الايام نيوز
الايام نيوز

رئيس المفوضية القومية لحقوق الإنسان السابق رفعت الأمين لـ”الانتباهة”

رئيس المفوضية القومية لحقوق الإنسان السابق رفعت الأمين لـ”الانتباهة”

لدينا تحفظات لحكم الإعدام ونتطلع لتعديل القوانين

هناك خلل في جسيم المنظومة الحقوقية ونواجه عوائق سببها جهة حكومية

الوضع السياسي يجعلنا في مرمى نيران فرقاء السياسة ونحن لم نتورط في الصراع السياسي

لا يمكن أن تتم صياغة قانون لمؤسسة وطنية معنية بحقوق الإنسان خارج البرلمان

نشيد بالحركة النسوية السودانية التي ظلت واعية بدورها

الإفلات من العقاب يحبط الضحايا ويعزز تكرار الانتهاكات ونتأسف على ذلك

حوار_خديجة الرحيمة
كشف رئيس المفوضية القومية لحقوق الإنسان بالسودان رفعت ميرغني الأمين عن وجود تحفظات عريضة على استمرار الحكم بالإعدام بحسب تعبيره وقال الأمين في مقابلة مع “الإنتباهة” نحن نتطلع إلى ان تُعدّل القوانين بالصورة التي تجعلها متوافقة مع التزاماتنا في مجال حقوق الإنسان
وفي الاثناء جزم بوجود خلل في المنظومة الحقوقية وأضاف نحن دائماً نعاني من إشكالية سوء فهم تجاه أدوارنا وفي كثير من الأحيان نواجه بعوائق سببها جهة حكومية
وتابع نواجه مشاكل متعددة في مجال حقوق الإنسان لا ينبغي انكارها ونتأسف كثيراً لاستمرار إشكالية الإفلات من العقاب والإفلات من العقاب يحبط الضحايا ويعزز تكرار الانتهاكات
“الإنتباهة” جلست مع رئيس مفوضية حقوق الإنسان رفعت الأمين وطرحت عليه عدد من الأسئلة التي أجاب عليها بكل شفافية فإلى مضابط الحوار:

البعض ينتقد عمل للمفوضية القومية لحقوق الإنسان ما هو تعليقكم ؟
هذا أمر أراه طبيعي، المفوضية القومية لحقوق الإنسان تُسمى وفقاً للنظام العالمي مؤسسة وطنية معنية بحقوق الإنسان، وهي مؤسسات يُفترض فيها الاستقلال، وعندما نتكلم عن كلمة الإستقلال فهذا يعني أن عملنا ليس بالضرورة مرضياً لكل الناس، وليس بالضرورة متوافقاً مع بعض الناس، نحن عملنا هو رصد حالة حقوق الإنسان، رصد التقدم الذي أحرز ورصد الانتهاكات والتحديات، نتواصل بشكل مستمر مع الجهات المسؤولة عن معالجة الانتهاكات وعن حماية حقوق الإنسان في الدولة، ونصدر مواقف علنية في كثير من الأحيان، هذه المواقف قد لا ترضي البعض، ولكننا راضون لكونها تتوافق مع معايير حقوق الإنسان ومع معايير عمل المؤسسات الوطنية، ليس دورنا هو إرضاء شخص في جميع الأحوال.

