أ. د عبدالاله عبداللطيف محمد حامد المحامي شبح أيديولوجيا الأحزاب وروشتة الديمقراطية…
شبح أيديولوجيا الأحزاب وروشتة الديمقراطية…
أشرنا في المقال السابق إلى حتمية تغيير الأحزاب أيدولوجيتها لتتوافق مع المعايير اللازمة للحكم الشورى أو الراشد أو الديمقراطي….. ذلك أن هذا شرط أهليتها للمساهمة في وضع دستور يجد قدسيته واحترامه منها، سبيلها في ذلك هو أن تؤطر حياتها الحزبية ورؤيتها وفلسفتها للمشاركة السياسية على النزول لأحكامه سواء تم ذلك بميثاق أخلاقي بين الأحزاب جميعا أو التوافق معها بإحالة كل صور المخالفة وحالات التعدي على المبادئ الدستورية للمحكمة الدستورية العليا ومن ثم خضوعها جميعا لأحكامها قطعا…. فإن هذا شرط يستحيل نسخه أو القفز على مطلوبات ومقتضياته من أي حزب سياسي يرى إمكانية وجود الأحزاب السياسية الأخرى معه في دولة واحدة تكون لها ذات الحقوق التي يتمتع بها هو… وإلا فعليه سلوك طريق الجبابرة والأباطرة والساديين والفراعنة والذين تألهوا على البشر وطغوا طغيانا كبيرا وجعلوا شعوبهم شيعا واستضعفوا معارضيهم وأذلوهم وساموهم سوء العذاب ومن نماذجهم التي سودت التاريخ البشري فرعون الذي طغى على موسى عليه السلام ومنع بني إسرائيل الذين تبعوه الحق في الحياة بقتل الرجال ومنع النساء من الإنجاب ومارس فيهم صنوف الاستضعاف وأدوات الإيذاء والفساد ووصفهم بأقذع العبارات وأسوأ التعبيرات فهو يرى تكبرا وعلوا أنهم شرذمة قليلون وإنهم لهم غائظون بعدم الانقياد والطاعة العمياء. وبهذا نسخ حقهم في حرية الإعتقاد والتفكير والعبودية لخالق الوجود جملة واحدة. فهو الجبروت في أوضح صوره والكبرياء والطاغوتية في أقبح ملامحها. انظر بيان بعض صور تسلطه في قول الله تعالى ( {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدين} [سورة القصص 4] وقوله تعالى {فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَٰؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (56)} [سورة الشعراء ] ويأتي الكلام في هذا بدقة ومبسوطا عند تناول مقومات وأسس الدولة القانونية إن شاء الله تعالى…. فإن الحنين إلى ماضي الماركسية وأحلام القومية العربية والبعثية العفلقية ما ينبغي أن يكبل منظري هذه الأحزاب عن قراءة الواقع ومطلوبات العصر التي ركلت الدكتاتورية وحكم دولة الحزب الواحد…. فلم تعد تصوراتهم الحزبية القديمة المليئة بالفشل والدماء وقمع الحريات قادرة على إقناع المفكرين وقادة الرأي ولا قيادة الجماهير مما يحتم عليها اللحاق بمعايير ووصفات البقاء في الحياة السياسية الراشدة بنحو ما تبين هنا والا كانت هذه الأحزاب العقبة الكؤود والسم الزؤام الذي سيوئد أي دستور مهما كانت قدسيته……
أ. د عبدالاله عبداللطيف محمد حامد المحامي
٩/١٧/ ٢٠٢٣م
التعليقات مغلقة.