الايام نيوز
الايام نيوز

مبدأ إعلان الشخص الغير مرغوب فيه The Doctrine of Persona Non Grata

مبدأ إعلان الشخص الغير مرغوب فيه
The Doctrine of
Persona Non Grata

ومبدأ الملكية الوطنية للحلول The Doctrine of Principium solutionum dominii nationalis (1)

إحتدمت مرئيات النقاش حول مدى سلامة وصحة طلب سلطة حكومة السودان(سلطة الامر الواقع) المقدم للسكرتير العام للأمم المتحده، والذي طلبت فيه الحكومة السودانية من السيد/ أنطونيو غيتريش السكرتير العام للأمم المتحده رفضها إبقاء الدكتور/ فولكر بيرتس(الألماني الجنسيه) في السودان ممثلاً للأمين العام للامم المتحدة.
وامتد النقاش حول مدى سلامة وصحة رفض الأمين العام للأمم المتحده طلب الحكومة السودانية، وإعلان الأمين العام للأمم المتحده تجديد ثقته في الدكتور/ فولكر بيرتس ممثلاً للأمين العام للأمم المتحدة في السودان.
وإشتدت مرئيات النقاش حول إعلان الخرطوم أن الدكتور/ فولكر بيرتيس رئيس البعثة الأممية في السودان(شخصاً غير مرغوب فيه Persona non grata).
وقول آخرون، بأن مندوب السودان في الأمم المتحدة ووكيل وزارة الخارجية والسفير دفع الله الحاج علي مندوب رئيس مجلس السيادة للمملكة العربية السعودية(جده) والممثل المبعوث لبعض الدول، أشخاص غير مؤهلين علمياً ومهنياً، أو أنهما غير مؤهلين أخلاقيا لتولى وظيفة السفير بوزارة الخارجية.
وإزاء المناقشات الدائرة، يبدو على السطح طرح سؤال: ما مدى صحة وسلامة قول السيد/ إستيفان دوجاريك ممثل الأمين العام للأمم المتحده في مؤتمر صحفي له رداً على طلب الحكومة السودانية بإبعاد فولكر بيريتس من السودان، لإعتباره شخص غير مرغوب فيه، ورفض ممثل الأمين العام إستيفان دوجاريك إعتبار فولكر بيرتيس شخص غير مرغوب فيه، لقول ممثل الأمين العام للأمم المتحده عدم قبول مبدأ الشخص الغير مرغوب فيه على موظفيها، وذلك على خلفية إعلان الأمم المتحدة قولها مبدأ الشخص غير مرغوب فيه، لا ينطبق على الموظفين الأمميين،
وعدم إنطباق مبدأ الشخص غير المرغوب فيه على موظفيها.
وفي هذا الصدد، إستيفان دوجاريك، والتيار القائل، بعدم إنطباق مبدأ الشخص الغير مرغوب فيه على موظفي الأمم المتحده، تبريراتهم إستندت على تصريح صحفي للسكرتير العام للأمم المتحده السيد/ أنطونيو غيريتيس رقمSG /SM/19424 بتاريخ 4 يناير 2019م والموجه إلى الحكومة الصومالية، والذي جاء فيه:
The doctrine of persona non grata does not apply to, or in respect of, the United Nations personnel. As described in the 1961Vienna Convention on Diplomatic Relations, the doctrine applies to diplomtic agents who are accredited by one state to another in the context of their bilateral relations. The United Nations is not a State, and its personnel are not accredited to the States where they are deployed, but work under the sole responsibility of the Secretary Genetal.) ..
