للحديث بقية عبد الخالق بادى حصحص الحق ولاعزاء للصامتين
للحديث بقية عبد الخالق بادى حصحص الحق ولاعزاء للصامتين
مع نزول قوات شرطة الاحتياطي المركزى لشوارع الخرطوم منذ أمس السبت،تنفس معظم السودانيون الصعداء،بل تسرب الاطمئنان إلى نفوسهم،لان نزولها ليس له إلا معنى واحد ،وهو أن الجيش فرض سيطرته على معظم أرجاء العاصمة،بعد نجاح المرحلتين الأولى والثانية من الحرب ضد المتمردين.
لقد لاحت والحمد لله بوادر النصر (وهذا ما كان متوقعاً) ،فقوات الشعب المسلحة السودانية لم يحدث أن انتصر عليها أى تمرد حتى وهى فى أضعف حالاتها أيام الديمقراطية الثانيةبرئاسة، لأن من يقاتل من أجل الوطن لا يمكن أن ينتصرعليه مغامر يسعى للاستيلاء على السلطة معتمداً على مليشيات قبلية أو جهوية أو حتى أيديولوجية.
ما استغرب له هوصمت معظم الأحزاب والحركات المسلحة تجاه الحرب بين جيش البلد والمليشيات القبلية المتمردة ،ماهذا الصمت المطبق أمام قضية لا تقبل القسمة على اثنين ؟فلا مجال فيها للحياد ،فالحرب بين جيش قومى تكفل له كل التشريعات والقوانين حماية العباد والبلاد ، مع من خطط لسرقة السلطة بالقوة والغدر، تماماً كما فعل أربابه وصانعوه فى إنقلاب عام ١٩٨٩م.
لم نكن نتوقع أن تقف معظم الحركات المسلحة فى حرب مصيرية كهذه موقف المتفرج ،خصوصا الحركات التى وقعت اتفاقية جوبا ٢٠٢٠م،فقد لاذ قادتها بالصمت ،وحتى عندما تحدث الجيش عن أن هنالك حركات تقاتل مع الجيش فى غرب دارفور،اضطربت تصريحات قادتها ،فلم تنفى ولم تؤكد،ذلك وهذا دليل على ضبابيةموقفهم،وهناك من قال كلاما غريبا ،بقوله: أنه تم الاتفاق بين بعض الحركات المسلحة على تكوين قوات مشتركة للفصل بين الجيش والمتمردين ،وهو بذلك يساوى بين من يدافع عن الوطن ومن يسعى لتدميره،فهل سدتنتظر هذه الحركات انجلاء المعركة وتعلن دعمها للمنتصر ، أم ماذا؟.
هذه الحرب كشفت عن الوجه القبيح والسلوك الأنانى عند بعض السودانيين ،فرأينا العديد من أصحاب الجنسيات المزدوجة كيف تنكروا لوطنهم وهربوا مع الأجانب الذين تم إجلاءهم ،وتركوا أهلهم يعانون ويلات الحرب ،كما شاهدنا كيف هرب البعض تجاه دول الجوار وقطعوا مسافات طويلة استغرقت أيام فى مشهد مخزى،ودفعوا مليارات الجنيهات ثمنا للهروب ،رغم أن هذه المبالغ كانت ستكفيهم وأهلهم أن لجأوا لولايات الآمنة لا تبعد عن الخرطوم سوى عشرات الكيلومترات ولا تستغرق سوى ساعة أو أقل ،فهؤلاء إما أن جذورهم غير سودانية أو أنهم استغلوا الظرف لتحقيق مآرب خاصة ولا يهمهم البلد، وهذا مدعاة لإعادة فحص كل الأرقام الوطنية والجوازات التى منحت دون تدقيق وبيعت خلال العهد المنهار ومابعد انقلاب ال٢٥من اكتوبر ٢٠٢١م.
وعملية الهروب شملت كذلك المئات من أتباع العهد المنهار ،والذين سبق ونهبوا مال الشعب وشيدوا به القصور والفلل ، فتركوا(الجمل بما حمل)،وهذا يؤكد كذب ادعاءات بعضهم بأن اتباع الحزب المحلول بالعاصمة ساندوا الجيش فى حربه ضد المتمردين ،وهنا يطرح سؤال بديهى ومهم ، وهو هل الجيش السودانى الذى أسس منذ أكثر من مائة عام ويعتبر من أقوى جيوش المنطقة ،فى حوجة لمساندة من أى جهة؟،خصوصا أناس فشلوا وفسدوا ودمروا البلد،فما يحدث الآن ماهو إلا ثمرة من ثمار تلك الحقبة السوداء، ثم هل يعقل أن تغذى بالحرام وأحب الدنيا وملذاتها حبا جما قادر على الدفاع عن نفسه ناهيك عن المشاركة فى قتال حام؟لا اعتقد ذلك والدليل هروبهم ساعة الوطيس.
إن محاولة ربط الجيش القومى بالفلول والاسلامويين أمر مضحك ،فالجيش الذى أسس منذ عهد الإنجليز بنى على دعائم متينة لا يمكن اختراقها إلا فى نطاق ضيق وفى مستويات محدودة، لا يمكن أن تحسب على عامة الجيش المنتشر في ربوع الوطن الحبيب،فاذا كانت هنالك فئة قليلة أو عناصر محدودة تحسب للفلول أو أى أيديولوجية،فهذا لا يعنى انصياع أو ولاء عشرات الآلاف من الضباط والجنود لهذه الفئة،فولاء وانتماء الجيش للبلد ليس لأشخاص أو قيادات معينة،هذه هى مبادىء الجيش وقيمه التى رسخها أجدادنا الذين وضعوا اللبنة الأولى للقوات المسلحة منذ أيام كانت تسمى ( قوى دفاع السودان).
نعود ونؤكد أن الحرب الآن والحمد لله دخلت مراحلها النهائية،وذلك بعد دخول القوات البرية،والتى تواصل تمشيطها لشوارع وأحياء الخرطوم وبمساندة الشرطة، أما التفاوض فلا اظن انه تفاوض لكى يعود الحال كما كان قبل الحرب،وانما هو لإكمال مسيرة النصر ومشروع تسريح القوات المتمردة،ويظل للسودان جيش واحد وهو قوات الشعب المسلحة،ومن ثم العمل على إتمام العملية السياسية،والتى أكد الفريق البرهان قائد الجيش بأن الجيش ملتزم بها ،نسأل الله الرحمة لكل الشهداء الذين سقطوا فى هذه الحرب وكل شهداء ثورة ديسمبر المجيدة، وأن يشفى الجرحى ونتمنى العودة السالمة المفقودين،اللهم آمين.
التعليقات مغلقة.