د. عبد العظيم حسن يكتب دولة القانون حكومة الطوارئ [3]
دولة القانون
حكومة الطوارئ [3]
عندما تتفاقم الأزمات وتبلغ حداً تُفقد الحليم حلمه والعاقل بصيرته يبقى لا مناص من اللجوء لمن يعرفون بأهل الحل والعقد. مصطلح “أهل الحل والعقد” ورغماً عن قدمه فقد ظل خالداً ومجسداً لأبهى نماذج التفويض الشعبي للممارسة الديمقراطية بالذات في حال غياب النص أو ما قبل الشرعية الدستورية. وأهل الحل والعقد يجوز تعريفهم بالمجموعة المحدودة ممن يتوسم فيهم المجتمع الحكمة والتجربة في حل معضلة لا يمكن التوافق على غيرهم في حلها. الوصول لأهل الحل والعقد في ظل ظروف الأزمة السودانية بالذات يتطلب السير في اتجاهين، الاتجاه الأول: مهني. والاتجاه الثاني: محلي أو إقليمي. ففي الجانب المهني يتعين اللجوء لقواعد المهنيين ليتجردوا مسمين من كل مهنة ممثلة أو ممثلاً. فإذا كان الاختيار المهني ناجحاً في تغطية كل أقاليم السودان فيكفي التمثيل المهني. أما إذا لم تكن تسمية المهنيين شاملة لكل الأقاليم فعلى المهنيين من الذين تم اختيارهم سد النقص أو اقتراح الآلية البديلة. سواء في حالة الجانب المهني أو الإقليمي من يتم اختيارهم لحكومة الطوارئ فإن الشرط الذي لا يجوز التنازل عنه هو الكفاءة وليس مجرد التأهيل الأكاديمي. فمن ليس له قدرات استثنائية في جانبي الحكمة والتجربة العلمية والعملية معاً لا يمكن مجاملته وتضمينه بعضوية حكومة الطوارئ.
وسائل التقنية الحديثة وبما توفره من أنظمة استفتاء واستقصاء سهلت لحد كبير من فرص المشاركة في اختيار أهل الحل والعقد سواء لأغراض حكومة طوارئ أو لغيرها. متى توفرت الإرادة فإن الوقت المطلوب للتوافق على المهنيين لن يتجاوز الأسبوع على الأكثر. من سيتم التوافق عليهم كأول حكومة للطوارئ، ولما لهم من خبرة وتجربة، سيكون بوسعهم اللجوء للمشورة والمشاركة والاستفتاء الشعبي بذات الوسائل التقنية وصولاً لمن سيساعدهم في الاضطلاع بمهام المرحلة. ما يتعين التذكير به أن حكومة الطوارئ ليس بمطلوب أو متوقع منها أن تحل مشكلات السودان بقدرما الحصول على الثقة من أطراف الحرب وكافة المواطنين لوقف الحرب حقيقة ومن ثم عودة الحياة لطبيعتها وتدريجياً. أي توقع بأن تقدم حكومة الطوارئ حلولاً سريعة أو نهائية لمشاكلنا المزمنة فان ذلك يعد ضرباً من الخيال. مع ذلك ومهما كانت التحديات لتكن أولى خطوات حل الأزمة بالاقتناع بضرورة الحل والشروع في اختيار وتكليف حكومة طوارئ من أهل الحل والعقد. اختلافنا على تفاصيل هذا الحل بالوسيلة المطروحة آنفاً لا يجوز أن يجعلنا نختلف على كونه الحل الأنسب أو الأكثر معقولية.
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
30 يونيو 2023
التعليقات مغلقة.