الايام نيوز
الايام نيوز

أمل محمد الحسن..✒️.. البرهان وطموح الرئاسة

أمل محمد الحسن

على الرغم من مضي العملية السياسية إلى نهاياتها، حيث تبقت ورشة الاصلاح الأمني والعسكري، وبدأت لجنة الصياغة النهائية أعمالها بالفعل؛ إلا أن شيئا عالقا في الأجواء ينذر بالخطر!

ويواصل رئيس مجلس السيادة الانقلابي عبد الفتاح البرهان بث إشارات مقلقة في كل مرة يخرج للحديث علنا، يؤكد استمرار الجيش في المشهد تارة، وعدم السماح ل(قلة) تسيطر على مجريات الأحداث وإلى آخره من التصريحات والعبارات التي تستبطن نوايا الرجل في مواصلة البقاء على أعلى هرم السلطة!

عندما تتابع بتمعن تحركاته وما يقوم بفعله، يستبين تماما كونه يبحث عن تأييد شعبي، تارة يمول مشروعات الزواج الجماعي ويحضرها بنفسه، تارة يمول الأسواق المخفضة.

يتنقل في أنحاء البلاد شمالا ثم ينتقل غربا، كمن يتجول في حملة انتخابية يحاول حصد أعلى درجات التأييد والمباركة لاستمراره، بينما يعتذر في ذات الوقت عن اكمال اجتماع داخل القصر مع أطراف العملية السياسية!

كل تلك التصرفات الصغيرة والأحاديث التي يلقي بها في كل مرة وقف أمام المايكروفون تؤكد وبشدة عدم رغبته في الاستمرار في العملية السياسية أو الانسحاب من المشهد السياسي!

واذا تمعنا في آيات القرآن والأحاديث النبوية عندما يأتي الحديث عن انهاء الملك نجد عبارة (ينزع)!

فالسلطة لها بريقها والكرسي له حلاوة لا يستطيع الإنسان أن يتركها بملء خاطره، فكيف بمن خطط ونفذ لانقلاب عسكري للسيطرة على الحكم من قبل؟!

من جهة ثانية، إذا نظرنا إلى طريقة تعامل البرهان مع الرئيس المخلوع عمر البشير

تستشف رحمة في غير موضعها، ما يشير إلى أمرين هامين؛ الأول هو أنه لا يرى فيه

(مجرما) مدانا يستحق البقاء في السجن أو أن يسلم لمحكمة العدل الدولية.

والأمر الثاني هو تقديم تعاطفا يستند عليه خلفه، ويصبح نموذجا حال دارت الدوائر عليه، وانتهى به الحال إلى حال البشير!

وكان الرئيس المخلوع ينزل في غرفة فندقية في مستشفى علياء، لا يشكو من أي

علة تلزمه الفراش، وكانت “التغيير” تحصلت على ملفه الطبي ونشرت خبرا تناقلته

جميع المواقع والصحف، وبعد فترة قليلة رأينا جميعا خبر إعادته للسجن.

بعد أن سكتت وسائل الإعلام عن ذكر الأمر؛ تمت إعادته مرة أخرى إلى غرفة رئاسية

جديدة، تحت تشديد أمني أعلى من السابق!

بالعودة إلى البرهان؛ نجد أنه عندما قام بانقلاب 25 اكتوبر لم يكن وحده في الأمر؛

ساندته قوى اقليمية في التخطيط والدعم، وما تزال هذه القوى موجودة وتعينه

بكافة (المخططات) لافشال العملية السياسية الجارية، لأن همها يتركز في عدم نجاح انتقال ديمقراطي في السودان.

والخوف من استقرار السودان دوافعه كثيرة، اولا وهو بقيادة لا تملك التفويض

الشعبي سيكون دائما رهن اشارتها، وتستطيع أن تستخدمه في اجندتها وتنهب ثرواته.

والأمر الآخر الذي يمثل الخطورة الجوهرية لدول الجوار هو اكتمال نموذج تحول ديمقراطي ناجح،

فالديمقراطية (معدية) ويخافون من تأثير ذلك الحماس وبسالة أبناء وبنات

الشعب السوداني المستمرة لقرابة 5 أعوام متتالية، الذين قدموا نموذجا يلهب ويلهم!

وربما امتدت خطط دول الجوار للعب بالنار عندما سقت التصعيد بين البرهان وحميدتي نارا وحطبا!

وهي لا تفكر في أن إشعال النيران عندما يبدأ لا أحد يستطيع أن يحدد مداه

والنيران شهيتها مفتوحة وانتشارها لا يعتمد الخرائط المرسومة!

ما يؤكد حقيقة أن البرهان ليس جادا في اكمال الاتفاق السياسي هو الخلاف الكبير

الذي نشب بينه وبين (حبيب) الأمس، الذي كل ذنبه أنه هرع لمباركة الاتفاق الإطاري ودعمه،

ربما تكون هذه المباركة خوفا من خروج الفلول من جحورهم بعد أن منحهم البرهان الأمان الكامل، وليس حبا للديمقراطية!

الأيام المقبلة ستكشف المزيد من خطط البرهان، الذي أكدت تجربة

انقلابه العسكري السابق عدم إعطائه اي تقدير للضغوطات الدولية، لأنه

يعلم جيدا أن العالم كله يضع مصالحه أولوية قبل دعمه للديمقراطيات في الدول النامية.

التعويل على الخارج لن يسمن ولن يغني من جوع، الأمر الوحيد الذي يمكن أن

يكبح جماح طموحات البرهان هو الاصطفاف الداخلي جسدا واحدا كالبنبان المرصوص أمام رغبة التحول الديمقراطي.

لكن وجود الكتلة الديمقراطية في اتجاه، وانقسامات الشارع من جهة أخرى

وخروج البعث والشيوعي من التحالف، واضعاف التجمعات المهنية كل ذلك يعتبر مثل المقبلات لفتح شهية الرجل للسيطرة على ذمام الأمور!

كل تلك الخلافات هي في الأساس صناعة قامت بها استخبارات الدول التي

تساند البرهان وحلمه في بناء دكتاتورية جديدة؛ حدثتني دبلوماسية عملت

في روسيا من قبل عن نهج تقوم به أجهزة المخابرات الروسية، بمنح ذات أسماء أحزاب

المعارضة لأحزاب في ظاهرها معارضة وفي داخلها موالية!

انقسامات الحرية والتغيير وتجمع المهنيين ولجان المقاومة أكبر دليل على

أن خطط الاستخبارات العالمية ماضية فينا وأن ما نشاهده نحن بأعيننا لا يعد

ربع الحقائق التي يعمل عليها أعداء الثورة والاستقرار ليل نهار! من ذرع الفتن وتقسيم الكيانات، وشراء الأمم والولاءات، والتجسس، والحرب الالكترونية!

لن يوجد أي كابح لطموح البرهان الرئاسي سوى الاجتماع على كلمة سواء،

وبعد العبور بالفترة الانتقالية لبر الأمان، ينتخب الشعب بإرادة حرة ما ينهي

كابوس عدم الاستقرار الأمني والانحدار الاقتصادي ويأخذ السودان موقعه الطبيعي

بما يستحق ويملك من ثروات بشرية ممثلة في الشباب الذي قدم روحه رخيصة بلا من ولا اذى فداء للبلد.

وبما يملك من ثروات طبيعية وتنوع جغرافي واثني وثقافي يحولنا لأن نكون الولايات المتحدة في افريقيا، ونفوقها ثروة وعلما.

التعليقات مغلقة.