فراسة عرمان وشيطان التفاصيل بقلم إبراهيم عثمان
فراسة عرمان وشيطان التفاصيل
إبراهيم عثمان
د. عبد الله على إبراهيم : ( لا يتوقع المرء من سياسي مثل عرمان قضى سحابة صباه حتى الشيخوخة في أسخن محطات السياسة السودانية أن يؤجل الحكم على مشروع قوات “الدعم السريع” إلى يوم في المستقبل، فكان المنتظر أن تسعفه فراسته للحكم عليه من فوق معرفة أدق بنظمها وسلسة القيادة فيها ومواردها وعلاقاتها الإقليمية والعالمية. وهي التفاصيل التي يلبد الشيطان في طياتها )
لعل فراسة الدكتور عبد الله علي إبراهيم هي التي غابت فيما يخص المتوقع وغير المتوقع من ياسر عرمان :
▪️ لأنه افترض أن تاريخ عرمان ( في أسخن محطات السياسة ) يشهد له بمواقف مبدئية نزيهة متجردة تجعله يتوقع منه ألا يدعم الدعم السريع، والحقيقة أن موقف عرمان الداعم يتسق تماماً مع تاريخه في دعم التمردات بشياطين تفاصيلها .
▪️ولأنه افترض أن تجارب عرمان ستجعله صاحب “فراسة” في التعرف والحكم السلبي على الكيانات المنحرفة، والحقيقة أن فراسة عرمان، لا عدمها، هي التي جعلته يرى في الدعم السريع كل الانحرافات المفضلة لديه، لأنها ضرورية لكل من يريد سلطة أكبر من وزنه بكثير .
▪️ ولأن معرفة عرمان بالميليشيا و( بنظمها وسلسة القيادة فيها ومواردها وعلاقاتها الإقليمية والعالمية ) و( الشيطان الذي يلبد في طياتها ) تتكامل مع تاريخه و”فراسته” وتحسم انحيازه للميليشيا، فهو على هذا الشيطان اللابد يعول، فسلسلة القيادة في الدعم السريع مناسبة، بسبب عوارها، لعرمان من ناحية قدرته على التأثير عليها .
▪️ كذلك ( الموارد) لا يهمه شيطان تفاصيلها طالما إنه يرى إمكانية توظيفها لصالح أهدافه، وهذا ليس محاكمةً لنواياه، وإنما هو ما نستنتجه من إجابة منشورة له على سؤال ( ما هي مخاوف ومصالح الدعم السريع التي يجب مراعاتها )، وقد تضمنت إجابته ( المصالح الاقتصادية ) إلى جانب ( المصالح السياسية) .
▪️أما بالنسبة لـ ( العلاقات الإقليمية والعالمية ) الخاصة بالدعم السريع وشيطان تفاصيلها، فعرمان نفسه له ارتباطاته الشبيهة، ولذلك الطبيعي أن تكون ارتباطات الدعم السريع عامل جذب بالنسبة له لا عامل تنفير، طالما إنها تخدم المصلحة المشتركة، وربما يتبرع له بخدمات تحمل فاصيل شبيهة ( غربياً وإفريقياً ) ، وقد تضمنت إجابته على السؤال السالف ذكره حديثه، بإعجاب ظاهر، عن وجود ( ارتباطات ) للدعم السريع .
▪️ ولأن عرمان يجعل موضوع الحكم على الدعم السريع هو فقط موقفه من تسليم السلطة له ولمجموعته ليحكموا، بالتعاون معه وبحراسته، وينفذوا مشروعهم المشترك بوثائقه العلنية والسرية ( حميدتي : في وثيقة، ما ظاهرة، قاعدة في الأدراج، مقفولة ) . على أساس أن هذا هو ( الاختبار الديمقراطي) الذي إذا اجتازه فقد نجح !
▪️ولأن عرمان لم يؤجل حكمه وأنما أصدره فعلاً، فهو يعلم بأن الدعم السريع راغب فعلاً في المشروع المشترك ، وما يريده عرمان هو أن يؤجل الشعب والقوى السياسية حكمهم بعد أن بضبطوه على مقاس الاختبار الآنف ذكره !
▪️من كل هذا نستنتج أن ما خطه يراع الكاتب الكبير عن خيبة ظنه في عرمان الذي خالف توقعه إنما يأتي من حسن ظنٍ فيه معاكس لما كانت توفره المعرفة بتاريخ الرجل واتجاه بوصلته وما تلحظه الفراسة، قبل أن تثبته المواقف الأخيرة .
التعليقات مغلقة.