الايام نيوز
الايام نيوز

تصعيد ميداني في السودان يضغط على مسار مفاوضات جدة

الخرطوم : الايام نيوز

استأنفت الاثنين المفاوضات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مدينة جدة السعودية لبحث سبل التوصل إلى اتفاق يضمن وقف إطلاق النار، وسط شكوك تسود بعدم جدية الطرفين في الالتزام بإعلان الخميس الماضي.

ويقول مراقبون إن ما زاد الأمر تعقيدا قرار رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبدالفتاح البرهان مساء الأحد بتجميد حسابات قوات الدعم السريع وشركاتها في جميع البنوك بالسودان وفروعها في الخارج، ومنع صرف أي استحقاقات أو ميزانيات مرصودة لها.

وتجري المفاوضات المباشرة وغير المباشرة بين طرفي القتال بوساطة سعودية – أميركية دشنتها الرياض وواشنطن منذ أبريل  الماضي، عقب اندلاع القتال الذي أودى حتى الآن بحياة نحو 550 من المدنيين وما يزيد عن ثلاثة آلاف من المصابين، وفقا لتقديرات أولية صدرت عن نقابة الأطباء السودانيين، إلى جانب نزوح مئات الآلاف من العاصمة الخرطوم إلى الولايات القريبة وعشرات الآلاف إلى دول الجوار مثل مصر وتشاد وإثيوبيا.

ورسمت المبادرة السعودية – الأميركية سيناريو يبدأ تدريجيا من وقف إطلاق النار وفض الاشتباك للقوات المتحاربة وفتح الممرات الإنسانية أمام المدنيين والسماح للمساعدات الإنسانية، وصولا إلى المرحلة الثانية التي تقضي بدفع الطرفين نحو اتفاق طويل المدى لوقف إطلاق النار، تعقبه مرحلة ثالثة بخصوص الترتيبات الأمنية الشاملة ومرحلة أخيرة بمفاوضات ذات طابع سياسي يشارك فيها المدنيون وتحديدا القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري في الخامس من ديسمبر الماضي.

وسعى الطرفان قبل انطلاق مباحثاتهما إلى تعزيز مواقفهما التفاوضية بتحقيق انتصارات على الأرض، كما حدث في مناطق شمال بحري وشمال أم درمان وجنوب الخرطوم في اليومين الماضيين، لكن فيما يبدو فشل الطرفان في تحقيق ذلك، إذ بقي الوضع الميداني كما هو عليه في الأيام الأولى للحرب.

وتحيط حالة من التكتم الشديد أجواء المواقف التفاوضية لكلا الطرفين، لكن الجيش ظل يكرر في أكثر من مناسبة ضرورة عودة قوات الدعم السريع إلى مقراتها قبل ديسمبر الماضي، وهو تاريخ بداية التحشيد للحرب، كما ينادي بخروجها من جميع المواقع الإستراتيجية التي سيطرت عليها بما في ذلك جزء من قيادة الجيش والمطار والقصر الرئاسي ومصفاة الجيلي وغيرها.

وتشترط قوات الدعم السريع فتح مسارات آمنة وحماية المدنيين في مناطق الاشتباك والسماح لقوات الشرطة بالانتشار لتأمين المناطق والمنشآت الدينية، وكذلك سحب قوات كل القواعد العسكرية للطرفين من العاصمة وتبادل الأسرى وفرض رقابة دولية على وقف إطلاق النار.

واتهمت قوات الدعم السريع الاثنين الجيش بالهجوم على مستشفى بوسط العاصمة السودانية الخرطوم بالطائرات.

وجاء في بيان لقوات الدعم السريع أن الهجمات “قتلت وأصابت العشرات من الأبرياء”.

ويشار إلى أن الجيش يستحوذ على الطيران الجوي والطائرات المسيرة ما يعزز اتهامات الدعم السريع، خاصة بعد نشر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صور القصف.

ويمارس الوفدان السعودي والأميركي ضغوطا على طرفي النزاع مرفوقة بتطمينات بهدف إنهاء الحرب التي دخلت شهرها الثاني، ما يفرض بالتالي وقف إطلاق النار لمعالجة الجوانب الإنسانية.

وما يزيد مهمة الوسطاء صعوبة عدم رغبة قيادات الجيش والدعم السريع في التواصل المباشر بينهما حتى الآن.

ويرى المراقبون أن نجاح إعلان جدة يتوقف على مدى استعداد الطرفين لتنفيذه على الأرض، وأيضا على قدرات فريق المراقبين الذي يشرف على التنفيذ، خاصة إذا كان بين أعضائه مندوبون من الوسيطين السعودي والأميركي.

ويعتقد مسؤول سعودي مقرب من دائرة المفاوضات، فضل عدم ذكر اسمه، بأن بند المساعدات الإنسانية نفسه لديه سياقات خاصة به تتعلق بفتح الممرات الآمنة وتحديد آلية لاستقبال المساعدات والإشراف عليها، وكذلك آلية لتوزيعها متزامنة مع وقف إطلاق النار لمدة 10 أيام، ثم لوقف إطلاق نار دائم والاتفاق على أسس الرقابة وتحديد ما إذا كانت ستكون باستخدام الأقمار الاصطناعية أم رقابة بشرية ميدانية أم بتقنية الطائرات المسيرة.

وأشار إلى أن فريق الوساطة وضع ورقة توافقية تكون أساسا للتفاوض حول وقف إطلاق النار، إلا أنه لم يكشف عن تفاصيلها.

ولفت المسؤول السعودي إلى أن مسألة دمج قوات الدعم السريع في الجيش تشكل عقبة كبرى أمام الوصول إلى مرحلة المفاوضات التي يشترك فيها المدنيون لحل القضايا السياسية العالقة بالعودة إلى المسار السياسي، خصوصا أن كل طرف يعتقد أنه يستطيع حسم المعركة عن طريق العمل العسكري لصالحه.

ويقول الخبير السياسي السوداني عبدالله رزق “إن كل عوامل النجاح متوفرة لمفاوضات جدة بين الجيش وقوات الدعم السريع، وأولها أن الولايات المتحدة والسعودية هما الأكثر تأثيرا على الطرفين ولديهما مصالح في السودان، وكلاهما لا يمكن أن تغامرا بعمل دبلوماسي كبير دون أن تضمنا نجاحه”.

وأضاف رزق أن الانتخابات الأميركية حاضرة في المفاوضات، بحيث أن الرئيس جو بايدن يحتاج إلى تحقيق اختراق في السياسة الخارجية ليبرز به اسمه وسط الرأي العام الأميركي الذي لديه اهتمامات بما يدور في السودان، لاسيما وسط النخبة السياسية في الولايات المتحدة.

وأشار إلى أنّ “الإدارة الأميركية وضعت حرب السودان في خانة التهديد للأمن القومي”، موضحا أن “ذلك مرده ربما الخوف من دخول منظمات إرهابية في معادلة الحرب أو الخشية الدبلوماسية من كسب كل من الصين وروسيا نقطة في طريق التسابق نحو أفريقيا على حساب الولايات المتحدة والغرب عامة”.

وأضاف الخبير السياسي السوداني أن “الإرهاق العسكري الذي أصاب الطرفين خلال نحو شهر يمكن أن يكون عاملا إيجابيا لصالح الوصول إلى حل للأزمة، لأن قبولهما بمبدأ التفاوض في حد ذاته مؤشر على عدم الرغبة في المواصلة في الحرب مجددا”.

التعليقات مغلقة.