الايام نيوز
الايام نيوز

الملء الرابع لسد النهضة.. كيف سترد مصر والسودان على الخطوة الأثيوبية؟

مضت إثيوبيا في مشروعها على النيل الأزرق غير آبهة بالرفض والتنديد من جانب مصر والسودان،

إذ أعلنت منذ أيام عن انتهاء الملء الرابع والأخير لخزان سد النهضة، حيث يعتبر هذا الملف ورقة شائكة بين الدول الثلاث.

فالإنجاز الذي احتفت به أديس أبابا يؤرق دولتي المصب مصر والسودان منذ لحظة الإعلان عنه، فما هي مراحل تأسيسه؟

في عام 2011 أطلقت أثيوبيا مشروع سد النهضة الذي يقع على النيل الأزرق في منطقة “بني شنقول –

قمز”، أي على بُعد نحو 30 كيلومترًا من الحدود مع السودان.

ويبلغ طول سد النهضة 1.8 كلم بارتفاع 145 مترًا، وتقدّر قيمته بنحو 4 مليارات دولار. كما يهدف إلى بناء أكبر سد لإنتاج الطاقة الكهرومائية في القارة الإفريقية.

وعدلت أثيوبيا هدف إنتاج السد من 6500 إلى 5000 ميغاوات بحلول عام 2024، وهو ما يعادل ضعف إنتاج أثيوبيا الحالي. كما قامت في فبراير/ شباط عام 2022 بتدشين إنتاج الكهرباء من السد على أن يبلغ كامل طاقته الإنتاجية عام 2024.

وفي يوليو/ تموز عام 2021 بدأت أثيوبيا مراحل الملء الأولى للسد بتخزين وصل إلى 5 مليارات متر مكعب من المياه.

وبعد عام بالتحديد بدأت أثيوبيا بالملء الثاني للسد وسط رفض مصري وسوداني. وفي هذه المرحلة تمكنت أثيوبيا من تخزين نحو 13.5 مليار متر مكعب من المياه.

أمّا التعبئة الثالثة فاكتملت في أغسطس/ آب من العام الماضي بتخزين ما يقارب 22 مليار متر مكعب من المياه.

تأخرت أثيوبيا هذا العام في بدء تخزين المياه، إذ بدأت في نهاية أغسطس الماضي، لتعلن قبل

أيام فقط عن انتهاء عملية الملء الرابع الذي استهدف معدل 40 مليار متر مكعب من المياه.

ولتحقيق هذا الهدف تم حجز معظم مياه فيضان النيل الأزرق من يوليو حتى سبتمبر الحالي بمقدار

حوالي 20 مليار متر مكعب، وهي كمية تفوق حصة السودان السنوية وتشكل حوالي 60% من حصة مصر من النيل الأزرق.

وفي الوقت الذي كان فيه رئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد يهنئ شعبه بنجاح إتمام تعبئة السد،

خرج تنديد وزارة الخارجية المصرية التي اعتبرت الإجراءات الأثيوبية أحادية الجانب وتجاهلًا لمصالح وحقوق مصر والسودان وأمنهما المائي الذي تكفله قواعد القانون الدولي.

كما أنه انتهاك جديد من أثيوبيا لاتفاق “إعلان المبادئ” الموقع بين الدول الثلاث عام 2015.

تلك الأجواء التي تشعلها مياه النيل تأتي بعد ثلاث أسابيع من استئناف المفاوضات في القاهرة

التي حددت لمدة 4 أشهر للتوصل إلى اتفاق بشأن تعبئة السد وتشغيله.

في تلك المفاوضات لم تبد أثيوبيا، بحسب تصريحات وزير الخارجية المصري سامح شكري، أيّ نية بتغيير موقفها والتوجه للأخذ بالحلول الوسط المطروحة التي تلبي مصالح الدول الثلاث.

على هذا الكلام يرد الجانب الأثيوبي باعتبار الملء الرابع لسد النهضة تم وفقًا للخطط الموضوعة له.

بيد أن المعطيات تشير بحسب الخبراء إلى أن 45% من حصة مصر من مياه نهر النيل حجزت مع إتمام الملء الرابع.

