الايام نيوز
الايام نيوز

دولة القانون غلطان المرحوم بقلم د. عبد العظيم حسن المحامي

دولة القانون
غلطان المرحوم
ضمن خطابه أمام حكومة ولاية نهر النيل أعلن البرهان أن الدعم السريع هو من ارتكب مجزرة اعتصام ثوار ديسمبر أمام مباني القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة. هذا التصريح وإن لم يضف حقيقة جديدة إلا أن خطورته تكمن في التوقيت والشخص الذي صدر عنه. فالبرهان وبحكم أنه كان رئيس المجلس العسكري الانتقالي، فكيف سمح لقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو بأن يكون أو يظل نائبه ثم يتولى منصب النائب الأول لرئيس مجلس السيادة؟ السؤال الأهم، هل ما أدلى به البرهان بالأمس هو ذات ما أفاد به شهادةً أمام اللجنة التي شكلها د. عبد الله حمدوك برئاسة الأستاذ نبيل أديب للتحقيق في مجزرة فض الاعتصام؟ أم أن أقوالاً أخرى تم الإدلاء بها في ذلك التوقيت؟ وإذا كان هناك إخفاء لبعض الحقائق، فلماذا؟
الحروب أو بالأحرى الدماء الذكية والأرواح الطاهرة التي تصعد لربها لن تضيع، وستظل ترفرف حتى صناعة واقع جديد حتى وإن لم يكن أفضل إلا أنه أصدق، لقوله تعالى: عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون. فكما أشرت من قبل، إن الدرس المستفاد من بروز هذه المعلومة ليس في جدتها وإنما في ضرورة أن يعي عبد الفتاح البرهان وزملائه ممن تبقى من أعضاء المجلس العسكري الانتقالي أن مجزرة اعتصام القيادة العامة كانت وستظل من العلامات الفارقة التي ما كان ليسيل من بعدها دم أو تزهق روح لو تمت الاستجابة لرغبة الثوار في سلطة مدنية انتقالية تقودها كفاءات وطنية غير منتمية حزبياً وتحرسها قوات المسلحة السودانية مضطلعة بواجبها، فتحمي الانتقال وتعبر به لانتخابات حرة ونزيهة.
صحيح أن من انبروا قيادة للثورة لم يكونوا بقامتها وإنما كانوا مجموعة محدودة من الطامحين والطامعين لأنفسهم في مكاسب شخصية وحزبية. مع ذلك فإن هذا الصراع لا يعد عذراً يبيح أن تكون السلطة المعركة التي يدفع ثمنها شعب بأكمله. مهما يكن من أمر، إن الشرفاء من القوات المسلحة السودانية ومن خلفهم من جماهير الشعب السوداني هم من كانوا وما زالوا يدفعون ثمن الصراعات بين قيادات القوات النظامية مع شركائهم من القيادات السياسية. هذا الواقع بصراعاته وانقساماته سيظل ما لم تكن هذه الحرب هي الدرس المستفاد من مغامرات من يتحكمون بشأننا بغير علم ولا هدى ولا سلطان مبين. عندما تضع هذه الحرب أوزارها فإن هذا الواقع، لا محالة، سيتغير وسيذهب بلا عودة طالما توحدت إرادتنا الوطنية نحو التغيير.
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
1 أكتوبر 2023

التعليقات مغلقة.