الايام نيوز
الايام نيوز

محمد صالح حموكي يكتب………🖌سيناريو الانفصال القسري بفرضه واقعاً وإغتصاب إرادة الشعب

محمد صالح حموكي يكتب………🖌

سيناريو الانفصال القسري بفرضه واقعاً وإغتصاب إرادة الشعب

                   *- 1 -*

ليس مستهجناً في ان يكون هناك انفصالاً جغرافياً لجزء ما من دولة ما إذا ما قررت الشعوب المعنية بالأمر مصيرها بمحض ارادتها دون وصايةٍ أو إملاءٍ او إكراه سواء كان سلماً أو إنتزاعاً إستقلالها بالقوة والغلبة ،وذاك اُمرٌ طبيعي حدث في كثير من البلدان والأقاليم بل محبب ويكفله القانون الاُممي وكل الدساتير المحترمة وفق آليات مشروعة تصادق عليها الامم المتحدة وتعتمدها.
ولكن عندما يأتي الأمر عبر إملاءات وفرضه على الشعوب إكراهاً وقسراً هنا تكمن الكارثة مما تُعد بمثابة إغتصاب إرادة الشعوب وتكبيلها ، جريمة تترتب عليها آثاراً كارثية وخيمة قد تؤدي الى زعزعة الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي في المنطقة وما يجاورها بل قد يتعدى ذلك الى المحيط الإقليمي والدولي.

في واقعنا السوداني؛ لا ريب والكل على علم بما يحاك وماهو مخطط سلفاً بضرورة تفكيك كيان السودان الوطن الواحد واستهدافه الصريح في وحدة شعبه واقاليمه ومقتنياته من ثروات وموارد طبيعية واستراتيجية موقعه الجغرافي لدواعي تتعلق بتعدد الأطماع وتقاطعات المصالح الدولية والاقليمية.

لا حاجة للاستطالة والتوسع والتعمق في السرد التسلسلي لمراحل بدأ مشروع التقسيم والتفتيت والآليات المستخدمة سلفاً.

فبالنظر الى مجريات آخر وقائع احداث الصراع الحالي بين طرفي الصراع (الجيش والدعم) وخصوصاً ما يجري الآن في دارفور من عمليات عسكرية هي في واقعها الحقيقي صفقة عسكرية سياسية متفق عليها تماماً بين قيادتي المليشيات المتحاربة قوة دفاع السودان وجنجويد الدعم السريع ، أو تم توريط الأخير في شراك المصيدة على اقل تقدير ، والتي بموجبها يتم تسليم الدعم السريع ولايات دارفور الخمسة و ولايتي شمال وغرب كردفان، تحقق منها كلاً من نيالا والجنينة وزالنجي وتبقت الفاشر والضغين، ولإعتبارية مدينة الفاشر و وقعها على حركات دارفور المسلحة قد تتأخر الصفقة ولكن تعتبر قنبله من القنابل الموقتة التي قد تشعل شرارة الصراع الاهلي في دارفور مستقبلاً.

متي ما تم إنسحاب أو إختفاء الجيش من دارفور وكردفان كلياً او جزئيا وتم إعلانها مناطق محررة تحت سيطرة الدعم السريع تأتي مرحلة التفاوض لشرعنة ما آلت إليه الأوضاع.

عند التفاوض سيتم تثبيت مناطق سيطرة الجيش وهي الولايات الشرقية الثلاثة (كسلا القضارف وبورت سودان) والولايتان (الشمالية ونهر النيل) والوسط ولاية الجزيرة والنيل الأبيض ، فيما تتبع ولاية النيل الازرق لمشروع آخر ، كذا وجنوب كردفان المستقلة التي تتبع تحت سيطرة الحركة الشعبية شمال مرشحة بقوة للانفصال التلقائي بعد دارفور أو تزامناً معها .
وفي الجزء الغربي يتم تثبيت مناطق سيطرة الدعم السريع وهي ولايات دارفور الخمسة او الاربعة بالاضافة الى ولايتي شمال وغرب كردفان. فيما تظل ولاية الخرطوم بمحلياتها الثلاثة التي تمثل العاصمة المثلة القديمة مناطق نزاع مستمرة ، بينما تستمر المناورات بالتوغل والانسحاب في الولايات الحدودية الاخرى المجاورة للعاصمة واقليم دارفور.