ووفقاً لتصريحات ومرئيات السكرتير العام للأمم المتحدة، مبدأ إعلان الشخص غير المرغوب فيه، لا ينطبق على أو بشأن موظفي الأمم المتحدة على النحو الوارد في إتفاقية فيينا لسنة 1961م للعلاقات الدبلوماسية، وأن مبدأ إعلان الشخص غير المرغوب فيه، إنما ينطبق على الممثلين الدبلوماسيين المعتمدين من قِبل دولة إلى دولة أخرى في سياق علاقاتيهما الثنائية، وأن الأمم المتحدة ليست دولة، كما أن موظفيها ليسوا وكلاء دبلوماسيين معتمدين من قِبل دولة لدولة أخرى.
وكما في سابقة أخرى مماثله، في الصراع الأثيوبي الذي كان دائر في إقليم جبهة التقراي، السيد/ فرحان حق – نائب المتحدث بإسم الأمين العام للأمم المتحدة – بمذكرة صادرة بتاريخ 01/ 01/ 2021م، وبمقتضاها الأمم المتحدة، خاطبت الحكومة الإثيوبية، لإعلان السلطات الإثيوبية أن موظفين أمميين في أراضيها، أشخاص غير مرغوب فيهم. وقد جاء في المذكرة ما يلي:(أرسلنا مذكرة إلى البعثة الإثيوبية، لتوضيح الموقف القانوني الطويل الأمد الذي تنتهجه الأمم المتحدة، وهو عدم قبولها تطبيق مبدأ الشخص غير المرغوب فيه على موظفيها. وأن
هذا المبدأ ينطبق على الوكلاء الدبلوماسيين المعتمدين من قبل دولة إلى دولة أخرى، ونحن لسنا دولة).
الجدل المحتدم هذا من الأمم المتحدة، ومن بعض الكيانات الدولتيه، بالضرورة، يلزمنا تفكيك إصطلاح مبدأ الشخص غير مرغوب فيه، والذي يُعرف في العلاقات الدبلوماسيه بالطرد الدبلوماسي.
فمصطلح(شخص غير مرغوب فيه)، يدل في العلاقات الدبلوماسية بين دول العالم على إجراء يُتخذ لتسجيل موقف سياسي معين، والتعبير عن “إستياء” إتجاه شخص ما، أو دولة أخرى، وذلك بسبب ما قد تصفه الدولة صاحبة القرار، بأنها تصرفات غير مقبولة، إقترفها الدبلوماسي المعني بذلك.
والتعريف والدلالة عليه، تُعرِف عبارة(شخص غير مرغوب فيه) بإسمها الدبلوماسي اللاتيني personna non grata، وتعني، أن الشخص، أو الدبلوماسي الأجنبي، أصبح محظور دخوله، أو بقاؤه في أرض الدولة التي تعتمده، وأنها عقوبة على تصرفاته الشخصية، وذلك حين يرتكب الدبلوماسي جريمة قانونية، لا يمكن أن يُعاقب عليها، بسبب حصانته الدبلوماسية.
ومن حيث القانون، ترتكز هذه المعاملة على المادة التاسعة من إتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية الموقعة عام 1961م، والتي تنص على أنه:(للدولة المعتمد لديها – في أي وقت، وبدون ذكر الأسباب – أن تبلغ الدولة المعتمدة، أن الرئيس أو أي عضو من طاقم بعثتها الدبلوماسية أصبح(شخصا غير مقبول)، أو أن أي عضو من طاقم بعثتها(من غير الدبلوماسيين) أصبح (غير مرغوب فيه).
وتضيف المادة:(أنه على الدولة المعتمدة، أن تستدعي الشخص المعني، أو تنهي أعماله، لدى البعثة وفقاً للظروف، ويمكن أن يصبح الشخص غير مقبول، أو غير مرغوب فيه، قبل أن يصل إلى أراضي الدولة المعتمد لديها). ويتم في هذا الإطار، التمييز بين عبارة (شخص غير مرغوب فيه)، والتي يقتصر إستخدامها على الدبلوماسي. وعبارة (شخص غير مقبول)، والتي تُستخدم بالنسبة للأطقم وللأعضاء الفنيين بالسفارة والاداريين. ورغم أن الدولة المستقبلة، ليس لها حق التدخل عند تعيين أعضاء البعثة الدبلوماسية الأجنبية فى أراضيها، فإنه يحق لها الاعتراض على وجودهم فيها.