*هناك انتهاكات ترتكب في حق المتظاهرين ما هو دور المفوضية تجاه ذلك؟
نعم .. نرصد ذلك، ونتواصل بشكل دائم مع الجهات المسؤولة، نقول دائماً بأن التظاهر حق وأن حرية التعبير حق، ليس حقاً بموجب المعاهدات الدولية والإقليمية فحسب، بل هي حقوق بموجب الوثيقة الدستورية التي ما تزال سارية، وعندما أتحدث عن كونها حق فهذا يُرتِب على الدولة التزام بحماية هذا الحق من أي نوع من أنواع الانتهاكات، مهما كان مصدره، حتى الطرف الثالث الذي يتحدث عنه البعض مسؤول إيقافه وردعه ” إن وجد فعلاً” تقع على عاتق السلطات، بمعنى ان السلطة مسؤولة عن حمايتنا جميعاً من أي شكل من أشكال العنف أو الانتهاكات.
نحن نرصد ونتابع بشكل مستمر ونطالب السلطات دائماً بأن تكفل وتحمي الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير، وبأن تحقق في جميع حالات العنف والانتهاكات التي ترتكب ضد الشباب والشابات وأن تُقدم كل من يشتبه بالتورط في هذه الانتهاكات للمحاكمات العادلة، نؤكد دائماً على ان الإفلات من العقاب يُعزز إمكانية تكرار الانتهاكات، نحن نتطلع إلى أن تأخذ الدولة موقفاً من أي شخص يرتكب انتهاك، بمعنى أن الدولة مطلوب منها ان تؤكد دائماً أن هذه الانتهاكات سلوكيات أفراد وليست سياستها، وهذا يتأتى بأن نقدم كل من يرتكب انتهاك للمحاكمة العادلة، ونتركه يتحمل مسؤوليته في الدفاع عن نفسه أمام القضاء، لا يجب أن تتستر الدولة على مرتكبي الانتهاكات.

*المئات من مصابي الثورة أصيبوا بأمراض نفسية جراء فقدناهم جزء من أعضائهم أين أنتم من ذلك؟
نحن نتحدث بشكل عام عن حق جميع ضحايا الانتهاكات في جبر الضرر وفي اللجوء لآليات الانصاف الوطنية، وهذا يعني أننا نؤكد على حقهم في التعويض المنصف وحقهم في التقاضي من أجل الانصاف عما تعرضوا له، نحن رحبنا ونرحب بجميع المبادرات الحكومية لمعالجة ضحايا ثورة ديسمبر المجيدة داخل الوطن وخارجه، ونتطلع إلى أن يستمر ذلك، بل نؤكد على أهمية أن يشمل هذا العلاج الحالات التي لم تتعرض لأذى جسدي، بل يجب أن يمتد للذين تعرضوا لمشكلات صحية نفسية.

*ذكرتكم من قبل أن عدد المحكومين بالإعدام تجاوز ال٦ الف سجين ماذا فعلتم في هذا الشأن وكيف أوضاع البقية داخل السجون؟
كما تابعتي من قبل فإن إدارة السجون شككت في هذا الرقم، ونحن بدورنا لا نستطيع أن نؤكده بدقة، ولكن بشكل عام لدينا تحفظات عريضة على استمرار الحكم بالإعدام في القضايا غير المتعلقة بالقصاص، نحن نتطلع إلى تُعدّل القوانين بالصورة التي تجعلها متوافقة مع التزاماتنا في مجال حقوق الإنسان، وفي حالات القصاص ينبغي أن نبذل جهداً في المصالحات بين الأشخاص الذين أدينوا بأحكام نهائية وعائلات الضحايا، و الدين الإسلامي يَحُث على العفو والصلح، وهذا لا يمكن أن يتعارض مع قواعد دينية أو مجتمعية، توجد مشكلة حقيقية في وجود أشخاص محكوم عليهم بالإعدام في ظل تأخر تشكيل المحكمة الدستورية، وهو ما يعني عدم تمكنهم من استيفاء جميع درجات التقاضي الوطنية، وتوجد مشكلة اجتماعية أيضاً متصلة بأسر ومجتمع هؤلاء الأشخاص، فضلاً عن مشاكل الانتظار في السجون، وهو ما يزيد العبء على إدارة السجون ويؤثر على جودة الخدمات المقدمة للسجناء بشكل عام في ظل وضع اقتصادي متردي.
نحن نعمل حالياً مع شركاء آخرين على عقد مؤتمر حول عقوبة الإعدام بشكل عام، بالتركيز على القانون وعلى حالة الأشخاص المحكومين حالياً، الهدف من هذا المؤتمر هو فتح نقاش عميق حول هذه العقوبة وتقديم التوصيات للجهات المعنية.

