الايام نيوز
الايام نيوز

دولة القانون الإشاعات بقلم د. عبد العظيم حسن المحامي

دولة القانون
الإشاعات
الحرب أعظم ابتلاء يمكن أن تتعرض له الأمم والشعوب. فالكلام لا يشعل الحرب وحسب وإنما يغذيها فيزداد وطيسها لتمتد بالسنين والعقود حتى يأتي زمان لا يذكر فيه الناس لماذا يتقاتلون. عندئذ لربما تتوقف الحرب هذا ما لم يختلف جلادوها، فتعود لتستعر من جديد. الحرب هي البيئة النموذجية لتجار الأزمات والانتهازيين فيستغلوا حالة العجز والخوف. كل الشرور والوساوس والفتن ما ظهر منها وما بطن تتواتر في الحروب، فتصبح الحقيقة كذباً والكذب أقرب للتصديق.
صحيح أن الحرب بحد ذاتها خدعة، غير أن هذه الخدعة وإن كانت جائزة للمحارب إلا أن هذا الجواز المحدود لا يبيح له أو لغيره أن يستغل البسطاء بأن يجعل من الإشاعة سبباً لتحقيق المغانم الشخصية. لتلافي الآثار القاتلة للإشاعات بالذات في زمن الحروب فإن هناك عدة قواعد يجب وضعها بالاعتبار: القاعدة الأولى: أن آفة الأخبار رواتها (مصادرها)، لذا فعلى الجميع التروي والتحقق من المصدر بقدر الإمكان. القاعدة الثانية: محاولة تمحيص الخبر بالمقارنة مع حسن أو سوء نية مصدره ومصلحته من الخبر. القاعدة الثالثة: رصد مصدر الخبر وإثبات الحالة كلما كان ذلك ممكناً. فقانوناً، ولو بعد حين، يجوز للمضرور إقامة الدعوى الجنائية والمطالبة بالتعويض ضد من يطلقون الشائعات بحسبان ذلك السلوك مما يرقى لجريمة الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية أو الكذب الضار على أقل تقدير. القاعدة الرابعة: عدم المجاملة والتشديد بعدم قبول أي سلوك يشجع على استغلال الشائعات، وعلى وجه التحديد من الفاعلين في العمل السياسي أو الاجتماعي أو الطوعي. القاعدة الخامسة: لا يجوز للعاملين في الحقل العدلي أو الإعلامي الاعتماد على وسائط التواصل الاجتماعي أو أحد أطراف الحرب كمصدر للخبر أو إداة للتوثيق أو الرصد. قواعد القانون تستلزم بجانب التجرد أن تكون الأخبار، بقدر الإمكان، متفقة ومبادئ الإثبات المقررة من حيث شروط القبول والرفض والحجية وإلا فلا قيمة لها.
عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
17 ديسمبر 2023

التعليقات مغلقة.