الايام نيوز
الايام نيوز

مشاهد محمد الطيب عابدين روزنامة حرب قلب الوطن (٣٠)*

بسم الله الرحمن الرحيم

مشاهد
محمد الطيب عابدين

     *روزنامة*

حرب قلب الوطن
“””””””””””””””””””””””””””
( ٣٠ )

       (  ١  )

كيف أدخلت الإمارات العربية المتحدة كِلتا يديها في أحشاء السودان، و ظلت تعصِر و تنهش فيها حتى سالت دماؤها في صبيحة السبت ١٥ أبريل ؟ .. كيف وصلت دولة ترقد على ماض مُترع بالأمجاد يقارب السبعة ألف سنة من الحضارة و التاريخ، لهذا الهوان و الغفلة ؟ .. كيف باع حُكامنا و بعض ساستنا كرامة هذا الشعب بحفنة دراهم ؟ .. لماذا هان الهوان علينا حتى أضحى جرحنا بلا إيلام ؟ .. كيف نعيد كرامة هذا الشعب العظيم التي مرغت في التراب ؟ .

مرت علاقة السودان و دولة الامارات بمراحل تدرجت فيها من عدم التقدير … و حتى الإستهوان، و كان أمراً طبيعياً عندما ( تشحد ) الدعم المادي و العيني ممن تُصدِر له ذهبك و صمغك، و كان متوقعاً جداً عندماً تطأطئ رأسك لمن تحميه و تحرس حدوده و تقاتل نيابة عنه ( حتى ولو بالمال )؛ و لكنه لم يكن متوقعاً ممن بنيت داره أن يهدم دارك ! .

*حينما يذهب رئيس الدولة ( عمر حسن أحمد البشير ) في زيارة رسمية لأبوظبي فيستقبله موظف في الديوان الأميري أو مراسم الدولة، وهو يضحك*، و عندما يجلس ذات الرئيس المعزول في شرفة كبار الزوار ليشاهد سباق السيارات، مع شيخ صبي من الأسرة الحاكمة لم يبلغ الحلم، و يتعمد الإعلام الإماراتي بث الصورة و الفيديو، و عندما يجلس وفد برئاسة وزير الخارجية مصطفى عثمان إسماعيل و عضوية أشياخ الحركة الإسلامية، يجلسون إلى شيخ صبي صغير العمر منعدم الخبرة لا تكاد قدماه تلامس الأرض، وهم ينظرون إليه و إلى بعضهم دون حياء او خجل، و أيضاً يعمد الجانب الإماراتي لنشر خبر و صور ذاك اللقاء ( *محفوظة في الإرشيف* )؛

وعندما يتم إستدعاء رئيس الدولة المعزول إلى  أبوظبي في كل صغيرة و كبيرة، فيهرع مهرولاً و عمامته تسيل على الأرض، و العالم كله ينظر إلى هوانه، بل عندما يعترف و يقر في محاكمته بأن ولي عهد ( في عمر أحفاده ) قد تكرم عليه بمبلغ مليون دولار هدية، ( *ما قيمة مليون دولار لدى رئيس جمهورية* )؛ و لما تكشفت عمالة و خيانة مدير مكتبه طه عثمان الحسين وهو يحمل الحنسية السعودية، و قبض عليه جهاز الأمن و المخابرات، جاءه إتصال عاجل أن اطلق سراح الرجل و أرسله لنا، ففعل الرئيس المخلوع، و ما أنفك الجاسوس الأعظم يتأمر على السودان حتى اليوم مع الدعم السريع في حربه ضد الشعب السوداني . 

و عندما يذهب المعزول إلى روسيا طالباً من بوتين الحماية من أمريكا، فتنشر المخابرات الروسية نص طلبه كاملاً صورة و صوت، فيصيلنا بحالة من الوهن الوطني، و الاحساس بالمهانة ..

*و عندما يُجلسهُ الرئيس المصري أمام خارطة القطر المصري القديمة التي تشمل السودان، و بينهما علم مصر الرسمي، و لا يتفضل عليه بعلم السودان كما يفعل مع رصفائه من رؤساء الدول الآخرى .. أي هوان سحقنا فيه ذلك الرجل المخلوع و مرغ كرامتنا في وحل الإهانة و الإستهوان* . 

