للحديث بقيةعبد الخالق بادى مقال مهم فى بريد (للحديث بقية)
للحديث بقية
عبد الخالق بادى
مقال مهم فى بريد (للحديث بقية)
السودان ما بين الإهمال والخيانة والفساد :
الاسباب والنتائج والحلول
السودان، وطننا العزيز، تعرض لإهمال شديد طيلة العقود الماضية حتى كاد أن يفلت من أيدينا ويضيع منا، وعلى الأقل، ضاع ثلثه منا للأسف الشديد.
وهذا الكلام ليس بقصد التباكي والتأسف والتحسر على ما فات، ولكن لإدراك خطورة الموقف وعظم المسؤولية، وذلك من أجل استنهاض النفوس وشحذ الهمم وتشمير السواعد …فالشعوب هي التي تعتني بأوطانها وتبني بلادها، وتحمي مقدراتها.
كنا في الماضي نتحدث عن أزمات السودان السياسية والاقتصادية والأمنية وغيرها… وصرنا الآن نتحدث عن سيادته وكيانه بل ووجوده… حتى صار أعداء السودان يتحدثون عن إنهاء (سودان ٥٦) وهم يعنون إنهاء السودان نفسه بشعبه وجيشه وحدوده ومقدراته…أو يتشدقون بما أسموه ( سودان البحر والنهر ) وهي دعوة صريحة لتقسيم السودان وذلك حتى تكون أرضه مرتعا للنهب والسلب من قبل المافيات الأجنبية والمحلية الطامعة في ثرواته.
والإهمال الذي تعرض له السودان له أسباب عديدة تتمثل في الآتي:
- ضعف الروح الوطنية وطغيان المصالح الشخصية والحزبية والقبلية والجهوية على المصلحة الوطنية العليا.
- عدم الاستقرار السياسي وتقلب السودان تحت العديد من الحكومات المدنية والعسكرية بمختلف توجهاتها وأيدولوجياتها المتناقضة.
- ضعف الحكومات الديموقراطية التي حكمت السودان وانشغالها بالصراعات فيما بينها.
- انشغال معظم الحكومات بصراعاتها وحروبها مع المعارضة على حساب تنمية وتطوير البلاد، ومعالجة ازماتها.
- انشغال الحكام والمسؤولين باجندتهم الخاصة ومصالحهم الذاتية على حساب مسؤولياتهم وواجباتهم الوطنية.
- انتشار الروح السلبية بين الكثير من قطاعات السودانيين وعدم استشعارهم لواجبهم الوطني، بغض النظر عن دور الحكومة والسلطة القائمة.
- تفشي ظاهرة الخيانة الوطنية والعمالة بين بعض الأفراد والمجموعات السودانية وموالاتها للقوى الأجنبية الإقليمية او الدولية ومن ثم خدمتها لمصالح هذه القوى والدوائر ضد مصلحة السودان.
- عدم وجود خطة استراتيجية لتنمية وتطوير السودان، وتعثر تنفيذ العديد من الخطط الاقتصادية والاجتماعية التي وضعت خلال الفترات الماضية، مما جعل البلاد تخضع للقرارات والسياسات الارتجالية والعشؤائية
- تواصل الحروب الأهلية والنزاعات التي توالت في السودان …من الجنوب.. إلى دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق والشرق… مما عطل مشاريع التنمية في هذه المناطق وأدى إلى إهدار مبالغ طائلة في هذه الحروب على حساب التنمية.
- عدم الشفافية، وغياب المحاسبة في المؤسسات الحكومية..
- انتشار المحاباة والترضيات في أجهزة الدولة.
- ضعف حكم القانون وعدم إنفاذ العدالة ضد من ارتكبوا جرائم في حق الوطن.
- على المستوى الخارجي، عدم وجود استراتيجية واضحة للسياسة الخارجية للسودان وتقلب هذه السياسة على هوى الانظمة الحاكمة.
أما نتائج ومظاهر هذا الإهمال فتتلخص فيما يلي:
- انتشار حالة من السيولة الإدارية والتسيب الكبير في الخدمة المدنية. ومؤسسات الدولة بصفة عامة.
- انتشار الفساد المالي والإداري في كافة أجهزة الدولة، (وقد تزايد هذا الفساد بصورة مريعة خلال الفترة الأخيرة)
- نهب وتهريب ثروات البلاد.بصورة واسعة ومتزايدةومكشوفة.
- انفصال جنوب السودان وخسارة البلاد لثروات بشرية وطبيعية هائلة بسبب ذلك.
-انتشار الصدامات والنزاعات القبيلة لا سيما في الأطراف بسبب الجهل و ضعف تطبيق القانون وإهمال الحكومات.
- هجرة الكوادر والخبرات في مختلف المجالات إلى خارج البلاد جراء الظروف الضاغطة في السودان، مما أثر سلبا على مختلف القطاعات.
- تردي البيئة بشكل كبير وتزايد الأمراض والأوبئة.
- تردي البنى التحتية بما في ذلك الطاقة والطرق .
- تردي الخدمات الأساسية بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية.
- ضعف القيم الدينية و الاجتماعية وانتشار ظواهر أخلاقية واجتماعية سالبة.
- انحسار دور السودان الإقليمي والدولي، وحتى بين جيراته .
- تزايد أطماع الدول والدوائر الأجنبية في السودان.
- المؤامرة الخبيثة الأخيرة التي كادت أن تودي بالسودان، ومازالت آثارها و ذيولها مستمرة.
وبعد،
فهذا هو حال السودان الآن …وحتى يمكننا إخراجه من هذه الوهدة والمحافظة عليه وتحقيق استقراره وتقدمه، لا سبيل لنا إلا بإجراء مراجعة شاملة لكل هذه الأوضاع عبر تجمع وطني شامل تناقش فيه كل أسباب الأزمات والكوارث التي حلت ومازالت تحل ببلادنا وتوضع لها الحلول و المعالجات الدينية و الأخلاقية والقانونية والسياسية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية اللازمة ومن ثم يخرج السودان من هذه الحالة المؤسفة وينطلق إلى الأمام.د بمشيئة الله تعالى.
د. عبد المهيمن عثمان بادي
أبوحا
١ اكتوبر ٢٠٢٣م
التعليقات مغلقة.