دولة القانون اتفاق حميدتي – حمدوك [1] بقلم د. عبد العظيم حسن المحامي
دولة القانون
اتفاق حميدتي – حمدوك [1]
المجلس المركزي للحرية والتغيير كان جزءاً من السلطة التي تولت مسؤولية إدارة الفترة الانتقالية بجانب المكون العسكري والذي بدوره تألف من القوات المسلحة وقوات الدعم السريع. الأخيرة أي قوات الدعم السريع وبرغم التعديلات التي طرأت على قانونها ظلت ويفترض أن تظل تأتمر بما يصدر عن القائد العام للقوات المسلحة. في مرحلة لاحقة من مراحل الانتقال قبلت حكومة الحرية والتغيير برئاسة د. عبد الله حمدوك توقيع اتفاقية سلام جوبا ومنح الحركات المسلحة مكتسبات مقررة بموجب الاتفاقية المذكورة مع تضمنين تلك الحقوق والمكاسب في الوثيقة الدستورية. بسبب الخلافات والصراعات بين شركاء الوثيقة الدستورية اندلعت حرب الخامس عشر من أبريل من العام المنصرم. المعلوم أن المجلس المركزي للحرية والتغيير وبعد الخلافات التي ضربت مكوناته الخمس لم يعد ممثلاً للمكون المدني الذي وقع الوثيقة الدستورية ومستحقاً لمكتسباتها لا شكلاً ولا موضوعاً.
مهما يكن من أمر، فإن المجلس المركزي للحرية والتغيير، وبعدما استقبل من أمره ما استدبر، قرر أن ينشئ تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) مسنداً رئاستها للدكتور عبد الله حمدوك. الأخير هو ذات الشخصية التي ترأست وزارتي الحكومتين اللتين اختارهما المجلس المركزي للحرية والتغيير. في تطور لاحق، ما تبقى من مسمى الحرية والتغيير، وبعد تعديل الوثيقة الدستورية سمح للحزبيين أن يتولوا مناصب تنفيذية في حكومة الانتقال والتي أقر حميدتي أنه شارك البرهان في الانقلاب عليها بعلم وموافقة رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك. بحكم أن رئيس الوزراء كان بنظر المجلس المركزي للحرية والتغيير قد ابرم اتفاقاً مع قائدي الانقلاب دون أن يرجع لحاضنته السياسية، فلم يجد حمدوك من بد غير أن يتقدم باستقالته للشعب السوداني طائعاً مختاراً.
لا شك أن إنهاء هذه الحرب فرض عين وواجب وطني يسري على تقدم وأي قوى سياسية أخرى. للاضطلاع بهذا الواجب المقدس فإن الشخص العادي لا يتوقع بأن تقدم أو أي طرف ثالث سيهملوا كل الحقائق التاريخية المذكورة. فتقدم ومن خلال وفدها الكبير الذي قابل حميدتي مقابلة الفاتحين، كان عليها أن تعلن مطالبها لإجراءات وقف الحرب والتي على رأسها الخروج من بيوت المواطنين وتهجيرهم وتشريدهم. للوقائع المذكورة تقدم لا يجوز لها أن تكون وسيطاً وبذات الوقت تستعجل توقيع اتفاق سياسي مع أحد المتقاتلين قبل أن تلتقي الطرف الآخر. بقراءة الحيثيات والتصريحات التي تزامنت مع توقيع الاتفاق، الذي سنستعرض بنوده في مقالات لاحقة، فإن تقدم خالفت أدبيات الوساطة التي تستلزم بألا يكون للوسيط امتيازات ومغانم شخصية مقابل الواجب الوطني. أصدق توصيف لاتفاق حميدتي- حمدوك أنه استعجال وإعادة لمشاهد وارهاصات ومضامين الاتفاق الإطاري الذي أفرز الحرب مع الكشف المبكر لمنهجية لا تتناسب ومطلوبات حسن النوايا لوقف حرب متعددة الأطراف، ونواصل.
عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
3 ديسمبر. 2024
التعليقات مغلقة.