دولة القانون عبد المجيد إمام بقلم د. عبد العظيم حسن المحامي
دولة القانون
عبد المجيد إمام
في ذكرى 21 أكتوبر مررت بمقال عن رمزها المرحوم عبد المجيد إمام والذي كنت قد تشرفت بالعمل معه بمكتبه ومنزله بحي البوستة أم درمان في الفترة تكاد تكون متواصلة بين 1992- 1997. والمعلومة التي وددت تصويبها أن مولانا لم يستمر في عمله بالسلطة القضائية حتى 1975 وإنما تمت إحالته للصالح العام في أول مجزرة للقضاة نفذها انقلاب 25 مايو 1969. ومما يؤسف له أن تلك المجزرة كان خلفها وعقلها المدبر نائب السلطة الانقلابية رئيس قضاء أسبق وهو مولانا المرحوم بابكر عوض الله حيث أنهي في ذلك اليوم خدمات معظم قضاة محكمة الاستئناف التي كانت أعلى سلطة قضائية وقتئذ. وكان ممن شملهم العزل رئيس القضاء المرحوم الريح الأمين ونائبه عبد المجيد إمام، ومولانا مبارك المدني والمرحوم محمد يوسف مضوي والمرحوم جلال علي لطفي. ويذكر في ذلك التاريخ أن القرار شمل المرحوم مولانا عبد العزيز شدو والذي كان يشغل منصب رئيس إدارة المحاكم. وحسبما ذكر لي مولانا المرحوم عبد المجيد إمام أن قرار العزل لم يشمل مولانا المرحوم عثمان الطيب حيث تم تعيينه بواسطة الانقلابيين رئيسا للقضاء.
ويرى مولانا إمام أن المرحوم عثمان الطيب وإن كان مؤهلا للمنصب إلا أن تعيينه كان سياسياً لسببين، السبب الأول : أن عثمان الطيب وبحكم أنه من الهاشماب فقد كان صديقا لمعظم أبناء ذات الحي من أعضاء مجلس قيادة الانقلاب كأبو القاسم هاشم وأبو القاسم محمد إبراهيم وبقية الشلة (زين العابدين محمد أحمد عبد القادر ومأمون عوض أبو زيد وزعيم المجموعة جعفر النميري). السبب الثاني : أن عثمان الطيب كان الأقرب فكرياً للتيار اليساري القومي العربي الذي كانت سائداً في ذلك الوقت.
بعدما غادر مولانا إمام السلطة القضائية في مايو 1969 عمل بالمحاماة بمكتبه في عمارة الشيخ مصطفى الأمين. في العام 1975 وبعد إقالة المرحوم د. زكي مصطفى من منصبه كوزير للعدل والنائب العام تولى إمام هذا المنصب لمدة عام واحد ليخلفه فيه مولانا المرحوم زكي عبد الرحمن.
هاجر مولانا إمام في منتصف السبعينات للمملكة العربية السعودية وعمل فيها لفترة قصيرة ليعود بعدها للسودان ويستمر في سلك المحاماة وكان من أشهر القضايا التي تولاها مولانا عبد المجيد إمام قضية حكومة السودان ضد عوض الكريم محمد علي بكار المنشورة (1982) مجلة الأحكام القضائية.
مولانا عبد المجيد كان في أول دفعة نظامية حصلت على بكالريوس القانون بكلية غردون، وقبلهم كانت هناك دفعة غير نظامية درست القانون لفترة محدودة حيث كان ترتيبهم على الوجه الاتية:
- أحمد متولي عتباني (أول وزير عدل ونائب عام بعد الاستقلال).
- محمد إبراهيم النور، وقد عمل بالقضاء حتى بلغ نائبا لرئيس القضاء وتقدم باستقالته في 1967. وحسب وجهة نظر مولانا هنري رياض يعتبر محمد إبراهيم النور من أميز القضاة السودانيين.
- محمد أحمد المحجوب، أول رئيس وزراء بالسودان.
- محمد أحمد أبو رنات (أول رئيس قضاء بالسودان).
- إبراهيم المفتي (أول محامي سوداني).
- مجذوب علي حسيب، والذي انضم لسلك القضاء الشرعي.
بعد هولاء جاءت أول دفعة نظامية والتي كان من ضمنها المرحوم عبد المجيد إمام وكان ترتيب هذه الدفعة كالاتي: - بابكر عوض الله،
- الريح الأمين
- عبد المجيد إمام
- عثمان الطيب
- مبارك زروق
- محمد المبارك المدني
- زيادة أرباب
- أحمد خير المحامي،
الدفعة التي تلت هولاء كان ممن ذكرهم لي مولانا عبد المجيد إمام: - محمد يوسف مضوي،
- جلال علي لطفي
- مهدي شريف.
- ابو القاسم هاشم
إذا كان مولانا عبد المجيد نادم على مرحلة في سيرته هي توليه منصب وزير العدل والنائب العام إبان حكم الدكتاتور جعفر النميري.
هذه الأحداث التي أرويها نقلاً عن المرحوم عبد المجيد كانت الدافع لأن أسعى لتوثيق تاريخ القانون السوداني. في هذا الصدد، لا أخفي أنني حرصت على أن أورد بعضها ضمن مقالات دولة القانون غير أن واقعنا القانوني والسياسي حال دون تحقيق هذه الرغبة. بالطبع كثير من المعلومات قد لا تكون دقيقة وذلك لأنني، وفي تلك الحقبة، كنت في بدايات تجربتي القانونية معتمداً على ذاكرتي في بعض الجوانب وقلة معرفتي وحيلتي التي لم تتح لي أن أسترسل في الأسئلة حتى أخرج بمزيد من المعلومات سواء من مولانا عبد المجيدإمام أو من التقيتهم من زملائه وأصدقائه. يجدر بالذكر أن من ضمن زملائي الذين عاصروا تلك الحقبة واستمعوا معي لتلك الذكربات صديقي المحترم د. أسامة أحمد مختار والزميل المحترم الأستاذ طارق محمد الأمين بخيت. في ذكرى أكتوبر لا يفوتنا ألا وأن نترحم على رجلها العالم والخلوق عبد المجيد إمام سائلين الله أن يجعل مثواه الفردوس الأعلى مع والدينا ووالديكم أجمعين.
د. عبد العظيم حسن
المحامي – الخرطوم
22 أكتوبر 2023
التعليقات مغلقة.