*كيف تصل إليكم الشكاوى وهل هناك إستجابة سريعة من قبلكم؟
الشكاوى تصلنا بشكل مستمر عبر مكاتبنا في المركز والولايات وأيضا نتفاعل مع الشكاوى عبر وسائل التواصل الاجتماعي والبريد الالكتروني، وأحياناً نتحرك من خلال رصدنا، نحن نتفاعل بشكل سريع مع أية شكوى تصلنا، ولكن الاستجابة السريعة ليست مسؤوليتنا، نحن نخاطب الجهات المعنية بهذه الشكاوى وهي التي نطلب منها الاستجابة السريعة.

  • هنالك اتهام بوجود خلل في المنظومة الحقوقية لاسيما ان السودان غير مستعد لاحتواء ملف حقوق الانسان؟
    بكل صدق يوجد خلل جسيم، وهو خلل مركب : شقه الأول هو مؤسسات الدولة نفسها والتي لا اعتقد أن بينها تنسيق فيما يتعلق بحقوق الإنسان، نعمل وكأننا جزر منعزلة، نحن دائماً نعاني من إشكالية سوء فهم تجاه أدوارنا، في كثير من الأحيان نواجه بعوائق سببها جهة حكومية لا تفهم طبيعة عملها ولا تفهم طبيعة عملنا، نحن نؤكد دائماً بأن الدولة لا حاجة لها بأن تصرف على مؤسسة ديكور، ولسنا بحاجة لذلك أيضاً، نحن نقوم بعملنا على اعتبار أننا نعمل على مساعدة الدولة من أجل الوفاء بالتزاماتها، هنالك من يريدنا أن نكون وحدة حكومية وهذه فكرة غريبة جداً، لا أدري ما الذي يتصورونه؟ أعتقد أننا الآن بحاجة لأن نتحدث بوضوح، بالنسبة لنا لا يمكن أن نكون وحدة حكومية وهذا لا يتفق لا مع القانون ولا مع الوثيقة الدستورية، أعتقد أيضاً من المهم أن تُجرى تعديلات بشأن وضعية المؤسسة الوطنية في الوثيقة الدستورية أو في أي مسمى دستوري آخر يتفق عليه لاحقاً، المفوضية لا يمكن أن تخضع لإشراف رئيس مجلس الوزراء، هذا عيب يطعن في استقلاليتها، لسبب بسيط وهو أنها مناط بها مراقبة الأداء الحكومي في مجال حقوق الإنسان، فكيف تتحول إلى جزء من مجلس الوزراء الذي يقود العمل الحكومي؟ هذه خطيئة وقعت فيها الوثيقة الدستورية ويجب معالجتها لمصلحة المفوضية ولمصلحة البلد كلها.

*هناك إتهامات بأنكم تقفون الى جانب القوات النظامية خاصة الدعم السريع ما هو تعليقك؟
وهل هذه القوات النظامية تخص دولة أخرى؟ هي قواتنا الوطنية ونحن نعتز بها ونؤكد على أهمية دورها ونعقد عليها آمال عريضة في حماية الوطن من جميع المهددات الجسيمة، هذه القوات نعتبرها شريك لنا في مسيرة تطوير حقوق الإنسان، كما نعتبر جميع المؤسسات الحكومية شريكة، ونعتبر أن المجتمع المدني شريكنا الأساسي أيضاً، نحن لسنا في موقف مضاد لأي مؤسسة، لسبب بسيط وهو أننا مؤسسة مناط بها أن تُشكِل حلقة وصل بين الحكومة وبين المجتمع المدني، وبهذا المعنى يجب أن تتم الإشادة بنا متى ما كانت لنا علاقات جيدة مع جميع السلطات طالما أن هذه العلاقة لا تقدح في استقلالنا ولا تضعف دورنا. لا أفهم بصراحة كيف يكون أداء واجبنا تهمة؟ هذه فكرة غريبة شيئاً ما، وأعتقد فيها ما فيها من الجهل بدور المؤسسة، كما أن الوضع السياسي القائم يجعلنا في مرمى نيران فرقاء السياسة، وهو ما لا يجب أن يكون، نحن لم نتورط في الصراع السياسي، وظللنا نعمل بمنأى عن جميع المواقف السياسية بما في ذلك موقف السلطة.