 *لم يقتصر الهوان على ذلك المخلوع و بعض جلاوزته، بل زاد و أستفحل مع جل أعضاء مركزية قوى الحرية و التغير ( قحت )،* التي كانت تجري متسارعة إلى الإمارات كلما أشار لهم سبابة السلطة في الإمارة ( *تعال فوراً* ) ليتلقوا تعليمات و توجيهات حتى من مستشارين أجانب ( دحلان و من لف لفه )، ثم يتلقى أحد أحزابهم مبلغ ٥ مليون دولار ليشتري دار فخمه لحزبه في قلب الخرطوم؛ و حتى ذاك رئيس وزراء الانتقالية حمدوك لم يكن يجرؤ على النظر في عيني ( كفيله ) الظبياني، بل زاد طينه بلة عندما قبل أن يدفع له ( الخواجة ) راتبه و طاقم مكتبه بالدولار الأمريكي .

*أما عن علاقة قيادة الدعم السريع بدولة الإمارات فهي ( حالة*) تحتاج إلى إستنباط مصطلح جديد في مجال العلوم السياسية، و العلاقات الدولية و التبعية و الإنقياد المذل الذي اوردهم موارد التهلكة و الفناء، فقد تعارفت بينهم عبارة ( *نشاور الإمارات أولاً*)، كما ظل قائد الدعم السريع حميداتي يذهب إلى ابوظبي أكثر مما يذهب إلى عشيرته في الدامره بدارفور؛ لترسم له الخطط، و تحاك له الأحابيل، و يتلقى دورات في علوم وفنون العسس و البصاصة . 

الإمارات تدفع مليارات الدولارات لشراء المقاتلين المرتزقة من الحبشة و كينيا و يوغندا و جنوب السودان و دول غرب أفريقيا، كما تدفع لتشاد لتفتح أراضيها و قاعدة أم جرس لإستقبال المقاتلين و العتاد العسكري المتواصل ..

لماذا تصمت وزارة الخارجية على هذا العدوان ؟ .. لماذا لا تقدم شكوى لمجلس الأمن الدولي و الاتحاد الإفريقي و جامعة الدول العربية و لو من قبيل تسجيل موقف ؟ .. ما يحدث هو عدوان خارجي صريح و موثق .

إذا كنت تصمت عن حقك، فلا تتوقع أن يدافع عنك أحد ..

كل ما هناك يا سادة أن الإمارات تريد إستمرار المستوى العالي لرفاهية شعبها و قوتها المالية و الإقتصادية ، بينما يبحث حكامنا عن إستمرار مستوى الرفاه العالي لذواتهم و تنظيماتهم، ( الغلطان منو؟ )

ليت هوان بعض الساسة و الحكام في بلادنا إنتهى عند أرباب المال و السلاح و ( العين الحمراء )، ولكن عندما طلب السودان التوسط في حرب الحكومة الإثيوبية ضد التقراي رفض رئيس الوزراء آبي أحمد متعللاً بأن السودان ليس محايداً، و لكن آبي أحمد نفسه جاء إلى السودان متدخلاً في حالة الإحتقان السياسي الثاني ( ليست الواسطة الاولى مع مندوب الإتحاد الافريقي ود لباد ) و ظل يضع رجلاً على رجل و وفود القوى السياسية تتزاحم إلى مقر إقامته، وهو ينصح لهم و يرشد خبالهم مبتسماً يهز رجله في إنشراح و حبور، وبلاده خالية من الأحزاب السياسية و الديمقراطية و التداول السلمي للسلطة، فهل بات فاقد الشئ يعطيه في سودان الغفلة و الهوان و الطيبة و الغباء و العبط، و لكنه أعطى الدعم السريع قناصة محترفين من الجيش الحبشي مع ضباط مخابرات ليساهموا في تدمير الخرطوم و الجيش السوداني .

وما تزال الذاكرة تختزن كيف تعامل آبي أحمد رئيس وزراء الحبوش مع د. حمدوك رئيس وزراء السودان في أديس ابابا بطرقة غير لائقة بروتوكولياً، فعاد الأخير إلى الخرطوم منتفخ الأوداج؛ و نحن نأوي و نطعم ثلث الشعب الحبشي، ولكن لا أحد يقدر، فمن يهن يسهل الهوان عليه .

