دولة القانون. الانتظار الساذج
الخرطوم:الايام نيوز
تتعامل كثير من الشعوب مع السودانيين كشعب طيب ومغلوب على أمره. هذه الطيبة، وفي كثير من الأحيان، تصل حد السذاجة لدرجة أن بعض الجيران يتعاملون معنا كأغبياء فيستغلوننا مستبيحين أموالنا ودمائنا. الطيبة سلوك قديم، ويبدو أن جذوره جينية ومشاربه دينية غذاها واستفاد منها المستعمر مستثمراً. المؤسف أن ذات النهج الاستعماري لم يغب بل ازداد، فكان أن انقسم المجتمع السوداني ثقافياً واجتماعياً وسياسياً تحت سجادة الإمامين عبد الرحمن المهدي وعلي الميرغني. سطوة هذين الإمامين امتدت لتشمل حتى المؤسسة العسكرية. فالأخيرة وبدلاً عن أن تضطلع بدورها الطبيعي إلا انها أخذت التسلط منهجاً فكان أن انتهى بها الأمر حزباً سياسياً متوجهاً يساراً تارة ويميناً تارات أخرى. المؤسف أن حتى المؤسسة العسكرية تبنت الطاعة العمياء طريقةً فكانت العقيدة بأن الولاء للقائد وليس الوطن.
ممارستنا السياسية سواءً ارتبطت بالقوى التقليدية أو المؤسسة العسكرية لم تخرج من عباءة السذاجة مفضلة الارتماء في حضن الأجنبي أكثر من أهل البيت، فكان خيرنا لغيرنا. احتقار المواطن على حساب الأجنبي وتمكين الموالي الجاهل على حساب العالم هجّر العقول والكفاءات الوطنية متجهة لدول الخليج في بادىء الأمر ثم أمريكا وأوروبا حديثاً. عدد السودانيين بدول المهجر تجاوز العشرة مليون سوداني وسودانية معظمهم من الشباب. لا أكون مبالغاً أن قلت أن أكثر من تسعين بالمائة ممن تبقى من شباب السودان فاقدين للأمل في القيادات السياسية سواء المدنية أو العسكرية.
الوطن الذي يتهاوى، ورغما عن أن حل أزمته السياسية في تغيير كل الطاقم المتشاكس إلا أنهم لم ولن يفعلوا وذلك لأن أصحاب المصلحة كانوا وما زالوا في خانة المنتظر على الرغم من أنه على قناعة بأن من يديرون المشهد ليسوا بعاجزين وحسب، وإنما في غيهم يتحاصصون على السلطة. مهما زادت الأوضاع سوءاً فالواقع لن يتغير مالم يتم استبدال المتشاكسين بطاقم قادر وراغب في سودان يخرج الأمة من حالة الانتظار الساذج.
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
17 فبراير 2023
التعليقات مغلقة.