت ويخشى الخروج منها لأقرب شارع، ويظل فى موضع الخائف المترقب.
التعليقات مغلقة.