دولة القانون لا للحرب
دولة القانون
لا للحرب
هذا المقال كتبته تعليقاً على المفكر أ. د. عبد الله علي إبراهيم وما كتب عن مفهوم “لا للحرب”. ورغماً عن اتفاقي الكامل في كل ما كتب أستاذ الأجيال إلا أنني أستميحه الإذن لأستدرك عليه وقوفه عند نقده لصمت معظم القوى السياسية عن الفظائع وجرائم الحرب الظاهرة التي ارتكبتها مليشيات الجنجويد بكل أرجاء الخرطوم ودارفور وكردفان. فالذي يبدو لي أن المفكر عبد الله علي إبراهيم لم يقف على كل ما يدور بالقروبات الداعمة للثورة وسلوك بعضها الذي لم يتوقف عند سلبية الصمت وإنما تجاوز ذلك بإيجابية تعمد النشر الحصري الأشبه بالشماتة وكل ما يهز الثقة بالجيش بوجه يدعم معنويات الجنجويد متفوقين على من وقفوا مع الروم في حربهم ضد الفرس.
فالجيش كغيره من مؤسسات الدولة لم يسلم من الخراب، مع ذلك ومهما كانت علاته، فإن عدم الوقوف معه في ظل هذا الاكتساح الغادر للخرطوم لهي أكبر خدمة مجانية يمكن أن تسديها قوى سياسية للكيزان سواء عن دراية أو بدونها. فهذا السلوك، بكل أسف، يكشف أن بعض القوى السياسية السودانية لا تنظر أبعد من أخمص قدميها ناسية أن أي مواطن بسيط لا شأن له بالسياسة يفهم الأبعاد السياسية والموقف من الحرب، طالما نشأت، بصورة أعمق من محترفي السياسة. فالمواطن يدرك أن الجيش، مهما كانت عيوبه، فهو مؤسسة نظامية وبالإمكان إصلاحها، ولو بعد حين. بالمقابل ولأسباب تاريخية وموضوعية ومعنوية، وفي ضوء ما عايش عياناً بياناً، بات من المستحيل لأي عاقل أن يقبل بغير حل الجنجويد وفوراً بغض النظر عن الثمن. أكثر من ذلك، صحيح أن المؤسسة العسكرية تقاعست في حادثة فض الاعتصام إلا أن الجيش، وطوال تاريخه الطويل، لم يسبق أن دخلت قواته بيوت المواطنين أو اخرجتهم منها أو روعتهم أو اغتصبت بناتهم أو استحلت أموالهم أو عرضتهم لمواجهة العصابات التي استغلت الفوضى أو اتخذت من المناطق السكنية ثكنات أو ساحات للحرب.
السؤال الذي يطرح نفسه والذي أتمنى أن يصل المفكر عبد الله علي إبراهيم ليتكرم بالإجابة عليه: لماذا صمتت القوى السياسية عن فظائع الدعم السريع وجرائم الحرب التي ارتكبها داخل المدن بالخرطوم ودارفور وشمال كردفان؟ لماذا ارتفع شعار لا الحرب؟ أوليست الدعوة المجردة لوقف الحرب تحت ذريعة الحياد أو أنها حرب لا تخصنا أشبه برفع المصاحف على أسنة الرماح يوم صفين؟ ما هو البديل السياسي لوقف الحرب؟ هل العودة التلقائية للاتفاق الإطاري؟ أم للتغيير الجذري؟ أم أن هناك سبيل آخر يتخلق مترتباً على الحرب التي هي نفسها عملية سياسية؟
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
30 أبريل 2023
التعليقات مغلقة.