 *حتى ذاك الرئيس الأريتري أفورقي أعظم دكتاتور في القارة الأفريقية،* يستدعي القوى السياسية السودانية إلى أسمرا ليمطرهم تنظيراً في تاريخ السودان، و سياسته التي ينبغي ان تكون، و ما يجب عليهم أن يفعلوه، و بلاده لا تعرف تعددية حزبية ولا ديمقراطية و لا أحد يجرؤ على الهمس داخل نفسه برأي مخالف له، ولعل المحير في حالة أفورقي هذا أنه يتحدث في الشأن السياسي السوداني علناً في تلفازة و يشرح و يوضح و يقرر و يرى، أكثر مما يفعل في شأن بلاده . 

و هذا أفورقي الذي تعيش بلاده على خيرات السودان، يتنمر على الوفود الرسمية التي تزور بلاده، بل يبلغ به الأمر ان يصرخ في وجوههم ( يكورك ) عندما يحتسي الخمر ( يطشم )، ثم يأتي إلى السودان يطلب فيجاب طلبه حتى و إن كان قبول سفيره رجل المخابرات الذي يحيك الأحابيل، و يزرع الشراك حولنا؛ لأننا شعب طيب حد العبط و الغباء و حكومة غافلة حد الضياع و المهانة .

أما ذاك الريس الكيني الذي إستولى على أرض السفارة السودانية في نيروبي بعد أن أشترتها و سجلتها وفق القانون الكيني .. فلم يجرؤ المخلوع على الإعتراض حتى في منامه .


*و تلك الظاهرة المحيرة المدهشة،* لدولة جنوب السودان التي تعلم ساستها مهارات و علوم الحكم و الإدارة و السياسية في الوطن الأم السودان، أن تصبح مغتبطه مزهوهً تتفاخر بأن يدها باتت تلج عالم الشأن السياسي السوداني؛ و يأتي ( توت قلوال ) بكرشة المنتفخ ليعلم ساسة الغفلة كيف يحكمون بلاد كوش و النوبة و البجا و سلطنة دارفور ، و جبال النوبة و ممالك النيل الأزرق، يأتي حاملاً في جيبه سبعون قلماً وهو لا يحسن الكتابة و لا القراءة؛ ولكن الدينكا و النوير يحسنون القتال مع الدعم السريع.   كل ذلك يحدث و حتى الإن و البرهان يرى ولا يرى رأياً، و يشاهد و لا نشهد له موقفاً يحفظ كرامة هذا الشعب *من سفور و غلظة و وقاحة التدخل الأجنبي في كبد البلاد،* و حتى عندما حكى بعظمة لسانه، و بعد الثورة الديسمبرية المجيدة الحقيقية غير المسروقة، أن رئيس إحدى الدول عبر له عن إستخفافه بأنى للشعب السوداني أن يفجر ثورة وهو جائع و كسول، فما كان من البرهان إلا أن بكى ( في وقتها أم بعد ذلك لا نعلم !!! )   . 

و عندما يفتح البرهان أبواب أكثر المواقع سرية في البلاد ( التصنيع العسكري ) لوفد إسرائيلي، كما ذكر وزير الإعلام الأسبق فيصل محمد صالح في تصريح علني منشور ..

تتحدث تقارير عن وجود ١١ مليون أجنبي في السودان بشكل غير قانوني، بينهم ٢ مليون جاسوس يعبثون في أمنه القومي، لأننا شعب طيب حد العبط و الغباء، و حكومات غافلة حد التفريط و الضياع الذي أوردنا موارد التهلكة ..

*حينما يهن راعي الشعب، و يسهل الهوان عليه، يموت إحساسه الوطني، فيمتطيه رعاة الشعوب الآخرى و يسهل قياده و إنقياده، و يصنف بينهم بأنه ( مطيع ) ...*


