عثمان جلال يكتب/نصيحتي الى قيادات قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي
عثمان جلال يكتب/
نصيحتي الى قيادات قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي
(١).
وددت لو التقيت بالأصدقاء التعايشي ، ومحمد الفكي سليمان، وخالد عمر يوسف في يوم الاحد ١٦ ابريل ٢٠٢٣ في خيمة الصحفيين بطيبة برس برنامج ونسة أبناء دفعة وذلك بدعوة كريمة من الاخ الاستاذ محمد لطيف والبرنامج للمثاقفة والأنس الاجتماعي وصدى حقيبة الذكريات في جامعة الخرطوم لميس التي بين الدوحتين تميس كما وصفها استاذنا البروف عبد الله الطيب وكنت اود الحوار معهم على هامش البرنامج في بعض قضايا البناء الوطني والديمقراطي ولكن تعذر التلاقي بعد اندلاع حرب آل دقلو الوحشية على الجيش والدولة والمجتمع والطبيعة، ولكن لا مشاحة من بذل الحوار معهم في الفضاء العام للعبرة والاعتبار.
(٢).
كما تعلمون فإن أضلاع مثلث معادلة تحالفكم السياسي الباطني مختلة استراتيجيا لصالح مشروع الثورة المضادة
فالضلع الاول دولة الامارات وموقفها الاستراتيجي ضد الديمقراطية والدولة المدنية
والضلع الثاني مليشيا ال دقلو وهي أيضا ضد ثورة ديسمبر ٢٠١٨ بادي ذي بدء ، وضد حكومات الفترة الانتقالية ، وضد الاتفاق الاطاريء ، وضد فكرة الاحزاب السياسية، وضد دولة القانون والعدالة، وضد النظام الديمقراطي ،وان تمسحت المليشيا بأهداب شعارات الثورة وان تعلق حميدتي بأستار الكعبة ، وما اعظم الفرق بين الثورة من اجل الحرية وبين السعي الى تعديل ميثاق العبودية، وقد شاهدتم تحقق الدولة المدنية والديمقراطية عند آل دقلو في استباحة الخرطوم ببشاعة يأنف عنها ابو الانتهازية ميكافلي وهو يسدي النصح لأمراء الاستبداد ولكنه يرى ان قتل المواطنين ليس من الفضائل كما ان التغرير بالاصدقاء وفقدان قيم الدين والرحمة يمكن ان تصل بك الى القوة لا الى المجد.
أما الضلع الثالث والاضعف هو قوى الحرية والتغيير والتي تهفو الى الديمقراطية المستحيلة عبر رافعة آل زايد وآل دقلو.
(٣)
بالتالي فان انتصار مشروع الامارات وال دقلو في السودان يعني بتعبير مؤرخ الثورة الفرنسية عندما صعد نابليون للحكم بعد الثورة حيث قال(لقد انتقلنا بسرعة من العبودية الى الحرية ونحن الان نسير بسرعة اعظم من الحرية الى العبودية)
ان الهدف الاستراتيجي لتحالف حميدتي والامارات هو تمكين آل دقلو من حكم السودان وتتويج حميدتي ملكا على عرش الدولة السودانية ، وهذه طبيعة ومفهوم الدولة المدنية في جزيرة العرب منذ صفقة عام الجماعة والتي تنازل فيها المجتمع عن الشرعية الدستورية بزرائعية المحافظة على وحدة الامة وبقاء الدولة لمعاوية ابن ابي سفيان والذي أرسى أسس التعاقد مع المجتمع في اول خطبة له في المدينة المنورة وهي فقط المؤاكلة اللذيذة والمساقاة الطيبة وهامش ضئيل من الحرية الفردية لا يتجاسر على طلب الامارة الوراثية. إني والله ما وليتها بمحبة منكم ولكن جالدتكم عليها بسيفي مجالدة.
(٤)
ان استمراركم في هذا التحالف الباطني الشرير يعني انكم اصبحتم محض جماعة وظيفية لمؤامرة تشكل اكبر خطر وجودي للدولة السودانية منذ الاستقلال
وان نفض يدكم عن هذا التحالف الشرير والاعتذار للامة السودانية والعودة الى الوطن مهما كانت التداعيات الظرفية المترتبة على المستوى الشخصي ، ولكن نتائجها الاستراتيجية تعني الانتصار لوحدة السودان، وتماسك المجتمع والانتصار لشعارات الثورة والانتصار للمشروع الوطني الديمقراطي المستدام. والانتصار لدوركم السياسي الطليعي في المستقبل.
