للحديث بقية عبد الخالق بادى هل هذه مصر أخت بلادى؟
للحديث بقية
عبد الخالق بادى
هل هذه مصر أخت بلادى؟
آثار قرار الحكومة المصرية بعدم السماح للسودانيين لاجتياز الحدود إلا بتأشيرة، ردود أفعال متباينة بالسودان، خصوصا وسط العالقين بالمعابر الحدودية بين الدولتين والذين قدرت عددهم بخمسة عشر ألف عالق، كما رصدت أيضاً بمصر تفاعلات مابين مؤيد ومعارض.
العالقون بالمعابر عبروا عن استغرابهم لسلوك السلطات المصرية بقفل الحدود أمامهم وعدم السماح للكثيرين منهم من الدخول ،وإعادة المئات من الجوازات لاصحابها ،والذين تقطعت بهم السبل بعد أن نفدت مدخراتهم بسبب طول بقائهم بحلفا وارقين،فاصبح الآلاف منهم لا يملكون حق العودة ،وهناك من لايملك حتى مصاريف الأكل والشرب ناهيك عن السكن والعلاج .
ومأساة السودانيين العالقين تزيدها ظاهرة الإستغلال من بعض الانتهازيين ألما وحرقة،والتى وللأسف برزت بصورة قبيحة جدا مع تداعيات الحرب من بعض الانتهازيين بحلفا وغيرها، فلا يعقل أن يصل الاستغلال لدرجة أن ايجار سرير (هو في الحقيقة عنقريب) لليلة واحدة ألفين جنيه، أليس فى قلوب هؤلاء رحمة؟، ثم ألم يرون كيف استقبل السودانيين فى مناطق السودان المختلفة ،وكيف فتحوا لهم قلوبهم قبل بيوتهم لإيوائهم وإعاشتهم.
ما أستغرب له هو ردة فعل بعض المصريين تجاه لجوء السودانيين لبلدهم،فبعضهم أيد قرار السلطات بقفل الحدود ،وشرعوا فى إيجاد مبررات لذلك،حيث أشاروا إلى أن الوضع الاقتصادى بمصر هش لا يحتمل دخول المزيد من السودانيين.
ياله من مبرر غريب، فالكل يعلم أن الوضع الاقتصادى بمصر متراجع منذ أيام الرئيس الراحل حسنى مبارك(رحمه الله) ،وفى ظل هذا التراجع استقبلت مصر ملايين السوريين واليمنيين والليبيين،فلماذا لم يقولوا هذا الكلام حينها؟.
إنه لكلام خطير أن يكون هذا رأى المواطن المصرى العادى تجاه من ظلوا وعلى مر الزمان يصفونهم ب(الاشقاء وأبناء النيل)، إلا أن أزمة الحرب أثبتت أنها مجرد عبارات استهلاكية ليست من القلب، والأخطر ماجاء على لسان د أمانى الطويل فى قناة (bbc)،والتى قالت أن السلطات المصرية أصدرت توجيهات للشرطة والأجهزة الأمنية بالاستعداد بل والعمل على فض أى اشتباك يمكنةأن يحدث بين مواطنين مصريين وسودانيين لجأوا إلى مصر،سبحان الله ،لهذه الدرجة بات السودانيين عبئا على المصريين.
ما يدعو للتعجب والاضحاك،هو أنه ومع تشدد الحكومة المصرية فى منح التأشيرة وقفلت الحدود أمام السودانيين،فقد أبقت حدودها مفتوحة على مصراعيها للحوم السودانية،سبحان الله يمنعون أهل البلد التى تسد رمقهم وتؤمنهم من جوع من دخول بلدهم ،هل رأيتم انتهازية أسوأ من هذه.
الحرب كشفت عن من هو الشقيق والصاحب عند الضيق،وهذا ما شهدناه من دول إثيوبيا وتشاد وجنوب السودان،والتى فتحت حدودها للسودانيين الذين لجأوا إليها دون قيد أو شرط ،فهكذا تكون الأخوة الحقيقية،بالفعل لا بالكلام المعسول والضحك على العقول.
ومصر التى ضاق صدرها بالسودانيين الآن،كان السودان يوما ما وفى ستينيات وسبعينيات القرن الماضى جنة للكثير من رعاياها الذين كانوا مغتربين ببلدنا وفى مجالات مختلفة،فكانوا محل حفاوة وتقدير،والكثير منهم كانوا تحت ضيافة أسر طيلة مدة اغترابهم، والآن وعندما لجأ عدد يسير من السودانيين لمصر تم صد أغلبهم دون مراعاة لأى اعتبارات، والكثير يتساءل(وأنا منهم) هل هذه مصر التى ظل الفنان الراحل عبد الكريم الكابلى (رحمه الله) يردد فى أغنيته الشهيرة (آسيا وأفريقيا):
مصر يا أخت بلادى…ياشقيقة،
لا أعتقد ذلك ، و…و .. وللحديث بقية إن شاء الله .
التعليقات مغلقة.