ولأسباب قانونية، عادة ما يكون إعلان الشخص الدبلوماسي(شخصاً غير مرغوب فيه)، نتيجة إنتهاكه المادتين 41، 42 من إتفاقية فيينا 1961م، اللتين تقضيان بضرورة إحترام قوانين ولوائح الدولة المعتمد لديها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، فضلاً عن عدم، القيام بأي نشاط مهني، أو تجاري، من أجل تحقيق الكسب الخاص.
وهناك العديد من الأسباب، التي قد تدعو إلى إعتبار الشخص الدبلوماسي(شخصاً غير مرغوب فيه)، ومنها على سبيل المثال: إدلاؤه بتصريحات غير ودية، إزاء السياسة الداخلية، أو الخارجية، للدولة، أو ضد رئيس الدولة المستقبلة، أو التدخل في الشؤون الداخلية للدولة المضيفة، أو التحريض ضد نظام الحكم فيها، من خلال تشجيع، أو تأييد القيام بأعمال التظاهر، أو الإضراب، خلافا للقوانين المحلية المطبقة. ويندرج ضمن الأسباب أيضاً، قيام الشخص الدبلوماسي، بأعمال التجسس، أو التآمر، أو زيارة مناطق عسكرية محظورة دون إذن مسبق، أو من خلال استغلال الحصانة الدبلوماسية، والقيام بعمليات التهريب الجمركية، أو تهريب الآثار، أو الذهب، أو المخدرات أو الألماس، أو غيره.
وأيضا توجد هناك أسباب، لا ترتبط بذنب، أو جرم، اقترفه الشخص الدبلوماسي المعني بذلك، ولا دخل له فيها كفرد، مثل إعلان سفير لدولة ما(شخصاً غير مرغوب فيه)، تعبيراً عن تدهور العلاقات السياسية بين الدولتين، نتيجة، مواقف، أو تصريحات، أو إنتهاكات، بعيدة عن أداء السفير نفسه، أو أن يتم ذلك، لمجرد المعاملة بالمثل (Tit for tat)، رداً على إجراء ما قامت به الدولة الأخرى.
وللمصطلح، إستعمالات أخرى، يحيل إستعمال عبارة(شخص غير مرغوب فيه) في مجالات خارج نطاق الدبلوماسية والعمل الدبلوماسي، للإشارة غالباً إلى شخص منبوذ، وأيضاً تستعمله أجهزة الأمن في حق أي ضابط، لم يلتزم بـمبدأ التحفظ، والصمت، والكتمان، أو ما يُطلق عليه، جدار الصمت الأزرق، والتورط من جانب الضابط في إطلاع زملاء له، أقل رتبة منه، على أسرار مهنية تقتضي التكتم.
وبذلك، يتبين مصطلح الشخص الغير مرغوب فيه، أنه مصطلح، هلامي، فضفاض، ومرن، وأن له إستخدامات عديده، لا تتوقف عند الإستخدام الدبلوماسي فقط، وإنما يمكن توظيف إستخدام المصطلح والتدليل به، في مجالات عديده متنوعه وأوسع، ومن تلك المجالات، مبدأ الملكية الوطنية للحلول السياسية السلمية للنزاعات، وطلب الإصلاح المؤسسي والدستوري، المقرر طبقاً لأحكام الفصل السادس والسادس عشر من ميثاق الأمم المتحده، والمبدأ متعارف عليه بإسمه اللاتيني:
The Doctrine of Principium solutionum
dominii nationalis
وذلك بتوظيف إصطلاح أو مبدأ الشخص الغير مرغوب فيه، بإستخدامه
كمصطلح فني، للتدليل وللتعبير به على إبعاد أو رفض الدوله، إبقاء أو وجود موظفين أمميين في أرض الدوله المعنية، وفي ذلك نفصل له في مقاله مستقله.

فريق شرطة(حقوقي)
د. الطيب عبدالجليل حسين محمود (المحامي)
10/ 06/ 2023م
الاسكندرية

التعليقات مغلقة.