دولة القانون إغراق الإطاري
الخرطوم :الايام نيوز
الزواج علاقة تعاقدية لا تختلف عن سائر العقود إلا في البعد المعنوي المتمثل في المودة والرحمة.
ولكون الزواج يتغذى على الحب، فتلاشيه يستتبع فشل أعتى الأنظمة العدلية في إصلاحه.
في المقابل العلاقات السياسية والاقتصادية والعامة لا تتأسس وتستمر بالمزاج أو الحب
أو الكراهية وإنما بالمصالح الحقيقية التي تتطلب الشجاعة، الشفافية والمصداقية.
كثيرون يعيبون على ساستنا تعاطي السياسة بالكيد الشخصي وفش الغبينة التي تخرب المدينة.
مركزية الحرية والتغيير لم تلتزم الشفافية مع الشارع، وحتى عندما قررت، وبصورة مفاجئة،
أن تتفاوض وقعت مع العسكر اتفاقاً بعضه علنياً والآخر سري.
المستتر من الاتفاق مضى في تجديد وتأكيد من تم إعفاؤهم سلفاً من قادة الانقلاب من المساءلة
مقابل أن يلتزموا بممارسة لعبة الكراسي نكاية بمن أيدوا الانقلاب صراحة أو ضمناً بلا مساس بزعماء العصابة. من تناقضات الإطاري أنه وضع تراتبية تفضّل بين من لهم حق التوقيع ودرجة الاستمتاع بالغنائم.
الأسوأ من ذلك أن حتى المستبعدين من التوقيع يجوز لبعضهم الاستمتاع بحق النقض(الفيتو) فيوقعوا متى ما رغبوا.
لو أن مركزي الحرية والتغيير منذ الوهلة الأولى تحلى بالشجاعة معلناً أن الاتفاق الإطاري عملية سياسية مفتوحة لكل القوى السياسية،
ما عدا حزب المؤتمر الوطني وعضويته ما لم تتبرأ منه صراحة مع تحمل المساءلة القانونية،
لما دخلت مركزية الحرية والتغيير في هذا المأزق الذي سينتهي إما بانشقاق المزيد
من مكوناتها أو استجابتهم لضغوط البرهان وكباشي قابلين توقيع وانضمام بقية الأجسام المكونة للكتلة الديمقراطية، ولو منفردين.
لو أن الفاعلين السياسيين كان همهم إنجاح الفترة الانتقالية لتم حسم هذه التناقضات بإخراج كل من تفاوضوا على الوثيقة الدستورية 2019 مدنيين وعسكريين من العملية السياسية.
بعبارة أخرى، لأن ساستنا همهم أن يحكموا بصورة مباشرة أو ضمناً، فالمشهد سينتهي، كما كل مرة، لتفاهمات كل واحد منها أسوأ من الذي قبله.
ليس بغريب أن يعيد التاريخ نفسه مصوراً مركزي الحرية والتغيير متراجعاً قابلاً في الإطاري جعفر الميرغني، مناوي وجبريل بينما يتدلل رافضاً أردول، التوم هجو، عسكوري ومبارك الفاضل لصراعات شخصية أشبه بأهواء الحب والكراهية.
ما كان يخشاه مركزي الحرية والتغيير من إغراق للإطاري ها هي على نفسها تجني براقش ممهدة السبيل للانقلابيين الذين يريدون واقعاً هشاً يلبي رغبتهم في تمديد حكمهم بحجة تناقضات القوى المدنية.
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
24 فبراير 2023
التعليقات مغلقة.