دور القوى السياسية(٥) بقلم د. عبد العظيم حسن المحامي
دولة القانون
دور القوى السياسية [5]
التاريخ ليس مجرد حكايات قبل النوم، وإنما ذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. أي أن العمل السياسي يرتكز على البناء الراسخ والفعل التراكمي والخطط المتوسطة والبعيدة المدى. ففي صلح الحديبية، مثلاً، وقّع الرسول صلى الله عليه وسلم صلحاً ظاهره مجحف عليه وعلى جنوده الذين كانوا الأكثر جاهزية عسكرياً ومادياً وبشرياً. ولكون الرؤية السياسية كانت ثاقبة، رجّح الرسول صلى الله عليه وسلم النزول للصلح ليعود بعد عام لذات البقعة دون إراقة لقطرة دم.
بالأمس القريب اجتمعت قوى سياسية في القاهرة مستبقة تحالف آخر اجتمع في أديس أبابا. فريق ثالث من مكونات القوى السياسية كان وما زال يستمسك بموقف الجمود المفرط لا إلى هولاء ولا إلى أولئك. منذ حوالي تسعة أشهر كانت قوى سياسية أخرى طرحت ما يجب أن يتوافق عليه المتشاكسون إلا أننا دوماً لا نأتي إلا متأخرين. مهما يكن من أمر، سبق لكل تلك القوى السياسية سواء أن قبل الثورة أو بعدها أن تحالفت وعملت تحت قبة برلمان الكيزان أو مع كبيرهم حسن الترابي عقب خلافه المشهور مع البشير أو تحت إعلان الحرية والتغيير. بالطبع هذا كله ليس بغريب بحسبان العمل السياسي يقتضي التفرقة بين المبادئ والمواقف. فالرسول صلى الله عليه وسلم في هجرته من مكة إلى المدينة استعان بعبد الله بن أريقط وهو من ذات ملة القوم الذين هجروه وأخرجوه.
حرب السودان لن تتوقف ما لم تجلس غالبية القوى السياسية السودانية بلا شرط أو قيد لتتوافق على برنامج إيقاف الحرب والانتقال. طبيعي أن تمتنع بعض القوى عن الجلوس على مائدة الحوار غير أن هذا الرفض يجب ألا يجعل الأغلبية تتراجع عن قدرها المحتوم. ما يحب التذكير به أن التنازلات الظاهرية في العمل السياسي ليست بالضرورة علامة ضعف أو انكسار بقدرما دلالة ذكاء وعمق في التجربة السياسية، ونواصل.
عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
2 يونيو 2024
التعليقات مغلقة.