الايام نيوز
الايام نيوز

دكتور عبدالعاطي المناعي يكتب…. “في حب السودان”

دكتور عبدالعاطي المناعي يكتب…. “في حب السودان”
من المؤكد ان كل من ذهب السودان لا يغادرها إلا وقد خلقت له روح تعشق هذا البلد وإينما ذهبت أو توجهت بعيدا عنها تصبح السودان هي قبلة اشتياقك وذكرياتك التي تتوق إليها والي زيارتها كلما سنحت لك الفرصة
فالسودانييون بكرمهم الاصيل وطيبتهم لا يتركون تواصلهم معك مهما مرت الايام والسنين يسالون عنك ويهنئونك بالاعياد ولا يتركون صاحبهم مهما مرت الايام
كنت وانا طفل صغير استمع الي اعمامى الذين ذهبوا للعمل في الماضي الي السودان عن الاصالة والكرم والطيبة والايثار وحميمية العلاقات بينهم وتكاتف ابنائهم في الغربة بشكل نادر
حتى زاملنى في دراستى الثانوية احد طلبة السودانيين والحق انى وجدت فيه رغم سننا الصغير حينها كل ما سمعته عن اهل السودان حتى انى دعوته الي زيارة بلدتى ابومناع بمحافظة قنا في الصعيد فلبي الدعوة وتشرفت باستضافته وكنا حينها ندرس الثانوى في اسوان
وحين كنت اعمل بالامارات بمؤسسة لوتاه العريقة في2009 كلفت بعمل في السودان فسعدت بذلك جدا ووجدتهم كما كان يتحدث عنهم اعمامى
زاملت وصادقت افرادا وعائلات كامله وما وجدت منهم والي الان الا كل الخير
من كل شئ يظل عالقاً في ذهنك وقلبك ناسها بكل تلك الطيبة والنقاء ، نيلها،( جبنتها )قهوتها وكل تلك التفاصيل الصغيرة التي كانت تشعرنى بالإرتواء منها ويملؤك الأمان وتحب فيها الناس والعيش مع الناس
سلو من غادرها بعد ان زارها وانطباعه عن زيارتها واهلها فلن تسمع الا الثناء علي السودان وبساطة اهلها بغض النظر عن موطنه عربيا او اوروبيا او اسيويا فذكرياته في ارض النيلين ستعجب لها ومنها
إن حدثتك عن طبيعتها الخلابة ونيلها وجوها وتراثها الذي اعشقه والبساطه في كل شئ واهلها اصحاب القلوب البيضاء فلن يكون مبرراً لهذا القدر من الحب الذي اكنه لهذا البلد العظيم
لكن ثمة شئ يصعب وصفه كلما سالنى اهلي او اصدقائي عن سر هذا الحب الذي زرع فيا وذاك الانتماء الذي احياه لهذا البلد واهله اكثر من غيرهم حتى ان احد اصدقائي وهو سودانى فسر ذلك بأن صرار( من الصرة ) الدكتور المناعى مدفون في السودان – والحق انهم يستحقون تقديري ومحبتى واكثر من ذلك
في مرة دعانى زميل سودانى لتناول الافطار بمنزلهم في رمضان ولبيت الدعوة سعيدا بها وتعرفت خلال هذه الليله علي والده رحمه الله وفي حوارنا تطرقنا للطب وتخصصي وكان يحدثنى عن معاناته حين ذهب لمصر للعلاج وعاد غير سعيد بما رأي وعدت للفندق ابحث عن حل للقضية التى تجاذبنا الحديث حولها ولم انم ليلتها الا بعد ان وضعت خطوط عريضة لمشروع بدأته من ليلتها وهو السياحة الصحية والذي تعمقت فيه خلال هذه السنوات بفضل هذا العم السودانى رحمة الله عليه فكان سببا حقيقيا في توجهى لهذا التخصص وما ابليت فيه
رايت بعينى احتكاك سيارة احدهم بالاخر او الركشه بسيارة فتجد تمتمات بسيطة تصدر من احدهما لا ترقي الي الشجار وتسمع الطرفين (الحمدلله – عديله) واحيانا ينصرفان بلانقاش
لا يوجد علي ظهر الارض تكاتف اجتماعى مثل السودانيين فتراه الشخص الوحيد اذا سافر الي دوله عربية او اوروبية لا ينزعج بسبب كيفية اقامته في الفترة الاولي لانه اذا كان فقط يعرف احدا سودانيا وليس من الضرورى ان يكون من اقربائه فسوف يستضيفه بلا ملل حتى يرتب اموره
ورغم تعدد و اختلاف توجهاتهم او حتى اختلافاتهم السياسية إلا أن تلك القيم وهذا الترابط والحميمية فيما بينهم لم تتأثر كما حدث في بلاد اخري
واذا مرض احدهم مثلا واستدعى الامر سفره للعلاج في الخارج فتجد الاسرة والاصدقاء يجمعون من اموالهم ما يساعد في نفقاته ( الحوجه ) واذا بدأ الشاب في استعدادات الزواج فتجد اصدقائه واقرانه ( الفرده ) يتعاونون معا علي جمع اموال تعينه في نفقات الزواج المكلفه جدا بسبب ان العريس يتولي تجهيز بيت الزوجية 100% له ولعروسته
السودانى كريم مع اهله واقربائه وضيوفه بنفس القدر يتقاسم معك الخبز والملح
ويذبح لك الذبيحة مسرورا بقدومك وقد لا يكون موسرا لكن اصالته تدفعه الي ذلك اكراما لك
من اشكال الكرم التى حدثت معى حين انزل ضيفا يذبحون ذبيحه او اثنتين او اكثر امامك ويطلبون منك المرور عليها اكراما لك وابتهاجا بقدومك .وحين تصادف زيارتك رمضان فتجدهم يضيفونك مرات خلال الشهر الكريم – لايباري السودانيين في الكرم الا السودانيين ومن مقولاتى ابحثوا عن اصل حاتم الطائي ستجدونه سودانيا
كلامى عن السودان يحتاج اياما واياما لاعدد ذكرياتى وافضال شخصيات عليا شخصيا فارقتنا اجسادهم ولا تزال ذكراهم العطرة علي لسانى واناس بيننا الان لا يزالون يكرموننى بكرم لم اجد شبيهه وليس الكرم المأكل والمشرب لكن أمور ومواقف اكبر من ذلك بكثير
ومما المنى ولا زال ما يحدث هنا الان وانا اكتب خاطرتى من بورتسودان الشقاق والاختلاف بين الاشقاء والفتن التى حدثت خلال الاشهر الثمانية الماضية اسال الله رب العرش العظيم ان يحقن الدماء وان يعم السلام ارض السودان الشقيق وان يبدل حالهم الي احسن حال يستحقه هذا الشعب الكريم الاصيل الطيب

التعليقات مغلقة.