*فيما يلي التشريعات هل هنالك تدابير مطمئنة ازاء التعديلات التي تمت في قانون حقوق الانسان مؤخراً؟
لا أدري عن أي قانون تتحدثون؟ لم يجري أي تعديل لأي قانون حتى الآن، ونحن حذرنا ونحذر من التعديلات التي تُجرى خارج البرلمان، لا يمكن أن تتم صياغة قانون لمؤسسة وطنية معنية بحقوق الإنسان خارج البرلمان، فكرة القوانين التي تم اجازتها عن طريق المجلس المشترك في تقديرنا ليست مثالية، ولا يجب أن تستمر، نحن نوصي بأن تتم معالجة جميع التشريعات داخل المجلس التشريعي، خلاف ذلك نكون قد ضربنا مبدأ الفصل بين السلطات في مقتل.

*قانون المرأة والطفل هل هو رادع؟
نتطلع دائماً لمعالجة جميع الشواغل ذات الصلة بحقوق النساء والأطفال، بما في ذلك تجريم جميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات، كما نتطلع لتشريعات وتدابير تضمن حماية الأطفال من مختلف الانتهاكات، بما في ذلك أشكال الاتجار بالبشر التي يكون الأطفال والنساء عرضة لها.
نحن نسجل إيجاباً التطورات التشريعية التي حدثت في الفترة الانتقالية، وبخاصة في فترة الدكتور عبد الله حمدوك، حيث وجدت إرادة بشأن معالجة شواغلنا بخصوص النساء والأطفال ونتطلع إلى تستمر هذه الجهود للوصول الى الوضعية المثالية.

*إلى اي مدى ترون أن حقوق المرأة مهضومة في السودان؟
هنالك تقدم قد حدث، وهنا لا بد من الإشادة بالحركة النسوية السودانية التي ظلت واعية بدورها، وظلت في حالة نضال مستمر من أجل تمكين النساء من جميع حقوقهن المكفولة بموجب المعاهدات الدولية التي دخلت الدولة طرفاً فيها، والمكفولة أيضاً بموجب الوثيقة الدستورية.
نحن نتطلع إلى المصادقة على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والبروتوكول الملحق بها، ونتطلع إلى المعالجات التشريعية، كما نرجو أن تتسق الممارسات والإجراءات مع القوانين والالتزامات في مجال حقوق الإنسان.

*كيف تنظرون لحال حقوق الإنسان في السودان وما هي المعوقات التي تواجهكم ؟
نحن نواجه مشاكل متعددة في مجال حقوق الإنسان، لا ينبغي انكارها، ولا يمكن تجاوزها:
أولاً: لدينا مشاكل فيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية وهذه المشاكل تعيق تمتع عدد كبير من الأشخاص من حقوق أساسية على رأسها الحق في الحياة وفي الحق في الصحة والحق في المياه الصالحة للشرب والحق في السكن اللائق وغيرها من الحقوق المكفولة بموجب مصادقة الدولة على العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمعاهدات الدولية والإقليمية الأخرى ذات الصلة، لدينا الآن مشكلة يعاني منها بعض أهلنا في مختلف بقاع السودان وبخاصة الأشخاص النازحين وهي مشكلة الحصول على الغذاء الكافي ومشكلة الحصول على التعليم ومشكلة الحصول على المأوى اللائق.
ثانياً، نحن نكرر مناشدتنا بكفالة الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير، هي حقوق ينبغي احترامها وحمايتها.
ثالثاً، نتأسف كثيراً لاستمرار إشكالية الإفلات من العقاب، الإفلات من العقاب يحبط الضحايا ويعزز تكرار الانتهاكات.

التعليقات مغلقة.