د. عبد العظيم حسن يكتب دولة القانون مناهج الإصلاح [1]
دولة القانون
مناهج الإصلاح [1]
الإصلاح لا ينحصر في مجرد علاج الفساد، وإنما تظل عمليات الإصلاح مطلوبة وبشكل دائم لأن أي تجربة إنسانية، مهما نجحت، فلن تصمد أو تبلغ الكمال. وكمدخل لمفهوم الإصلاح ومناهجه لابد من التأسيس لما نرمي إليه بالرجوع لعدة مبادئ لا خلاف عليها، وهي: المبدأ الأول: كافة العلوم، سواء التقنية التجريبية أو الإنسانية، قبول نتائجها يعتمد في الأساس والمنتهى على الحجج النقدية باكتشاف الأخطاء والتعلم منها. ترتب على هذا المبدأ أن الحقائق المجردة والتي لا خلاف عليها كصدق الأرقام والأصل قبول العموم وأن الشاذ لا حكم له. بعبارة أخرى، الموضوعات التي استقرت لم تعد بحاجة لإعادة الاختبار والإثبات. المبدأ الثاني: قبول أو رفض نتائج البحوث تعتمد معيار الشخص المعقول، وهو من لا يفوته الانتباه للمسائل العادية ولا ذلك الخارق من البشر. المبدأ الثالث: جميع العلوم تسعى لتحقيق أعلى المكاسب ودفع المفاسد بقدر الإمكان. يترتب على ذلك أن المكاسب وإن لم تتحقق كلها فتحصيل بعضها أولى من الترك. ولأن الخسائر مرفوضة، فالضرر الأكبر يجب أن يُدفع حتى وان كان بقبول خسارة بشرط أن تكون أصغر. هذه المبادئ ليست مجرد ترف ذهني وإنما هي قواعد واجبة التطبيق على كل حادثة معروضة بحيث تجري الموازنة بحساب دقيق للمصالح وما سيتكشف من المضار. هذه النظربات التي أشرنا إليها ظلت خالدة وفي زيادة مطردة لاستلهامها رغماً عن تجدد ظروف وأحوال الأمم والشعوب. بشكل مطلق ذات المرجعيات معمول بها في جميع الشرائع والقوانين سواء المكتوبة منها أو المستندة على سوابق وأحكام القضاء. من باب التأكيد على ما ذكرنا نشير في هذا الصدد إلى أن أول تقنين حديث لهذه القواعد كان بواسطة المشرع الفرنسي والذي تبنت أحكامه كل الدول العربية التي أخذت بنظام التشريعات المكتوبة والتي من ضمنها السودان عندما طبق القانون المدني سنة 1971 ومرة أخرى بموجب قانون المعاملات المدنية لسنة 1984. يجدر بالذكر أن السودان كان في الماضي يطبق القاعدة المعمول بها في القانون العام الإنجليزي والذي كان قد استمدها كسابقه الفرنسي من القاعدة الشرعية “الضرورات تبيح المحظورات”. ونواصل.
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
7 يوليو 2023
التعليقات مغلقة.