سيكون هناك استقراراً نسبياً تكتيكيا في مناطق سيطرة الطرفين ، حيث يعمل كل طرف على بسط نفذه وتهدئة الأوضاع الامنية مع حسم بعض التفلتات لخطب ود المواطن ونيل استحسانه ، في حين تستمر المواجهات العسكرية في العاصمة لأطول فترة زمنية ممكنة قد تمتد الى سنوات عديدة مع استمرار المفاوضات وتوقيع اتفاقيات للهدن و وقف متقطع لاطلاق النار ، حتي يتأقلم المواطنين مع الأوضاع في كافة المناطق بما فيها مناطق سيطرة الطرفين والتي ستشهد أيضاً استقرارًا اقتصاديا واطلاق عجلة دوران الحياة الطبيعية بفتح الطرق والاسواق والمقار التجارية والمرافق الخدمية الحكومية والخاصة وتنتشر الشرطة وتفتح المحاكم والنيابات مع غياب الوضع الدستوري وسلطة التشريع في الغرب ، حتى يرتضي المواطن ذلك الوضع المصطنع ويرفض العودة الى الحرب مرة اُخرى ، وبذلك حتى يصل الى مرحلة القبول بأي وضع دستوري سياسي يُفرض عليه وإن كان إنفصالاً .

والكارثة في الموضوع هو سياقه الطرفين لتنفيذ هذا المخطط بتوريطهم في اقتحام مراحل الصراع واحدة تلو اخرى وجعل كل واحد منهما تكون الحرب له بمثابة البقاء أو الفناء اي حرب مصيرية لا انفكاك منها ، ليأتي دور التقسيم الذي يمثل الحل الامثل لكلا الطرفين ومن ثم خروجهما من الورطة وذلك بإلامتثال لأوامر وتوجيهات الكفيل الذي يدعم بالمال والسلاح مقبل الذهب والثروات. وبعض الاسلاميين من انصار مشروع البحر والنهر (مثلث حمدي ) و انفصاليي دارفور.

عادة ما تتحق عمليات ومشاريع الانفصال في الدول والاقطار المختلفة بين الشعوب والمجموعات البشرية عند تحقق عامل الانفصال الوجداني والمفاصلة العرقية بين المجموعات او الشعب مما يؤدي الى انتفاء مظاهر الوحدة والاخاء وتستوطن الكراهية ومسبباتها بين مكونات الشعب والتي غالباً ما تنتج عن غياب العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص والشعور بالتهميش والظلم والاضطهاد وفشل السلطات في إدارة التنوع والتوزيع العادل للسلطة والثروة ، وحينها لا يكون الانفصال الجغرافي إلا مسألة وقت إذا لم يُتدارك الأمر ، وكل هذه العوامل جميعها تحققت تماماً في الواقع السوداني الماثل ولم تتبقى إلا تحقق المرحلة الاخيرة ألا وهي الانفصال الجغرافي الذي يمضي على قدم وساق بكل ثبات .
ومن ضمن المؤشرات البائنة الدالة على تحق مظاهر الانفصال منها افرازات خطاب البحر والنهر واقتباس بعض النافذين بتنفيذه وجعله واقعاً ، كذا وخروج قوات حركات الكفاح المسلح عند وقوع الصدام بين الجيش والدعم من الخرطوم ، ومن ضمن المؤشرات ايضاً خارطة الجواز الالكتروني الذي الذي اُقيمت مراكزه في ولايات الشرقية والشمالية التي عند اماكن سيطرة الجيش دون غيرها من الولايات الغربية ، وقبل كل ذلك خطاب البرهان في مروي قبل الحرب والذي اشار فيه بكل وضوح معالم الانفصال القادم.

هناك كثيراً من الاحداث في آجل الايام قد تغير من إحتمالية تحقيق هذا السيناريو بهذه الاستراتيجية سنقف عليها في حينها . وللشعب ايضاً كلمته…

نواصل …….
حموكي
الخميس 9 نوفمبر 2023

التعليقات مغلقة.