الحال بالنسبة للسودان ليس أفضل، إذ تظهر الوقائع مظاهر جفاف تطال بعض الأراضي السودانية

مع انخفاض منسوب المياه التي تصلها، بالإضافة إلى المعوقات الطبيعية المتمثلة في شح الأمطار وارتفاع درجات الحرارة.

أمّا سياسيًا، فلا تعد السودان اليوم الطرف القوي على طاولة الحوار في ظل الانقسام والنزاع الدائر داخلها،

وهو ما يعتبره البعض فرصة إضافية أو حجة تتكئ عليها أثيوبيا للمماطلة في المفاوضات وعدم الخروج منها بقرارات جدية تؤثر على مشروعها وخططها من سد النهضة.

مع ذلك، تصرّ مصر على اتباع المسار الدبلوماسي للتوصل لاتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد تشغيل

وعمل سد النهضة بطريقة تراعي فيها أثيوبيا مصالح دول المصب، وتضمن استمرار تدفق حصتيهما السنوية من مياه نهر النيل.

ولا يعد سد النهضة كارثة بيئية على دولتي المصب فحسب ولا يكمن خطره في تداعياته المائية

والزراعية فقط، بل إن البعض يرى فيه خطرًا حقيقيًا باعتباره “قنبلة مائية موقوتة” يمكنها أن تنفجر وأن تغرق الأراضي المحيطة بالسد في حال حدوث أيّ ضرر له.

في هذا السياق، يرى نادر نور الدين أستاذ الموارد المائية في جامعة القاهرة أن رئيس الوزراء الأثيوبي

آبي أحمد كان واضحًا بشأن المباحثات القادمة بين البلدان الثلاث وأنها ستركز فقط على الملء الخامس لسد النهضة وما بعده.

ويقول في حديث إلى “العربي” من القاهرة، إنّ “التصريحات الأثيوبية تصادفت مع بداية السنوات

العجاف، حيث كان الفيضان شحيحًا وتمكنت أثيوبيا من تخزين نحو 20 مليار متر مكعب من المياه، فضلًا عن تأخر وصول المياه إلى كل من السودان ومصر”.

وإذ يعتبر أن القاهرة لن تتضرر بشكل مباشر من الإجراء الأثيوبي، يشير إلى تضررها بطريقة غير مباشرة

سيكون جراء “تقليله” من مستوى بحيرة ناصر (بحيرة السد العالي)، حيث “ستضطر القاهرة إلى سحب ما خزنته أديس أبابا بعد خصم الكمية مناصفة بين مصر والسودان”.

ويوضح أن غياب الفيضان العالي الذي كان موجودًا طوال المرات الثلاثة الماضية في عملية ملء خزان سد النهضة جعل كلا من مصر والسودان تشعران بقلة جريان المياه في النيل الأزرق، إضافة إلى “عدم امتلاء الخزانات السودانية رغم أنها كانت تمتلئ في بدايات شهر يوليو من كل عام”.

وبشأن مخاطر حدوث فيضان على غرار ما حدث في درنة الليبية، يشير أستاذ الموارد المائية في

جامعة القاهرة إلى أن هناك “تطمينات” أثيوبية بهذا الشأن على الرغم من أنّ “تقريرا دوليا” يتحدث عن أن معامل الأمان للسد منخفض للغاية لا يتجاوز 1.5 درجة بعكس السد العالي الذي يصل إلى 8 درجات.

ويرى أنّ عملية بناء سد النهضة الإسمنتية تختلف عن “البناء الركامي” للسد العالي، لذلك يتطلب

أن تكون معامل الأمان أعلى، موضحًا أن هناك اختلافات في البناء بين هذا السد وسد السرج الموجود في أثيوبيا أيضًا والمسؤول عن تخزين 60 مليار متر مكعب من المياه.

ويخلص إلى أنه في حال وقوع هزة أرضية بقوة 7 درجات على غرار ما جرى في المغرب فإنّ

احتمالات انهيار السد الخرساني الإسمنتي تكون كبيرة مقارنة بالبناء الركامي للسدود الأخرى.

التعليقات مغلقة.