الايام نيوز
الايام نيوز

دور القوى السياسية(٣) بقلم د. عبد العظيم حسن المحامي

دولة القانون
دور القوى السياسية [3]
عندما تندلع الحرب فإنها لا تتوقف بالأماني وإنما بخطط وبرامج موضوعية ووساطة عقلاء أو حكماء لا ينتمون لحزب أو تحالف أحزاب. تتأكد هذه الرؤية ليس بسبب الطعن في حزب دون البقية وإنما لطبيعة أن الانتقال تحرسه ولا تحكمه الحزبية الضيقة. إسناد القيادة لحزب أو تحالف دوناً عن البقية يؤجج الصراعات ويفتك بالانتقال لكون الأحزاب الأخرى، بطبيعتها، لا تقبل بغير صندوق الانتخابات حاكماً. إغفال هذه القاعدة الأساسية هو السبب في انتشار جرثومة عدم الثقة بين القوى السياسية. ممارسة الديمقراطية في السودان، كشفت أن ما من دستور دائم أو حتى مؤقت إلا وخرقته أو أجهضته القوى المدنية قبل العسكرية. هذا السلوك أغرى كثيرين بالمؤسسة العسكرية إبداء الجاهزية للانقلابات أكثر من الالتزام بالمهنية. خير شاهد، وفي أقل من سنتين من عمر أول تجربة ديمقراطية، حرّض رئيس الحكومة المدنية المؤسسة العسكرية لتستلم السلطة. تنظيم الضباط الأحرار أفشل الديمقراطية الثانية بالكشف عن نموذج صارخ لقبول تنظيمات سياسية زراعة قواعدها بالمؤسسة العسكرية. أحزاب عريقة، وبدلاً عن رفضها للسلوك خرجت مؤيدة انقلاب مايو ثم هاشم العطا بداعي الحركة التصحيحية. تلك القوى العريضة، وقتذاك، كان عليها ليس مجرد الرفض وإنما إعلان البراءة عن أي عضو يجمع بين البزة العسكرية والنشاط السياسي. على ذات النمط جربت الحركة الإسلامية حظها مستفيدة من أخطاء سلفها الطالح محكمةً قبضتها على عنق المواطن والمنافسين لثلاثين عاماً.
ضلالات التجربة السودانية لم تتوقف عند حد الانقلابات العسكرية الصريخة وإنما مضت لتنتج نماذج عديدة من حرص ومباركة المدنيين للانقلاب على الشرعية. فكما قطع المجلس العسكري الانتقالي الانترنت كجزء من تدابير مجزرة الاعتصام قطعت حكومة الثورة الخدمة بحجة امتحان الشهادة السودانية. وكما شهدت الساحة السياسية الاستيلاء على السلطة بانقلابات عسكرية خرقت قوى مدنية الدستور بالعة وعودها لتستولي على السلطة أو تنفرد بها. أوضح مثال على عدم شرعية الانقلابات المدنية خطوة المجلس المركزي للحرية والتغيير في تعديل الوثيقة الدستورية مع كونها تشترط أن يكون هذا الحق حصراً للمجلس التشريعي الانتقالي. يجدر بالذكر، أن اللجنة القانونية للحرية والتغيير ورغماً عن أنها أفتت بعدم جواز التعديل إلا أن سعادة وزير العدل، وبعزف منفرد، رفض توصية اللجنة ليرضي المسؤول عن ملف السلام، ونواصل.
عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
13 مايو 2024

التعليقات مغلقة.