الايام نيوز
الايام نيوز

الخلل الهيكلى بالتعليم العالى… إلى متى ؟

0

للحديث بقية
عبد الخالق بادى
الخلل الهيكلى بالتعليم العالى إلى متى؟
ظلت قضية العاملين بالتعليم العالى بالسودان المتعلقة بالهيكل الوظيفى تراوح مكانها ، فى الوقت الذى أعترفت فيه كل اللجان التى كونت لدراسة المشكلة بعدالة قضية العاملين من موظفين وفنيين وغيرهما ، بل إن وزارتى المالية والتعليم العالى أقرتا بالظلم الذى وقع على العاملين(غير الاساتذة) بفصل هيكلهم عن هيكل الأستاذة.
مناشدات وشكاوى كثيرة رفعها العاملون بالتعليم العالى سواء لوزارة التعليم العالي أو وزارة المالية ، وقد استقبل بريد (للحديث بقية) مقال بقلم الاستاذ حمدى ورقة ، يدعم موقف العاملين العادل ويكشف قصور المسؤولين وتلكئهم فى انصافهم ، واليكم نص المقال:
بقلم:حمدي ورقة
تشهد مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي بالسودان أزمة هيكلية عميقة تهدد استقرار العملية الأكاديمية مصدرها تباين صارخ وتجاهل ممنهج لحقوق الكوادر المساعدة (غير أعضاء هيئة التدريس) تلك الفئة التي تُشكل العمود الفقري الإداري والفني للجامعات الأزمة التي بدأت كرد فعل على إجازة الهيكل الراتبي لأساتذة الجامعات عام 2020، تكشف عن تناقضات إدارية خطيرة في تطبيق اللوائح وغياب مبدأ العدالة المؤسسية.
نشأ الحراك الفئوي للكوادر المساعدة بعد أن تمت زيادة رواتب الأساتذة بنسبة كبيرة عام 2020م دون أي اعتبار للموظفين والعمال والحرس والتقنيين والمدرسين الفنيين. هذا التفاوت، الذي عمقه حل النقابات واللجان التسييرية، ترك هذه الشريحة في صحراء لا ساحل لها وسط تهميش من وزارتي التعليم العالي والمالية وإدارات الجامعات.
لم ينتظر العاملون طويلاً، ففي مارس 2020، تداعوا عبر الوسائط لتكوين مكتب تنفيذي مركزي يمثلهم. بادر المكتب فور تشكيله بصياغة هيكل راتبي بديل شارك في إعداده خبراء، لكن محاولاته لمقابلة الوزير حينها قوبلت بالرفض بسبب عدم التسجيل الرسمي للكيان. وهو رفض يتعارض مع سابقة الوزارة نفسها في التعامل مع لجنة لاجسو(لجنة الأساتذة) غير المسجلة، مما يؤكد أن الرفض كان انتقائيا وليس قانونياً.
تصاعد الحراك ليبلغ ذروته في 3 أغسطس 2022، بتنفيذ أول وقفة احتجاجية أمام وزارة التعليم العالي. رداً على هذا الضغط، أصدر رئيس المجلس القومي للتعليم العالي القرار رقم (155) لسنة 2022م بتشكيل لجنة السبعة من وكلاء الجامعات لمعالجة اختلال الهيكل.وفي 28 يوليو 2022، أجاز الوزير توصيات اللجنة التي مثلت إقراراً جزئياً بوجود ظلم:
1. زيادة علاوة طبيعة العمل: ارتفعت من 10% إلى 60% من الأجر الأساسي.
2. استحداث علاوات خاصة: شملت علاوات التعليم العالي، القبول والتسجيل، وعلاوة التخصص (70% للمهن التخصصية).
3. النظامية ضد الإلغاء: أكد البيان الرسمي أن هذه العلاوات المستحدثة تظل ثابتة لا تُلغى بإصدار أي هياكل راتبية موحدة للعاملين بالدولة.
رغم إيجابية التوصيات، إلا أنها أوقفت حراك العاملين عند نقطة حاسمة، حيث لم تتطابق مع طموحاتهم وتجاوزت استحقاقين رئيسيين: حساب العلاوات والبدلات المقررة على أساس هيكل الأجور الموحد لسنة 2022م، وتنفيذ بدل الوجبة.
تكمن المشكلة الجوهرية التي يعاني منها العاملون حتى اللحظة في الخلل الهيكلي والتناقض اللائحي داخل وزارة واحدة:
* هيكل أول: خاص بالأساتذة.
* هيكل ثانٍ: خاص بالعاملين بمقر وزارة التعليم العالي.
* هيكل ثالث: خاص بالكوادر المساعدة بالجامعات (الذي يفتقر لأهم الاستحقاقات).
هذا التنافر في الهياكل يعمق التمييز ويجعل مبدأ العدالة والمساواة في المؤسسة التعليميةمجرد شعار أجوف، خاصة وأن رفض احتساب العلاوات على أساس هيكل 2022م يُبرر بنقص الدعم المالي من وزارة المالية، وهو تبرير يلقي بتبعات الفشل الحكومي على أكتاف شريحة العاملين.
إن مطالب العاملين اليوم تخرج من إطار الترف لتصبح ضرورة حياتية وإدارية تستند إلى مبدأ تكافؤ الفرص وحكم اللائحة. وهي تتلخص في أربع نقاط حاسمة:
1. الالتزام اللائحي الكامل: التنفيذ الفوري والحرفي لكافة علاوات وبدلات لجنة السبعةمع إدراجها واحتسابها على أساس هيكل الأجور الموحد لعام 2022م بأثر رجعي.
2. حقوق 2025م :تفعيل وصرف بدل الوجبة والسكن حسب هيكل 2025م لجميع العاملين بأثر رجعي.
3. ضمان الاستدامة: الالتزام بتضمين الزيادة السنوية لعلاوتي التعليم العالي والقبول والتسجيل بأثر رجعي.
4. توحيد المظلة:إنهاء التهميش المؤسسي ومعالجة التضارب اللائحي الذي أدى إلى وجود ثلاثة هياكل راتبية في وزارة واحدة، بما يضمن التعامل العادل مع جميع كوادر الوزارة
على وزارة التعليم العالي الجديد إدراك أن إعمار التعليم العالي يبدأ بإعمار الكادر البشري وتطبيق اللوائح لا يجب أن يكون انتقائياً يخدم فئة على حساب فئة أخرى. العدل هو أساس أي نهضة، وهذا الملف يجب أن يوضع على طاولة حكومة إدريس كأولوية قصوى قبل أن يؤدي التدهور إلى توقف كامل للعمل في جامعات السودان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.