د.عبد العظيم حسن يكتب دولة القانون جنة الأطفال
دولة القانون
جنة الأطفال
لن ينسى من قبلنا وجيلنا أو من هم بعدنا بمن فيهم الأمهات والآباء تفاصيل وشخصيات البرنامجين التلفزيونيين والإذاعيين جنة وركن الأطفال. فالبرنامجان ولما كان لهما من رؤية وطنية محدودة، على بساطتها، مثلا أهمية صياغة العاطفة أو الضمير الجمعي للأمة وما يتطلب ذلك من تمسكها بترابها وتراثها وذكرياتها التي تسكن كل جزء من أجزاء وطن حتى وإن لم نراه لكننا عشناه في منقو زمبيري جنوباً والصديق عبد الرحيم شمالاً ومحمد القرشي شرقاً إلى محمد ود الفضل غرباً. ففقدان أي أمة لضميرها الجمعي يجعلها كالمجنون. فالجنون كما هو مرض عضوي يُفقد صاحبه السيطرة على تصرفاته، فهو مرض اجتماعي أخطر، لأنه في حالة المجتمعات أسرع عدوى وأشد فتكاً بوحدتها. مقدمات الجنون المجتمعي تبدأ بالنزاعات ويزداد الحال سوءاً بالحرب الكلامية التي سرعان ما تتحول لقتالية فاتحة الطريق للأجانب ليتدخلوا في الشأنين الخاص والعام.
صحيح أن الإجماع الشامل قد لا يتسنى إلا أن معرفة اتجاهات الرأي الغالب في الموضوعات المصيرية ممكنة وبكل سهولة بالذات في ظل ما وفرته التكنولوجيا من وسائل تواصل واتصال. دساتير كل الشعوب تُلزم مواطنيها على واجب المشاركة في الشأن العام سواء على المستوى المحلي أو الفدرالي. لتحقق هذه الغاية فإن أفضل ما ابتكرته البشرية كان ببناء منظومات المجتمع المدني كالأحزاب السياسية أو مجموعات الرصد والمراقبة لحقوق الإنسان ونحوها من أشكال التعبير.
تدهور، أو بالأصح، انهيار دولة السودان الحديثة لم ينشأ صدفة وإنما بتراكم الإحجام أو الإقصاء عن المشاركة. فهذا الحال المائل سيستمر ما لم يدرك كل مواطن بأن الأوضاع لن تتحسن ما لم يضطلع بدوره وينتزع حقه في المشاركة والتغيير. غياب المشاركة جعل العمل العام بلا قواعد أو أخلاقيات. فكل من هب ودب يمكن أن يرشح نفسه. حتى من يتم ترشيحهم يعتبرون ذلك تفويضاً مطلقاً ليظلوا قيادات بلا عودة لقواعدهم لمشورتها أو تبصيرها بالتطورات. مع ذلك فالعيب لا يكون في من نختارهم، لأن ذلك من طبيعة البشر، وإنما في الصمت عليهم وعدم تطوير آليات نزع الثقة عنهم، فيزداد الحال ميلاناً.
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
13 يوليو 2023
التعليقات مغلقة.