*لا أستطيع، بل لا أطيق أن أحصى كل حالات الهوان و التهاون و التفريط في الكرامة و السيادة و الإحترام التي مرت على الشعب السوداني خلال الخمس و ثلاثين سنة الماضية،* ذلك ما يصيب المرء بحزن عميق، و خجل دفين و حالة من إنكسار النفس و القهر الذي أوصلنا إليها ساسة المهانة الصامتون على تدخل سفراء السعودية و الإمارات في كل صغيرة و كبيرة في بلادنا، حتى أصبحا ناشطين سياسيين و ناصحان و مصلحان، يذهبان حيثما كان، و يفعلان ما يحلو لهما و البرهان يلمظ شفتيه و يهز بعصاه العسكرية، حيث بلغ بالسفير الإمارتي التبجح بأنه هو من صنع الثورة، و خطط لها، و بالسفير السعودي أن يصرح في امر الحرب و السلام، و وزير الخارجية لا يلوي على شئ؛ كيف لسفراء بلادهم لا تعرف الفعل السياسي، و لا الأحزاب السياسية، ولا الإنتخابات البرلمانية، بل لا يستطيع ذات السفير أن يدلي برأي في شؤون الحكم و السياسة في بلاده؛ ولكنه  يتعلم  الحلاقة السياسية على رأس الشعب السوداني اليتيم من حكام و ساسة الوطنية و الكرامة و العزة، إلا من رحم ربي . 

و عندما يُصرح و يتحرك و يجتمع و يجمع القنصل الأمني المصري ( ليس السفير ) من يشاء حيث يشاء وقتما يشاء ، كأنه ملك مصر و السودان ، أو الصاغ صلاح سالم سئ الذكر، و وزارة الخارجية تنظر و الأمن يرى، و البرهان يرى ولا يرى ..

لن يكون بعد حرب الخرطوم كسابقها أبداً، و يا حكامنا و ساستنا من لا يستطيع أن يحمل كرامة و عزة و شرف هذا الشعب العظيم فوق رأسه، فليذهب غير مأسوفِ عليه، ولا حوجة لنا به ..

و آخيراً و لن يكون آخراً في سلسال الخيانة و الهوان و التهاون و التفريط، ما ذكره سعادة اللواء أمن معاش / بدر الدين حسن عبد الحكم : ” أن السودان ( وثق ) في دولة الإمارات و سلمها عام ٢٠١٨م نماذج تصاميم ( أكلشيهات ) العملة الورقية السودانية لطباعتها في أبوظبي؛ و قد فعلت و طبعت ٢٠٠ ترليون جنيه سوداني و سلمتها إلى حميدتي، كما سلمت أسياس أفورقي مبالغ ضخمة من العملة السودانية ليأخذ حصته منها في أسمرا، ثم يدفع بالباقي إلى داخل السودان ليتم تدمير قيمة الجنيه و الإقتصاد السوداني” .

كيف لحكومة راشدة، وطنية، أمينة، و مسؤولة أن تسلم دولة أخرى مفاتيح أمنها القومي المالي ( أكلشيهات العملة )؛ ثم تأتي لتنوح و تولول أن الإمارات تطبع عملتها و تتلاعب بها .. ثم من الذي وقف معترضاً ضد فكرة تغيير العملة ؟ .. و لماذا ؟ حتى الآن ؟ ! . 

*لقد بلغت المهانة و الإستهوان و الغفلة من الحكومة، و الطيبة و الغباء و العبط من الشعب، أن تحول أجانب فتحنا لهم بلادنا و بيوتنا و قلوبنا، تحولوا إلى أعداء لنا يقاتلون إلى جنب العدو الجنجويدي، بعضاً من :* ( سوريا، اليمن الحوثي، ليبيا حفتر، حنوب السودان، تشاد، مالي، أفريقيا الوسطى، الكاميرون، النيجر، موريتانيا، نيجيريا، أثيوبيا، روسيا فاغنر، و أريتريا تأمر متصل لا يفتر، الإمارات أنفقت ٥٠ مليار دولار أمريكي، و إسرائيل و و و  ••• ) . 

 عندما يصبح البلد ضعيفاً هشاً مخترقاً، و حكامه يفتقرون للحس الأمني العالي، و الوطني المتقد، و يبلغ بهم الهوان و التهاون و التفريط ما بلغ؛ يستأسد عليه بغاث الطير من كل حدب و صوب، و يقتله الأجنبي في عقر داره ... ثم يسأل لماذا يتأمر علينا كل العالم، ولا نصير لنا إلا الله ؟ ...

*هذا العالم لا يحترم إلا الأقوياء، أما الطيبون فلا مكان لهم ..*

لن يكون بعد الحرب كقبلها، بعد أن طال السفر .. و سال الدم و أنتُهِك العرض، و فقد المال

نواصل بإذن الله تعالى

محمد الطيب عابدين
بري أيقونة الخرطوم الجمعة ٢٧ أكتوبر ٢٠٢٣م

التعليقات مغلقة.