ان التحالف مع القوى الناعمة والمتمثلة في الاحزاب السياسية وكل قطاعات المجتمع هي الاعمدة الفقرية للمشروع الوطني الديمقراطي المستدام
وان التدافع والحجاج الفكري والثقافي والسياسي العناصر الملهمة لغرس ومأسسة الثورة الديمقراطية.
ان عبرة التاريخ والتجارب تؤكد ان القوى الصلبة الداعمة والمساندة في مرحلة اللحظة التاريخية الثورية، ومرحلة مطبات الانتقال الثوري، حتى بلوغ الانتخابات العامة وتسليم السلطة لخيار الشعب هو الجيش الوطني ومهما كانت عقيدته فهي قابلة للاصلاح والتغيير.
ان عبرة التاريخ والتجارب تؤكد ان التحالف السياسي مع مليشيا عشائرية اسرية مدججة بالسلاح والمال سيؤدي اما الى ملك عضوض ،ومصانعة وتبعية الحلفاء سواء كانوا جماعة سياسية او دينية، وهكذا انتهى التحالف بين بندقية آل سعود وحركة الاصلاح الديني بقيادة الشيخ محمد ابن عبد الوهاب في السعودية ، أو يؤدي الى فوضى اجتماعية مآلاتها الحرب الاهلية الشاملة وتفكك الدولة على اسس صراع الهويات القاتلة.
(٥)
لقد انجز الاباء في الحركة الوطنية مهام التحرر من الاستعمار البريطاني ولكنهم عجزوا على المثابرة الصبورة في بناء الاحزاب السياسية المؤسسة على أوتاد الديمقراطية وتواصل الاجيال وتجديد القيادات وارتضوا الاياب بالغنيمة كأفندية كبار في بلاط الاحزاب التقليدية وهذه الصفقة احدى اسباب انتكاسات المشروع الوطني الديمقراطي.
بالطبع تدركون خفة الوزن الجماهيري لأحزابكم ، وتآكل القاعدة الجماهيرية لحزب الامة القومي حتى اصبح من الاحزاب التاريخانية والتقادم سنة كونية ولكن المعالجة ليست بالتحالف مع عائلة ال زايد الملكية واسرة ال دقلو المتطلعة لإمارة التغلب المتوارثة بالعصبية القبلية ، بل المعالجة الاستراتيجية تتجلى في الآتي:_ الخيار الاول اجتذاب المجتمع والثوار والطلاب والقوى الشبابية والمجتمعية الحديثة بالاشعاع الفكري ،والبرامج الهادفة وبث الوعي الديمقراطي داخل احزابكم. وهكذا صنع الزعماء الترابي وعبد الخالق محجوب وهذا الخيار سيؤدي لبناء احزاب سياسية وفق المواصفات المعاصرة وستكون ملهمة لتطور الاحزاب الوطنية الكلاسيكية.
اما الخيار الثاني:_
العودة للاحزاب التقليدية الاصل والصبر الاستراتيجي على ممارسة النقد الذاتي، وبث الفكر والوعي الديمقراطي البناء وسط القيادات والقاعدة الجماهيرية وتجديد شرايين هذه الاحزاب المتكلسة بالانفتاح على التيارات الشبابية واستيعاب الكوادر المثقفة الموالية لها والتي تقف حائرة على الرصيف. وهذا الخيار مصدر إلهام لرتق فتق الاحزاب السياسية المتشظية.والخياران يصبان في صالح تعزيز قضايا البناء الوطني والديمقراطية المستدامة
(٦).
نصيحتي لكم انفضوا اياديكم عن هذا التحالف الباطني الشرير بعد ان كشفه الشعب السوداني الذكي، وعودوا الى السودان وحولوا شعار لا للحرب لبرنامج مصالحة وطنية شاملة لا تستثني جماعة فكرية وسياسية
عودوا وساهموا مع المجتمع وقاعدتكم الجماهيرية والثوار في هزيمة مشروع تفكيك السودان والعمل على اعادة اعماره من جديد.
والقائد الصلب تصنعه المواقف الصلبة والمواقف التاريخية الكبرى لا تتكرر
التعليقات مغلقة.